يواجه الموظفون في القطاعين العام والخاص في لبنان صعوبات متزايدة في الحصول على رواتبهم، نتيجة للقيود التي تفرضها المصارف على السحوبات، بالتوازي مع إغلاق العديد من الفروع. هذه الإجراءات، التي تتم بعلم المصرف المركزي ولجنة الرقابة على المصارف، تعيق قدرة الموظفين على الوصول إلى رواتبهم في الوقت المناسب وبشكل كامل.
وفقاً لفؤاد بزي، تفاقمت هذه المشكلة مع إقفال المصارف لعدد كبير من فروعها، حيث انخفضت بنسبة 40.2% من 1058 فرعاً في كانون الأول 2019 إلى 633 فرعاً في حزيران 2025، ما يحوّل عملية سحب الراتب إلى معاناة حقيقية.
في البداية، كانت تهدف سياسة تقييد السحوبات إلى الحد من تدفق الليرة إلى السوق، لكنها أثرت بشكل مباشر على رواتب الموظفين. ورغم مرور ست سنوات على الانهيار النقدي والمصرفي، لا تزال المصارف تتبع السياسة نفسها دون سند قانوني.
ومع تحول الرواتب إلى الدولار، الذي يفترض ألا يؤثر على احتياطي الليرة، يستمر الموظفون في الاصطفاف في طوابير طويلة أمام الصرافات الآلية لسحب رواتبهم، بسبب السقوف المحددة أو نفاد الدولارات.
بدأت هذه الحقبة الصعبة مع إقفال المصارف في تشرين الأول 2019، ومنذ ذلك الحين، يواجه الموظفون تحديات مستمرة، مثل الانتظار الطويل والتنقل بين الصرافات للعثور على صراف متاح أو يحتوي على أموال.
يزداد الوضع سوءاً إذا تزامن نهاية الشهر مع نهاية الأسبوع، حيث تكون الصرافات الآلية في عطلة، ما يؤخر صرف الرواتب.
يلجأ بعض الموظفين إلى حلول بديلة، مثل إعطاء بطاقاتهم المصرفية لزملائهم لسحب رواتبهم، وهي ظاهرة تشبه "معتمد القبض" التي كانت سائدة قبل توطين الرواتب في المصارف. وتعتبر هذه الطريقة شائعة بين العسكريين الذين يخدمون في بيروت ومحيطها، حيث يقومون بسحب رواتب زملائهم من مصارف العاصمة ونقلها إلى المحافظات الأخرى.
على سبيل المثال، يحمل الرقيب في الجيش مصطفى 15 بطاقة مصرفية، تعود 11 منها إلى زملاء له في الخدمة و4 لأقارب متقاعدين، يقيمون جميعاً في عكار، حيث الفروع المصرفية الأقرب إليهم هي في طرابلس. ويقول مصطفى إن الذهاب من عكار إلى طرابلس "رحلة غير مضمونة"، لذا يفضل زملاؤه وأقاربه انتظاره حتى نهاية الأسبوع للحصول على رواتبهم.
لا تقتصر المشكلة على المناطق البعيدة عن بيروت، بل تشمل الضواحي أيضاً، حيث أقفلت بعض المصارف فروعاً أساسية، ما زاد الضغط على الفروع المتبقية. على سبيل المثال، أغلق مصرف "فرنسبك" فرعه في منطقة المريجة، وحوّل عملاءه إلى فرعه في المشرفية. والأمر نفسه قام به مصرف "الاعتماد اللبناني" الذي أقفل 3 فروع في برج البراجنة والرويس والحدث، وركّز الضغط على فرع واحد في المشرفية.
بالإضافة إلى إقفال الفروع، لا تزال السحوبات محكومة بسقوف يومية وأسبوعية. ورغم أن موظفي القطاع العام لا يعانون من هذه المشكلة بسبب انخفاض قيمة رواتبهم، فإن العاملين في القطاع الخاص يواجهون صعوبة في سحب كامل قيمة الأجر دفعة واحدة. على سبيل المثال، تشير مريم إلى أن "مصرف لبنان والمهجر" لا يسمح بسحب أكثر من ألف دولار يومياً من الصراف الآلي، ما يضطرها إلى زيارة الفرع مرتين على الأقل للحصول على أجرها الشهري.
كما تشكل "الفراطة" مشكلة إضافية، حيث لا تتوفر بشكل دائم، أو تتوفر في فروع محدّدة، ما يدفع الموظف إلى سحب راتبه من صراف ثم التوجه إلى صراف آخر للحصول على "الفراطة" التي تقل قيمتها عن 100 دولار.
المصدر: أخبار سوريا الوطن