الخميس, 8 مايو 2025 04:46 PM

كارثة تهدد الثروة الحيوانية في الرقة: تفشي الحمى القلاعية يثير قلق المربين ومناشدات للإنقاذ

كارثة تهدد الثروة الحيوانية في الرقة: تفشي الحمى القلاعية يثير قلق المربين ومناشدات للإنقاذ

تشهد محافظة الرقة تفشياً خطيراً لمرض الحمى القلاعية بين قطعان الأبقار، ما أسفر عن نفوق العشرات منها، وسط مخاوف متصاعدة من امتداد العدوى إلى مناطق أوسع، في ظل ضعف التدابير الوقائية ونقص الدعم البيطري اللازم. ويأتي هذا التفشي وسط ظروف صعبة يعيشها مربو الماشية الذين يعتمدون على الأبقار كمصدر أساسي للرزق، ما يزيد من حدة الأزمة الاقتصادية والاجتماعية في المنطقة.

الحمى القلاعية هي مرض فيروسي معدٍ يصيب الأبقار والحيوانات المجترة الأخرى، ويؤدي إلى أعراض شديدة مثل ارتفاع درجات الحرارة، فقدان الشهية، تقرحات في الفم والضرع، وتراجع في المناعة، ما يتسبب غالباً في نفوق الحيوان المصاب إذا لم يُعالج بشكل سريع. وتُعد سرعة انتشار المرض من أبرز مخاطره، إذ ينتقل عبر التلامس المباشر أو من خلال روث الحيوانات المصابة، وكذلك عن طريق الهواء أو الأدوات الملوثة. وبحسب إفادة الدكتور البيطري خليل الإبراهيم، فإن موجة الحمى القلاعية الحالية مختلفة عن سابقاتها من حيث شدة العدوى وسرعة الانتشار، مشيراً إلى أنها أدت إلى نفوق عشرات الأبقار في ريف الرقة خلال فترة قصيرة. وأكد الإبراهيم في تصريح خاص لموقع “سوريا 24” على أهمية العزل الفوري للأبقار المصابة وتطعيم الأبقار السليمة بالمضادات الوقائية المتوفرة، كخطوة أساسية للحد من انتشار المرض وإنقاذ ما تبقى من الثروة الحيوانية.

من جهته، يروي معاوية العلي، 31 عاماً، من سكان قرية “الحكومية” شمال الرقة، تجربته المؤلمة مع المرض قائلاً: “لدي عشرة رؤوس من الأبقار، وقد فقدت واحدة منها بسبب الحمى القلاعية. قد يبدو العدد قليلاً، لكنه يمثل خسارة فادحة لي، فأنا لا أملك أي مصدر دخل آخر”. وأوضح العلي أن العدوى انتقلت إلى أبقاره بعد اختلاطها بأبقار مصابة في سوق المواشي أثناء عمليات البيع والشراء، حيث لا توجد أي إجراءات صحية أو رقابية. وفي السياق ذاته، يؤكد مصطفى عليوي، 47 عاماً من قرية حطين، وهو مربي أبقار منذ أكثر من عشرين عاماً، أنه لم يشهد من قبل مثل هذا الانتشار السريع للمرض. يقول العليوي: “كنا نواجه في السابق حالات فردية ونعالجها بخافضات حرارة دون أن تنتقل العدوى إلى باقي القطيع، أما الآن فالوضع مختلف تماماً”. ويرى أن مصدر المرض على الأرجح يعود إلى الأبقار المستوردة من العراق عبر معابر غير خاضعة لرقابة بيطرية، محملاً قوات سوريا الديمقراطية (قسد) مسؤولية التقصير في هذا الجانب.

تعاني الرقة من ضعف واضح في البنية التحتية البيطرية، إضافة إلى غياب حملات التوعية واللقاحات الوقائية، ما يجعل من مواجهة تفشي الحمى القلاعية تحدياً كبيراً للمربين والجهات المعنية. ويشير عدد من المربين إلى أنهم لم يتلقوا أي دعم حكومي أو مساعدات طبية منذ بدء ظهور المرض، ما اضطرهم لاستخدام وسائل تقليدية لا تحقق النتائج المرجوة.

بالنظر إلى تفاقم الأزمة، يناشد مربو الماشية في الرقة الجهات المعنية، سواء المحلية أو الدولية، بضرورة التدخل العاجل من خلال توفير اللقاحات اللازمة، وإطلاق حملات طبية بيطرية متنقلة تشمل التوعية، وتعقيم الحظائر والأسواق، بالإضافة إلى فرض رقابة صارمة على المعابر الحدودية لمنع دخول حيوانات مصابة. فاستمرار غياب التدابير الوقائية والرقابة البيطرية ينذر بكارثة حقيقية تهدد الأمن الغذائي في المنطقة، ويفاقم من معاناة آلاف الأسر التي تعتمد على تربية المواشي كمصدر رزق وحيد لها، في ظل واقع اقتصادي هش ومتدهور.

مشاركة المقال: