الإثنين, 21 أبريل 2025 11:09 PM

كيف يشعل "الذباب الإلكتروني" الفوضى في سوريا؟.. تحليل لآلية عمله وأهدافه

كيف يشعل "الذباب الإلكتروني" الفوضى في سوريا؟.. تحليل لآلية عمله وأهدافه

منذ بداية الأزمة في سوريا، انتشرت حسابات وهمية أثارت الفوضى على وسائل التواصل الاجتماعي، تُعرف بـ "الذباب الإلكتروني". استغلت هذه الحسابات غياب المصادر الرسمية الموثوقة، ونشرت أخبارًا مضللة تسببت في تأجيج النزاعات الاجتماعية والسياسية من خلال تضخيم الخلافات ونشر الشائعات.

ما هو "الذباب الإلكتروني"؟

"الذباب الإلكتروني" مصطلح يطلق على حسابات وهمية تدار بشكل جماعي ومنهجي للتأثير على الرأي العام وتضليل الجمهور، والترويج لأجندات سياسية أو أيديولوجية. تهاجم هذه الحسابات المعارضين والشخصيات العامة، وتنشر دعاية معينة، وغالبًا ما تتبع لجهات حكومية أو مجموعات سياسية وأمنية أو شركات خاصة. يشمل هذا المصطلح مسميات أخرى مثل "المتصيدون" و"BOO" و"BOTNET"، والتي قد تدار بواسطة برامج آلية أو أشخاص بشكل غير مباشر.

يرى خبراء تقنيون أنها شبكة من أجهزة الكمبيوتر المصابة ببرامج ضارة يتحكم بها مدير "الروبوتات"، الذي يستخدمها لشن هجمات لتعطيل الشبكات، أو حقن البرامج الضارة، أو سرقة البيانات، أو تنفيذ مهام تتطلب قوة معالجة كبيرة. كل جهاز داخل هذه الشبكة يسمى "Bot".

آلية العمل

يشرح الخبير في أمن وتكنولوجيا المعلومات نضال فاعور آلية عمل "الذباب الإلكتروني" كالتالي:

  • إنشاء حسابات وهمية: باستخدام أدوات آلية ("Bots") أو أفراد مدربين ("Trolls")، بأسماء وصور وسير ذاتية مزيفة.
  • العمل المنسق: تنسيق الحسابات عبر مجموعات مغلقة (واتساب، تلجرام، فيسبوك) لتحديد "هاشتاغات" ومواضيع للنقاش أو شخصيات للهجوم.
  • الانتشار السريع والتفاعل المصطنع: تكرار المنشورات، وإعادة التغريد، والتعليق الجماعي، أو التفاعل الزائف لرفع محتوى معين.
  • خلق "وهم الإجماع": لخلق انطباع بأن "الرأي العام" يتجه نحو رأي معين، مما يؤثر على الجمهور.

كيفية رصد "الذباب الإلكتروني" في سوريا

يمكن كشف "الذباب الإلكتروني" عبر عدة إشارات، بحسب الخبير فاعور:

  • سلوك الحساب: نشاط مكثف في ساعات معينة، وإعادة التغريد لمصادر محددة دون تعليق شخصي، ومشاركات سطحية أو عدوانية.
  • محتوى موحد: نسخ نفس النص عبر حسابات متعددة، واستخدام نفس "الهاشتاغات" والمنشورات بشكل متزامن.
  • البيانات التقنية: تحليل التوقيت، واللغة، ونظام التشغيل، والموقع الجغرافي باستخدام أدوات "OSINT" أو برامج مثل "Hoaxy" و"Botometer" (لتويتر: "Tweepy" مع "Python"، ولوفيسبوك: "CrowdTangle").
  • عدم وجود حياة رقمية حقيقية: غياب التفاعل الطبيعي، والمنشورات الشخصية، والصور العائلية، والأصدقاء الحقيقيين.

يمكن رصد "الذباب الإلكتروني" في سوريا بتحليل "الهاشتاغات" والمحتوى المتكرر، ومراقبة توقيت الحملات وتزامنها مع الأحداث السياسية والأمنية، ومقارنة المحتوى مع روايات الإعلام الرسمي، واستخدام أدوات تحليل البيانات و"OSINT" لمطابقة سلوك الحسابات.

من يقف خلف هذه الحسابات؟

غالبًا ما تدير هذه الحسابات جهات مرتبطة بالحكومة، أو الأجهزة الأمنية، أو المكاتب الإعلامية، أو جهات متحالفة مع النظام. قد تشمل أيضًا مجموعات حزبية أو شركات خارجية تُستأجر لتنفيذ حملات دعائية. الهدف هو توجيه الرأي العام وفقًا لأجندة معينة، وتشويه صورة المعارضين والناشطين والإعلاميين، ونشر الخوف والبلبلة والإحباط، ومحاولة السيطرة على "الرواية الإعلامية".

إجراءات غير حازمة

يحذر الخبير نضال فاعور من التأثير النفسي والاجتماعي الكبير لحملات "الذباب الإلكتروني" على المجتمع السوري، خاصة في البيئات منخفضة الوعي الرقمي. يمكن أن تؤدي هذه الحملات إلى تدمير السمعة، والتحريض على العنف، أو حتى الاعتقالات.

يشير فاعور إلى وجود تساهل في الحد من هذه الحملات الإلكترونية في سوريا. وحدة الجرائم الإلكترونية تستهدف الجرائم الرقمية بشكل ظاهري فقط، ولا تستهدف "الذباب الإلكتروني" الحكومي، بل قد يستخدم "الذباب الإلكتروني" للدفاع عن أشخاص ذوي نفوذ أو مهاجمة الخصوم. نادرًا ما تتخذ الحكومات إجراءات فعلية ضد هذه الحسابات إلا إذا كانت معارضة أو تهدد الخط الرسمي.

مشاركة المقال: