الثلاثاء, 22 أبريل 2025 01:09 AM

مأساة في مشفى حلب الجامعي: مرضى يعانون وأجهزة تحتضر.. نداءات لإنقاذ القطاع الصحي

مأساة في مشفى حلب الجامعي: مرضى يعانون وأجهزة تحتضر.. نداءات لإنقاذ القطاع الصحي

في أروقة مشفى حلب الجامعي، أحد أكبر المراكز الطبية في سوريا، تتقاطع حكايات المرضى والمرافقين مع واقع صحي يزداد صعوبة، حيث تتراكم المشكلات من نقص الأدوية والمستلزمات، إلى تهالك البنية التحتية وارتفاع تكاليف العلاج، وسط تراجع مزمن في التمويل وغياب تحديث فعّال للمعدات.

عثمان الأحمد، من مدينة منبج، يرافق ابنه المصاب بورم خبيث، ويقول لمنصة: “الوضع تحسّن عن المرة الماضية، التحاليل ماشية، وباقي تحليل واحد نقوم به خارج المشفى، وهو تحليل الإبروجين”، لكنه يشير إلى عبء التكاليف الثقيلة: “منذ الصباح صرفت 900 ألف ليرة سورية، وأنا أستاذ مدرسة براتب 300 ألف، وكل جرعة علاج يحتاجها ابني تساوي راتب أربعة أشهر دون طعام أو شراب. أتمنى تأمين الأدوية في أقرب وقت”.

خدمات متفاوتة وشكاوى من نقص الأدوية

حسين، مرافق مريض يعاني من ذات الرئة، يشير إلى تحسن نسبي في التنظيم: “استقبلونا يوم الثلاثاء، واليوم صورنا وخرج… بشكل عام الخدمات جيدة، النظافة ممتازة، والأطباء والممرضات متواجدون بكثرة”. أما الحاجة أم صبري، وهي مريضة تعاني من انسداد في مجرى الدمع، فتقول: “المعاملة في مشفى الجامعة أفضل بكثير من مشافٍ أخرى. الأدوية إن توفرت يعطوننا إياها، وإن لم تتوفر نشتريها. ما زلت أنتظر نتائج الفحوصات لتحديد إن كنت سأجري العملية أم لا”.

مدير المشفى: نقص حاد وتآكل في البنية التحتية

الدكتور إبراهيم الأسعد، مدير مشفى حلب الجامعي، يؤكد أن: “معظم أجهزة المشفى قديمة جداً وتحتاج إلى استبدال، يشمل ذلك أقسام العناية المشددة، الإسعاف، غسيل الكلى، وأقسام العمليات الجراحية… البنية التحتية متهالكة، ولم يتم تحديثها منذ سنوات طويلة”. ويضيف في حديثه لـ: “هناك خطة للتنسيق مع وزارة الصحة ومديرية صحة حلب وبعض المنظمات الطبية، لكن مستوى التمويل ما يزال خجولاً. فمثلاً، جهاز الرنين المغناطيسي يحتاج إلى قطعة بورد بقيمة 16 ألف دولار، ونحن عاجزون عن تأمينها”.

نقص المستلزمات يؤجل عمليات حاسمة

بحسب الأسعد، فإن النقص في الأدوية شديد، حتى في المواد الإسعافية وأدوية التخدير والصادات الحيوية، مما يضطر المرضى إلى شرائها على نفقتهم الخاصة. كما يتم تأجيل العديد من العمليات الجراحية لعدم توفر مستلزمات أساسية مثل الشبكات القلبية، المفاصل، سياخ العظام، والمستهلكات العصبية.

قطاع صحي في أزمة… والحاجة إلى 1.5 مليار دولار لإعادة التأهيل

الوضع في مشفى حلب الجامعي يعكس أزمة أوسع في القطاع الطبي السوري. تشير تقديرات منظمة الصحة العالمية إلى أن 48% من المنشآت الصحية في سوريا خارج الخدمة أو تعمل جزئيًا، بينما قدّرت الإسكوا والبنك الدولي أن القطاع الصحي السوري بحاجة إلى 1.5 مليار دولار كحد أدنى لإعادة تأهيل البنية التحتية، دون احتساب تكاليف التدريب والتجهيز المستدام. وفي ظل هجرة أكثر من 70% من الأطباء السوريين منذ عام 2011، تعاني المنشآت المتبقية من ضعف تأهيل الكوادر لغياب البيئة المناسبة للتدريب، وفقًا لبيانات “أطباء بلا حدود” و”ميد غلوبال”.

طلاب الطب في مواجهة أجهزة متهالكة

يؤكد الأسعد أن نحو 990 طالب دراسات عليا يتدربون في المشفى، إضافة إلى طلاب السنوات السريرية في كلية الطب. “لكن مع قدم الأجهزة وغياب التدريب العملي المتطور، بات من الصعب تأهيل أطباء بكفاءة كافية لمواجهة التحديات الطبية المعقدة”.

دعوات عاجلة لإنقاذ ما تبقى

تشير بيانات مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية (OCHA) إلى أن أكثر من 12 مليون سوري بحاجة إلى رعاية صحية منتظمة، فيما تقل قدرة التحمل المالي للرعاية الصحية عن 30% من السكان. ويطالب مدير مشفى حلب الجامعي، في ختام حديثه، المنظمات الدولية المعنية بالقطاع الصحي بدعم المشفى بالأجهزة الحديثة والمستهلكات الطبية، مؤكدًا أن “جميع الدراسات موجودة، لكنها تحتاج إلى من يجعلها واقعًا على الأرض”.

مشاركة المقال: