لم تُخفِ عطلة عيد الاستقلال الترددات السياسية الداخلية لكلمة رئيس الجمهورية العماد جوزف عون التي ألقاها عشية العيد، والتي تضمنت مبادرة من خمسة بنود لاستكمال نشر الجيش اللبناني حتى الحدود، والتحقق من بسط سلطته في جنوب الليطاني، والشروع في مفاوضات مع إسرائيل لتكريس وقف الأعمال العدائية.
في حين بدت ردود الفعل الداخلية الأولية على هذه المبادرة مشجعة، إلا أن الصورة الأوسع لا تزال غير مكتملة، إذ لم تعلق عليها قوى أساسية بعد. والأهم من الترددات الداخلية، والذي يشغل الأوساط الرسمية، هو رصد الأصداء الخارجية على المبادرة، وما إذا كانت ستخرق جدار التجاهل الذي واجهت به الدعوات المتكررة التي أطلقها الرئيس عون إلى التفاوض مع إسرائيل قبل أسابيع.
المعطى البارز الذي واكب رصد ردود الفعل على مبادرة عون تمثل في إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب، ردًا على سؤال مراسل لبناني في واشنطن، أنه سيدعو الرئيس جوزف عون إلى زيارة البيت الأبيض، دون إعلان أي تفاصيل إضافية أو تلميح إلى أي توقيت. هذا التطور خفف نسبيًا صورة التوتر التي سادت في الأيام الأخيرة إثر إلغاء زيارة قائد الجيش العماد رودولف هيكل إلى واشنطن، وأطلق التساؤلات عن المعطيات المهمة والمفصلية في موقف الإدارة الأميركية حين توجه الدعوة إلى رئيس الجمهورية لزيارة واشنطن.
استبعدت مصادر مطلعة أن يكون تأكيد الرئيس ترامب لاعتزامه استقبال الرئيس اللبناني، من دون تحديد موعد، مرتبطًا بما أعلنه عون، إذ أن الأمر بدا مقررًا مسبقًا ولا صلة له بمبادرة عون، ولا يزال مبكرًا الجزم بما سيكون عليه موقف واشنطن منها قبل مرور بضعة أيام على الأقل.
كما أن بيان معايدة وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو للبنان بمناسبة عيد الاستقلال لم يكن ذا ارتباط بتطور معين، ولكنه اتسم بمنحى إيجابي مشجع للحكومة اللبنانية، إذ قال: "اتّخذت الحكومة اللبنانية هذا العام خطوات شجاعة لتعزيز مستقبل أكثر إشراقًا للشعب اللبناني. وستستمرّ الولايات المتحدة في الوقوف إلى جانب لبنان والعمل معه من أجل تعزيز الاستقرار والازدهار الاقتصادي في لبنان وفي مختلف أنحاء المنطقة".
مع ذلك، لم تغب المواقف الأميركية التي تحمل مؤشرات سلبية، ومنها ما نقل عن مسؤول أميركي أمس من أنّ "الجيش اللبناني يقوم بعمليات نزع سلاح حزب الله لكنه لا يملك قدرات كبيرة". وأضاف لقناة "الحدث": "ربما لا يقوم الجيش اللبناني بما يكفي لنزع سلاح حزب الله"، وقال: "ما يحدث في لبنان يساهم في إعادة تمكين حزب الله". وتابع: "حزب الله يتلقّى المزيد من السلاح من إيران". ولفت المسؤول الأميركي إلى أنّ "واشنطن تسهّل الاتصالات بين لبنان وإسرائيل من خلال اللجنة الخماسية"، مضيفًا: "نتابع مع الجيش اللبناني تبادل المعلومات لنزع سلاح حزب الله".
أما في الأصداء الداخلية لكلمة الرئيس عون، فبرزت مسارعة الرئيس السابق للحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط إلى الإشادة بها، فكتب على منصة "أكس": "من صور وضع رئيس البلاد جوزف عون تصوراً واضحاً لتحرير الجنوب وسيادة الدولة وحصرية السلاح. من صور المقاومة تاريخيًا أرسى رئيس البلاد أفضل طريقة وتصوّر للمستقبل".
في غضون ذلك، عقد قائد الجيش العماد رودولف هيكل في اليرزة اجتماعًا استثنائيًّا، حضره أركان القيادة وقادة الوحدات والأفواج العملانية، وعدد من الضباط، وتناول فيه آخر التطورات التي يمر بها لبنان والجيش في ظل المرحلة الاستثنائية الحالية. وتوجه إلى الحاضرين بالقول: "تكتسب وحدة اللبنانيين وتَضامنهم أهمية استثنائية في المرحلة الحالية، بخاصة حول الدور الوطني للجيش وضرورة تعزيز قدراته، وبسط سلطة الدولة على جميع أراضيها، ووقف الاعتداءات وإنهاء الاحتلال الإسرائيلي في الأراضي اللبنانية".
وأضاف: "في ما خص خطة الجيش في منطقة جنوب الليطاني، فإنها تسير وفق الجدول الزمني المحدَّد لها، والخطوات التي تحققت خلال المرحلة الماضية تُعد إنجازًا كبيرًا، وقد قدمت المؤسسة العديد من الشهداء والجرحى من أجل القيام بواجبها، ولا بد من الوفاء لدمائهم وتضحياتهم. وينبغي أن نشيد بوقوف أهالي الجنوب إلى جانب الجيش ودوره الوطني".
واعتبر أن لبنان ملتزم باتفاق وقف الأعمال العدائية وبالقرار ١٧٠١ بالتعاون مع قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان – اليونيفيل. وشدد على أن "المؤسسة تحرص على أفضل العلاقات مع الدول والجيوش الصديقة، وتسعى إلى التعاون معها خدمة لمصلحة الجيش والوطن".
على الصعيد الميداني، سجلت جولة تصعيدية إسرائيلية واسعة استهدفت بغاراتها بعد الظهر جرد شمسطار في قضاء بعلبك حيث أفيد عن سقوط إصابات. بالتزامن، استهدفت غارات إسرائيلية محيط الجرمق والمحمودية ومرتفعات الجبور ومحيط مقام النبي سجد في النبطية جنوبًا. وشن الطيران الحربي الإسرائيلي غارات جوية مستهدفًا منطقة الجبل الرفيع لجهة عربصاليم. وأعلن الجيش الإسرائيلي "أننا هاجمنا منصات إطلاق صواريخ قصيرة المدى جنوب لبنان كانت موجهة إلى إسرائيل". وتابع: في غارة بمنطقة البقاع هاجمنا موقعيْن عسكرييْن لحزب الله تم رصد داخلهما نشاطات لعناصر بالإضافة إلى مستودعات أسلحة ومبانٍ عسكرية أخرى".
وكتب المتحدث باسم الجيش الاسرائيلي أفيخاي أدرعي عبر حسابه على منصة "إكس": "أغار الجيش الاسرائيلي قبل قليل على منصات صاروخية لحزب الله والتي تم رصدها أخيرًا وتم وضعها داخل مواقع عسكرية في جنوب لبنان .في غارة أخرى بمنطقة البقاع هاجم الجيش الاسرائيلي موقعيْن عسكرييْن لحزب الله تم رصد داخلهما نشاطات لعناصر بالإضافة إلى مستودعات أسلحة ومبان عسكرية أخرى . أضاف: "وجود المنصات الصاروخية والأنشطة العسكرية داخل المواقع المستهدفة يشكلان خرقًا للتفاهمات بين إسرائيل ولبنان حيث سيواصل الجيش الاسرائيلي العمل لإزالة أي تهديد على إسرائيل".
وقرابة الرابعة عصرًا، استهدفت غارة من مسيّرة سيارة في وادي نحلة بين بلدتي شقرا ومجدل سلم.
وكان قتل صباحًا الشاب كامل رضا قرنبش من بلدة زوطر الشرقية جراء استهداف مسيرة اسرائيلية بغارة جوية سيارته من نوع "رابيد" التي كان يقودها على طريق عين السماحية في بلدته زوطر الشرقية.
أخبار سوريا الوطن١-وكالات-النهار