تستعد الأمم المتحدة لتعيين مبعوث خاص جديد إلى سوريا، وسط توقعات بأن يكون دبلوماسياً مصرياً، وذلك عقب استقالة المبعوث النرويجي غير بيدرسون في 18 سبتمبر الماضي، بعد سبع سنوات قضاها في المنصب دون تحقيق أي تقدم سياسي، وفقاً لتقرير نشرته مجلة Intelligence Online الفرنسية.
منذ اندلاع الثورة السورية في عام 2011، تعاقب على الملف السوري سلسلة من المبعوثين الأمميين دون تحقيق نتائج ملموسة. ففي عام 2011، انتدبت الجامعة العربية أول بعثة مراقبين بقيادة الفريق السوداني محمد الدابي، الذي واجه انتقادات واسعة بسبب دعمه للرئيس السوداني عمر البشير في جرائم دارفور، واستقال في 12 فبراير 2012 بعد فشله في وقف العنف. ثم انتقل الملف إلى الأمم المتحدة.
في عام 2012، تولى الأمين العام الأسبق للأمم المتحدة كوفي عنان المهمة، وطرح خطة النقاط الست التي طالبت بوقف العنف وإطلاق عملية سياسية، وأطلق مؤتمر جنيف 1 الذي نص على إنشاء هيئة حكم انتقالية. ولكن مع تصاعد العنف وغياب التوافق الدولي، استقال عنان بعد أشهر قليلة، معتبراً أن النظام والمعارضة لم يلتزما بخطته.
تبعه الدبلوماسي الجزائري الأخضر الإبراهيمي (2012-2014) في مهمة وصفها بـ "شبه المستحيلة"، وقاد مؤتمر جنيف 2، لكنه تبنى سردية النظام حين وصف الثورة بأنها "حرب أهلية"، وفتح المجال لإيران لتصبح لاعباً في المسار السياسي، مما أثار انتقادات واسعة، واستقال بعد فشل مفاوضات جنيف 2، تاركاً الملف أكثر تعقيداً.
ثم تولى الدبلوماسي السويدي الإيطالي ستيفان دي ميستورا (2014-2018) المهمة وقدم أفكاراً جديدة، أبرزها "المناطق المجمدة" بدءاً من حلب، لكنه انخرط في مسارات جانبية مثل أستانة وسوتشي برعاية روسيا، مما أضعف مسار جنيف الأممي، واتُهم بالانحياز للنظام وبتضييع الوقت، وأعلن استقالته في 2018 بعد عجزه عن إحراز أي تقدم سياسي.
أخيراً، عينت الأمم المتحدة الدبلوماسي النرويجي غير بيدرسن مبعوثاً أممياً إلى سوريا (2018-2025)، وركز على تفعيل اللجنة الدستورية وفق القرار 2254، لكن عملها تعطل بالكامل، وقدم مقترح "خطوة مقابل خطوة"، الذي اعتبره السوريون تمييعاً للمسار السياسي، ومع سقوط الأسد، فقدت مرجعيات عمله معناها، فانحصر دوره في إدارة الأزمة لا حلها، ليعلن استقالته بعد نحو سبع سنوات.
ورغم إصدار الأمم المتحدة عشرات التقارير وإقرار قرارات مهمة مثل القرار 2254، إلا أن غياب آلية إلزامية للتنفيذ جعل دورها أقرب إلى الوساطة الشكلية، خصوصاً مع تصاعد نفوذ روسيا وإيران ثم انخراط تركيا والولايات المتحدة في المشهد.
اليوم، ومع بدء مرحلة جديدة بقيادة الرئيس أحمد الشرع، وفتح قنوات جديدة مع موسكو وعواصم عربية، يبرز سؤال محوري: هل سيتمكن المبعوث الأممي الخامس المرتقب من لعب دور حقيقي في صياغة مستقبل سوريا الجديدة؟
اخبار سورية الوطن 2_وكالات _الحرية