أعلنت عنب بلدي، في الرابع عشر من حزيران الجاري، عن انطلاق مجلس الأعمال الأمريكي-السوري رسميًا من واشنطن، كمنظمة مستقلة غير ربحية وغير سياسية، تتخذ من العاصمة الأمريكية مقرًا لها. ووفقًا لبيان صادر عن المجلس، جاء الإعلان عن تأسيسه بعد اللقاء الذي جمع الرئيس السوري للمرحلة الانتقالية، أحمد الشرع، بالرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، والإعلان الرسمي عن بدء رفع العقوبات الاقتصادية المفروضة على سوريا.
يُعد مجلس الأعمال الأمريكي-السوري من أوائل المجالس المشتركة التي أعيد تفعيلها عقب سقوط النظام المخلوع، مع توقعات بالإعلان عن تشكيل مجلس الأعمال البريطاني-السوري قريبًا. يتكون المجلس من مجلس إدارة ومجلس استشاري يضمان نخبة من الخبراء في مجالات التجارة والقانون والضرائب والصناعة والتكنولوجيا، بالإضافة إلى فريق تنفيذي متفرغ.
الأعضاء المؤسسون
أعضاء مجلس الإدارة:
- جهاد سلقيني: رجل أعمال ومؤسس والمدير التنفيذي لشركة “Tecore Networks”.
- عصام غريواتي: رئيس غرفة تجارة دمشق ورجل أعمال.
- عبد الحميد العاقل: رجل أعمال ومؤسس والرئيس التنفيذي لشركة “T-Cetra”.
- ماركي بريتن: سيدة أعمال من شركة “Ammoora Hospitality”.
- باسل عجة: رجل أعمال والرئيس التنفيذي لشركة “LigaDATA”.
أعضاء المجلس الاستشاري:
- سمير صابونجي: محامٍ ومستشار قانوني ومسؤول سياسات.
- كمال هيكل: محامٍ ومستشار قانوني ورجل أعمال، من شركة “Officelogix”.
- لؤي الحمصي: مستشار مالي ورجل أعمال من شركة “InnoTech”.
بهدف الحديث عن أهمية إعادة تفعيل مجالس الأعمال المشتركة ودورها في الوقت الراهن، وآلية عمل مجلس الأعمال الأمريكي-السوري وخطة عمله، وتأثير ذلك على سوريا، التقت عنب بلدي بعضو المجلس عبد الحميد العاقل، وهو رجل أعمال ومؤسس والرئيس التنفيذي لشركة “T-Cetra” المتخصصة بالتكنولوجيا والاتصالات والتلفزيون. يذكر أن عبد الحميد العاقل حصل على جائزة “إرنست ويونغ” لريادة الأعمال لعام 2022، وكان مرشحًا نهائيًا على المستوى الوطني لمساهمته في قطاع التكنولوجيا المالية، وأسس شراكات استراتيجية مع شركات مثل “Verizon” و”Amazon” و”Google”.
ضرورة للشراكات الأجنبية
أكد رجل الأعمال عبد الحميد العاقل على ضرورة إعادة تفعيل مجالس الأعمال المشتركة، مشيرًا إلى أن سوريا تمتلك طاقات وخبرات سورية كبيرة في الخارج ترغب في إعادة إعمار سوريا، بالإضافة إلى رغبة الشركات الأجنبية في التفاعل مع الوضع السوري الجديد. وأوضح أنه في ظل غياب العديد من السفارات الأجنبية في سوريا، يمكن لمجالس الأعمال المشتركة أن تلعب دورًا فعالًا في تسهيل وصول هذه الشركات إلى سوريا وتفعيل الشراكات المختلفة. ويرى العاقل ضرورة تفعيل مجالس الأعمال السورية الأوروبية في عدة مدن أوروبية لتكون بوابة للشركات للانخراط في السوق السورية اقتصاديًا وتجاريًا.
في الثامن عشر من حزيران الجاري، نظم مجلس الأعمال الأمريكي-السوري لقاءً ضم أكثر من 15 ممثلًا رفيع المستوى عن أكبر المؤسسات المالية الغربية، بالإضافة إلى خمسة من أبرز المصارف الخاصة في سوريا، ومصرف سوريا المركزي، وممثلين عن حكومتي الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، والاتحاد الأوروبي، والأمم المتحدة، والسفير الأمريكي لدى تركيا والمبعوث الخاص إلى سوريا توم براك. كان الهدف من اللقاء عرض مقومات التنمية في القطاع المصرفي السوري، ومزايا الاستثمارات المالية والمصرفية في سوريا أمام المؤسسات المالية الأمريكية والعالمية. وأشار عبد الحميد العاقل إلى أن قضية البنوك تمثل أولوية وحلها مفتاح رئيس لدخول جميع المجالات، ما دفعهم للتواصل مع عدد من البنوك الأمريكية وجمعها بجهات سورية، بهدف عرض الواقع المصرفي والمالي وتذليل العقبات.
رفع قيمة المبادلات
يهدف مجلس الأعمال الأمريكي-السوري إلى رفع قيمة المبادلات التجارية بين الولايات المتحدة الأمريكية وسوريا، بحسب ما أوضحه عبد الحميد العاقل. ويسعى المجلس لرفع هذه القيمة لتصل إلى عدة مليارات، مع التركيز على قطاعات رئيسة مثل الزراعة، البنى التحتية، السياحة، النسيج، المواصلات، القطاع الصحي، الطاقة، الاتصالات والتكنولوجيا، العقارات وتنقية المياه، وأجهزة الحماية الأمنية.
تظهر الأرقام أن حجم التجارة الأمريكية في السلع مع سوريا متواضع جدًا، ففي عام 2024 بلغت قيمة الصادرات الأمريكية إلى سوريا مليوني دولار أمريكي، وقيمة الواردات من سوريا 10.7 مليون دولار أمريكي. وحتى قبل الثورة، لم يصل حجم التجارة إلى المليارات، ففي عام 2010 بلغت قيمة الصادرات الأمريكية إلى سوريا نحو 500 مليون دولار أمريكي، فيما وصلت قيمة الواردات إلى 429 مليون دولار. وفي عام 2009 كانت الأرقام بحدود 300 مليون دولار أمريكي بالاتجاهين، ثم انخفضت بعد عام 2011 إلى ما لا يتجاوز 20 مليون دولار.
من أمريكا إلى سوريا وبالعكس
سيلعب المجلس دورًا في تسهيل عمل الشركات الأمريكية الراغبة بدخول السوق السورية عبر استثمارات عديدة، كما سيركز على دعم الشركات السورية الراغبة بتصدير منتجاتها إلى الولايات المتحدة الأمريكية. وأشار عبد الحميد العاقل إلى أن المنتجات السورية التي كانت تصل إلى أمريكا سابقًا، مثل زيت الزيتون والصابون والبهارات والكمون والفليفلة والمفروشات، كانت تعتبر ضعيفة. ويهدف المجلس لتنشيط هذا السوق عبر مساعدة الشركات السورية في فهم المعايير الأمريكية لضمان أرقام تصدير جيدة، وتصدير المواد كمواد مصنعة لضمان قدرتها التنافسية في الأسواق.
ثلاثة محاور للعمل
تتمثل آلية عمل مجلس الأعمال الأمريكي-السوري في ثلاثة محاور: تنظيم جلسات طاولة مستديرة تجمع أطرافًا معينة من الشركات أو المشرعين في البلدين في قطاع محدد، المؤتمرات التي ستجري في كل من أمريكا وسوريا، والوفود التجارية بين البلدين، بدءًا من واشنطن إلى دمشق، ثم من سوريا نحو أمريكا.
وأكد عبد الحميد العاقل على أن سوريا غنية بالخبرات والطاقات السورية الموجودة في أمريكا في جميع القطاعات، والقادرة على لعب أدوار قيادية في شركات أمريكية كبرى.
زراعة وصناعة وتكنولوجيا
يرى عبد الحميد العاقل أن تاريخ سوريا الاقتصادي يعتمد على الزراعة والصناعة، ما سيجعلها دولة اقتصادية قوية بالاعتماد على هذه القطاعات، ولكنها تحتاج إلى دعم في مجال البنى التحتية والاستثمارات. وأضاف أن سوريا يمكن أن تصدّر منتجات زراعية ذات قيمة مضافة، فبدلًا من تصدير القطن، يمكن تصدير ملابس بجودة عالية، وبدلًا من تصدير الصابون كمواد خام يمكن تصديرها كمادة نهائية.
وأشار إلى أن سوريا دولة صناعية بامتياز، لديها موارد طبيعية هائلة، وشباب سوري منتج، بالإضافة إلى موقعها الاستراتيجي على البحر المتوسط. وفي المجال التكنولوجي، اكتسب الشباب السوري خبرات مكثفة في الصناعات البرمجية، ما سيجعل من سوريا بلدًا متقدمًا في قضايا التكنولوجيا وسوقًا بديلة للخبرات التي عادة ما تذهب إلى الهند.