الأربعاء, 19 نوفمبر 2025 02:04 AM

محاضرة في دمشق تستعرض جماليات العمارة الدمشقية في القرن العشرين من خلال صور نادرة

محاضرة في دمشق تستعرض جماليات العمارة الدمشقية في القرن العشرين من خلال صور نادرة

استضافت دار فخري البارودي في حي القنوات بدمشق محاضرة بعنوان "دمشق بالأبيض والأسود" ألقاها الباحث التاريخي عماد الأرمشي. استعرض الأرمشي خلال المحاضرة عدداً من الأبنية البارزة التي شكلت ملامح العمارة المدنية الدمشقية في النصف الأول من القرن العشرين، معتمداً على وثائق وصور نادرة تبرز البعد الجمالي والإنشائي لتلك الفترة.

المحاضرة، التي نُظمت بدعوة من كلية الهندسة المعمارية بجامعة دمشق، بدأت باستعراض بناء الصيدلي صبحي الساطي، الذي يقع عند مدخل سوق الحميدية بالقرب من القصر العدلي، والذي شُيّد عام 1934 وفقاً لمخططات رسمية محفوظة في بلدية دمشق القديمة. صمم هذا المبنى المهندس إبراهيم بيتنجانة ونفذه بين عامي 1932 و1935. يتكون المبنى من طابق أرضي وثلاثة طوابق عليا ذات سقوف مرتفعة، ويأتي على هيئة قصر فاخر بتكوين معماري غير مألوف في دمشق آنذاك. تتميز واجهته ببرجين على شكل نصف قوس يشبهان أبراج العصور الوسطى، محمولين على قواعد ضخمة، وتتناوب فوقها طبقات من الأقواس الدمشقية والمقرنصات التي تمنحه صبغة معمارية فريدة.

ثم انتقل الأرمشي للحديث عن عمارة آل الحسيبي، التي شُيدت عام 1933 في شارع النصر بين مبنى إذاعة دمشق القديمة وبناء الساطي. وأشار إلى أنها، على الرغم من محاكاتها لتكوينات مبنى "فيرناندو أرنادا" المقابل، بدت أكثر تقشفاً من حيث الشرفات والنوافذ وأقل زخرفة، وهي سمات كانت تميز عمارة تلك المرحلة. يضم البناء حالياً فندقين متواضعين، وقد أدت بعض التعديلات اللاحقة إلى الإساءة إلى بنيته الأصلية وضياع فرصة الحفاظ على طابعه العمراني.

كما خص الأرمشي بناء بشير أفندي الحلبوني في حي الحلبوني بوقفة مطولة، موضحاً أنه من تصميم المهندس بيتنجانة عام 1936، ويتألف من طابقين أضيف إليهما طابق ثالث أثناء التشييد مع الحفاظ على طابعه العام حتى اليوم. ولفت إلى أن الواجهة الشرقية للبيت تشرف على سور محطة الحجاز القديمة، بينما تقع بوابته الرئيسية على جادة الحلبوني وتحمل الأحرف المعدنية B H اختصاراً لاسم صاحبه الأول، مشيراً إلى أنه ظل مهملاً لعقود على الرغم من قيمته المعمارية.

واختتم الأرمشي محاضرته بالحديث عن شارع الجلاء، مستشهداً بما ذكره الدكتور نزيه كواكبي حول اسمه القديم وهو شارع بريطانيا، الذي أطلق عليه بعد عدوان أيار 1945، وظل هذا الاسم مستخدماً حتى ما بعد الجلاء ليتم استبداله عام 1952 بالاسم الحالي، بينما حافظ الشارع شعبياً على اسم شارع أبو رمانة المتداول حتى اليوم.

عرض الأرمشي خلال المحاضرة مجموعة من الصور القديمة التي وثقت خصوصية العمارة الدمشقية في بدايات القرن العشرين، مؤكداً على أهمية صون هذا التراث العمراني الذي يشكل جزءاً أصيلاً من ذاكرة المدينة وتاريخها. حضر المحاضرة معاونة وزير الثقافة لونا رجب وحشد من أساتذة ومدرسي وطلاب كلية الهندسة والمهندسين والمهتمين بالشأن المعماري والتاريخي والتوثيقي لمدينة دمشق. تجدر الإشارة إلى أن العمارة التي تحدث عنها الأرمشي تتميز، على الرغم من تأثرها بأسلوب العمارة الأوروبية ولا سيما الفرنسية، بمحافظتها على الأسلوب الدمشقي التقليدي ومكوناته من باحة داخلية، وبحرة، وأقواس، وزخارف.

مشاركة المقال: