السبت, 22 نوفمبر 2025 01:18 PM

محاضرة مؤثرة في دمشق: ناجٍ من سجن تدمر يروي فصولاً من المعاناة والأمل

محاضرة مؤثرة في دمشق: ناجٍ من سجن تدمر يروي فصولاً من المعاناة والأمل

بدعوة من رابطة الناجين من سجن تدمر، استضافت دمشق محاضرة بعنوان "الحكاية التدمرية"، ألقاها الدكتور والناشط الحقوقي والمعتقل السابق محمود عاشور. وحضر المحاضرة عدد من المعتقلين السابقين وأهالي المغيبين والمهتمين بالشأن الحقوقي.

عرضت المحاضرة صفحات من معاناة المعتقلين في سجن تدمر، وتناولت ثلاثة محاور رئيسية: المحنة وأثرها، وصبر المعتقلين ووسائل صمودهم، والدروس المستفادة لبناء الدولة السورية القادمة.

محنة المعتقلين وأثرها عليهم وعلى محيطهم

في بداية المحاضرة، روى الدكتور عاشور جانباً من معاناته الشخصية ومعاناة والدته التي استمرت ربع قرن وانتهت بوفاتها وهي تنتظر عودته. وأشار إلى أن هذا الحال هو حال جميع أمهات وأهالي المعتقلين، ويمثل جزءاً من المشهد السوري العام على مدى ستة عقود من الألم والغياب بسبب النظام البائد.

وأوضح عاشور أن سنوات اعتقاله، التي امتدت 21 عاماً، شهدت تفنن النظام البائد بأساليب التعذيب، والتي شملت الحرمان من الطعام والشراب والهواء واللباس والتواصل مع الأهل والعلم وقراءة المصحف الشريف، في محاولة لانتزاع الإرادة والكرامة من المعتقلين. وأدى ذلك إلى وفاة عشرات آلاف الأشخاص تحت التعذيب، بينما نجا عدد محدود منهم.

أدوات صبر المعتقلين

أكد عاشور أن المعتقلين واجهوا الظروف القاسية في سجن تدمر بالتماسك الجماعي والصبر. وأضاف أن الفرد يضعف لكن الجماعة تبقى قوية، وأن يقينهم الثابت بأنهم على حق وتطلعهم لحسن الخاتمة ساعدهم على تحمل القهر. كما وجدوا في استحفاظ سور القرآن الكريم والدعاء دعامة للصمود في أحلك اللحظات، وحولوا هذه الظروف إلى فرص للابتكار، فاستخدموا الخيط والإبرة والكيس لصنع الملابس، ولوح الصابون كقلم، والمسمار لمعالجة الجرحى وتعليق الملابس وحفر الجدران.

كما تطرق عاشور إلى سعي النظام البائد لإبعاد كل أدوات المعرفة عن المعتقلين، والذي فشل في منعهم من التعلم والتزود من بعضهم بمعلومات شتى في الطب والهندسة والأدب، مؤكداً أن الإرادة المشتركة كانت سبباً رئيسياً في عدم هزيمتهم.

الدروس المستفادة لبناء الدولة السورية القادمة

شدد عاشور على أهمية الانتقال من الفردية إلى العمل الجماعي، وتحقيق العدالة الانتقالية وتحويل الألم والمعاناة إلى أمل لبناء الشخصية الوطنية السورية القادرة على مواجهة الظلم، مستشهداً بحكايات أهالي المعتقلين الذين ما زالوا يبحثون عن أحبائهم.

وختم عاشور محاضرته بالتأكيد على أن التجربة المريرة وصمود الشعب السوري خلال أكثر من نصف قرن من الظلم يجب أن تكون دروساً لبناء دولة قائمة على العدالة وحقوق الإنسان، وأساساً لبناء سوريا الجديدة، داعياً الجميع وكل قوى المجتمع إلى أن يكونوا بمثابة الجنود والقادة.

وفقاً لتأكيدات رابطة الناجين من سجن تدمر، فقد شهد السجن أحد أكثر الفصول مأساوية في تاريخ الاعتقال السياسي السوري، إذ توفي نحو 40 ألف معتقل نتيجة التعذيب والإعدامات، بينما نجا حوالي 5 آلاف شخص أصيب معظمهم بأمراض نفسية واضطرابات جمة نتيجة الظروف القاسية داخل المعتقل، وما يزال 5 آلاف آخرون في عداد المفقودين، ولم يُعرف مصيرهم حتى اليوم.

مشاركة المقال: