درعا – محجوب الحشيش: في قرية الملزومة بمنطقة اللجاة شرقي درعا، يضطر معظم الطلاب إلى افتراش الأرض في جامع القرية المهدم لمتابعة دروسهم، وذلك بعد تدمير مدرستهم الابتدائية على يد قوات النظام السوري السابق، دون أن تعمل الحكومة الحالية على إعادة ترميمها. وتعاني العديد من مدارس أرياف درعا من مشكلات عديدة، تشمل ضيق المساحات، ونقص المقاعد، وتهالك الجدران، بالإضافة إلى صعوبات في الصرف الصحي والإنارة.
"الملزومة".. معاناة مستمرة
أكدت مديرة مدرسة "الملزومة"، هدى تيسير، أن الأهالي عادوا إلى القرية بعد تسوية تموز 2018، ليجدوا المدرسة الوحيدة في البلدة مدمرة بالكامل، مما دفعهم إلى ترميم المسجد وتحويله إلى مدرسة ابتدائية. وأوضحت أن أكثر من 140 طالبًا يجتمعون في مكان ضيق، مما استدعى تقسيم الدوام إلى فترتين صباحية ومسائية. وأشارت إلى معاناة المدرسين من الضوضاء بسبب عدم وجود فواصل جدارية بين الصفوف، وتفاقم الوضع في فصل الشتاء بسبب النوافذ المحطمة وعدم وجود تدفئة.
طالب الكادر الإداري في المدرسة مديرية التربية ومحافظة درعا على مدار السنوات السبع الماضية بترميم المدرسة، لكن دون استجابة.
وتفتقر مدرسة "الملزومة" إلى مدرّس لغة إنجليزية منذ سنوات، ولم تتمكن الإدارة من توفير معلم لهذه المادة.
"العجمي".. ازدحام خانق
في مدرسة "العجمي" بريف درعا الغربي، يجتمع 63 طالبًا في قاعة الصف الخامس، ومعظم الصفوف الأخرى تشهد أعدادًا مماثلة تتجاوز 50 طالبًا.
قتيبة الحشيش، معلمة في مدرسة "العجمي" الابتدائية، صرحت لعنب بلدي بأن هذا العدد الكبير يعيق عملية إيصال المعلومات للطلاب، ويؤدي إلى الضوضاء وانتشار الأمراض المعدية. وأضافت أن العدد المثالي للطلاب في القاعة الواحدة يجب أن يتراوح بين 20 و25 طالبًا فقط.
مديرة المدرسة، هيفاء ربداوي، أوضحت لعنب بلدي أن مدرسة "العجمي" بحاجة إلى أربع قاعات صفية إضافية، كونها المدرسة الوحيدة في القرية وتستقبل طلابًا من المزارع المحيطة، مما يزيد من عدد المسجلين فيها. واقترحت تزويد المدرسة بغرف مسبقة الصنع لتخفيف الازدحام.
كما أشارت إلى أن ستة صفوف قديمة في المدرسة تعاني من تشققات في الجدران وتهالكها، مما يستدعي إيجاد بدائل لها، خاصة وأنها تمتلئ بالمياه في فصل الشتاء.
مرافق متردية
أفاد محمد السميري، موظف إداري في مدرسة "العجمي"، بأن المدرسة تعاني من نقص المياه الصالحة للشرب والاستعمال اليومي، بسبب عدم وجود مصادر مياه قريبة. وأضاف أن معظم السكان يشترون المياه من الصهاريج الجوالة بسعر 25 ألف ليرة سورية للمتر المكعب، وهو ما لا تستطيع المدرسة تغطيته.
كما أن مرافق الصرف الصحي بحاجة إلى تنظيف، والمغاسل تفتقر إلى الحنفيات. ويعاني الطلاب أيضًا من ضعف الإنارة، خاصة في الصفوف الجانبية التي لا تحتوي على نوافذ، مما يجعلها مظلمة في فصل الشتاء ويصعب رؤية السبورة. وتحتاج الإنارة إلى بطاريات، وهو أمر غير ممكن حاليًا، بحسب مديرة المدرسة.
من جهة أخرى، ذكر حسان البردان، مدرّس في مدينة طفس، أن معظم المدارس في المدينة قد تم ترميمها من قبل منظمات ومديرية تربية درعا، وشهدت تحسنًا ملحوظًا في الخدمات، من حيث جودة الغرف الصفية وطلاء الجدران وترميم المرافق الصحية والساحات. وأضاف أن العائق الأكبر حاليًا هو عدم توفر المقاعد الدراسية بشكل كامل.
"بصرى الشام".. 400 طالب على الأرض
تعاني مدرسة "بصرى الشام الرابعة" في مدينة بصرى الشام من نقص حاد في عدد المقاعد، حيث يجلس نحو 400 طالب على الأرض.
وقد تفاقمت أوضاع المدارس في المدينة بعد استخدامها كمراكز إيواء للنازحين من سكان محافظة السويداء، جراء الأحداث التي وقعت في المحافظة في تموز الماضي.
الناشط الإعلامي أحمد الخليل، المهتم بالجانب التعليمي، أوضح أن المجمع التربوي في بصرى الشام، والذي يشمل المدينة و13 قرية محيطة بها، يضم ما يقارب خمس مدارس ثانوية، وأربع مدارس إعدادية، و13 مدرسة ابتدائية. ورغم هذا العدد، فإن معظم هذه المدارس تعاني من ضعف شديد في البنية التحتية ونقص في خزّانات مياه الشرب، والمرافق الصحية، والمستلزمات التعليمية الأساسية.
12 مليون دولار لدعم المدارس
أعلنت مديرية تربية درعا على حسابها في "فيسبوك" أنها أمّنت 5000 مقعد سيتم توزيعها على المدارس من ضمن مخصصات قطاع التربية في حملة "أبشري حوران"، وهي حملة تبرعات جمعت ما يقارب 48 مليون دولار، خصصت منها 12 مليون دولار لترميم المدارس في المحافظة.