الأربعاء, 3 ديسمبر 2025 05:34 PM

مذكرات التفاهم في سوريا: هل تتحول إلى مشاريع حقيقية على أرض الواقع؟

مذكرات التفاهم في سوريا: هل تتحول إلى مشاريع حقيقية على أرض الواقع؟

نشرت صحيفة "الثورة السورية" مقالاً مطولاً يتناول مصير مذكرات التفاهم الموقعة مع شركات عربية وإقليمية وعالمية خلال العام الجاري، مستشهدة بآراء خبراء اقتصاديين.

افتتحت الصحيفة تقريرها بسؤال: هل ستتحول هذه المذكرات إلى مشاريع فعلية تدعم الاقتصاد، أم ستبقى مجرد وعود دون تأثير حقيقي؟ مذكرة التفاهم هي وثيقة تعبر عن نية مشتركة للتعاون بين طرفين أو أكثر، ولكنها ليست بالضرورة عقداً قانونياً ملزماً.

تشير البيانات إلى أن بعض المذكرات تحولت إلى اتفاقيات، مثل اتفاقية إنشاء ثماني محطات لتوليد الكهرباء بقدرة 5000 ميغاواط بقيمة 7 مليارات دولار، واتفاقية تطوير وتوسيع وتشغيل مطار دمشق الدولي بقيمة 4 مليارات دولار، وهما موقعتان مع تحالف دولي تقوده شركة "أورباكون" القابضة.

كما اتفقت سوريا والسعودية على الانتقال بالتعاون الاستثماري المشترك إلى التنفيذ الفعلي، وتحويل الاتفاقيات ومذكرات التفاهم المعلنة (47 بقيمة 6.4 مليار دولار) إلى مشاريع قيد التنفيذ.

الخبير الاقتصادي الدكتور زياد عربش صرح لصحيفة "الثورة السورية" بأن سوريا وقعت عشرات مذكرات التفاهم مع شركات دولية منذ بداية العام الجاري، بما في ذلك 12 مشروعاً استراتيجياً بقيمة 14 مليار دولار تم توقيعها في آب الماضي. وأشار إلى أن معظم المذكرات والاتفاقيات الاستثمارية في عام 2025 كانت في قطاعي الطاقة والبنية التحتية، مثل محطات الطاقة (7 مليارات دولار)، مطار دمشق الدولي (4 مليارات دولار)، مترو دمشق (2 مليار دولار)، أبراج دمشق (2 مليار دولار)، وأبراج البرامكة (500 مليون دولار).

وأضاف أن عدداً قليلاً من هذه المذكرات تحول إلى اتفاقيات رسمية ملزمة، مثل اتفاقيتي مطار دمشق ومحطات الطاقة، بينما ألغت الحكومة العديد منها لعدم تحويلها إلى مشاريع تنفيذية. وأوضح أن أهمية تحويل المذكرات إلى اتفاقيات تكمن في الالتزام القانوني الذي يضمن التمويل والتنفيذ، مما يعزز الشفافية ويحمي الاقتصاد من الوعود المعلقة، ويساهم في التنمية المستدامة.

لكن الدكتور عربش أشار إلى التحديات التي تواجه التنفيذ حتى بعد التحول إلى اتفاقيات، مثل ضعف التنفيذ، ومخاطر الشفافية والفساد، واستثناء بعض المناطق، وعدم الاستقرار السياسي والأمني.

من جانبه، أوضح الخبير الاقتصادي الدكتور فادي عياش أن معظم ما تم توقيعه في مجال الاستثمار بعد التحرير كان مذكرات تفاهم، وهي مجرد إعلان نوايا غير ملزم، وأشار إلى وجود بعض المشاريع الوهمية.

وأكد الدكتور عياش لصحيفة "الثورة السورية" أن مرور وقت كافٍ على توقيع هذه التفاهمات يستدعي تقييم مدى جدية الأطراف المعنية.

المحلل الاقتصادي شادي سليمان، وفي تصريح لصحيفة "الثورة السورية"، اعتبر مذكرات التفاهم خطوة أولى لإعادة الإعمار الاقتصادي، ونجاحها يعتمد على تحسين البيئة الاستثمارية وتخفيض المخاطر، وإذا تم اتخاذ إجراءات إصلاحية جادة، يمكن أن تتحول هذه المذكرات إلى مشاريع حقيقية.

وتحدث سليمان عن تحديات واقعية يجب مواجهتها لتحويل مذكرات التفاهم إلى استثمارات فعلية، مثل تطوير النظام المصرفي ليتماشى مع المعايير الدولية، وبناء الثقة مع المؤسسات المالية الدولية من خلال شفافية أكبر في العمليات المصرفية.

كما نبه إلى هجرة الكوادر المتخصصة، مما يتطلب محفزات لجذبهم للعودة والمساهمة في إعادة الإعمار. وتساءل عن طبيعة العلاقة بين هيئة الاستثمار ووزارة الاقتصاد، محذراً من تداخل الصلاحيات.

ويرى الدكتور عربش أن جذب شركات عالمية للاستثمار في سوريا يتطلب رفع العقوبات الأمريكية بشكل كامل، وتقديم ضمانات قانونية قوية عبر قانون الاستثمار الجديد الذي يمنح إعفاءات ضريبية كاملة لمدة 10 سنوات، مع حرية تحويل الأرباح وملكية أجنبية 100 بالمئة.

كذلك تحدث الدكتور عياش عن التأثير السلبي للتأخر في الرفع الكامل للعقوبات، خاصة "قانون قيصر"، على بيئة الاستثمار وتردد الشركات العالمية والمستثمرين، ورغم ذلك فإن إعادة البناء والإعمار تعتبر ميزة تنافسية مطلقة وعامل جذب مغرٍ للغاية.

مشاركة المقال: