الإثنين, 18 أغسطس 2025 04:54 PM

مذكرة الشيباني الدبلوماسية: النظام السوري يحمّل العشائر مسؤولية جرائم السويداء

مذكرة الشيباني الدبلوماسية: النظام السوري يحمّل العشائر مسؤولية جرائم السويداء

تتفاقم الأوضاع في محافظة السويداء جنوب شرقي سوريا، مع استمرار الحصار والتدخلات الخارجية. الجرائم المرتكبة في جبل حوران والانتهاكات المستمرة بحق أهالي الساحل، تتجاوز قدرة أي طرف على الاحتواء.

يحاول النظام السوري، بدعم إقليمي ودولي، التملص من المسؤولية عن الانتهاكات التي ارتكبها الأمن العام والفصائل الموالية في السويداء، عبر خطوات إعلامية ودبلوماسية. من بين هذه الخطوات، محاولة أحمد الشرع ووزير خارجيته، أسعد الشيباني، إلصاق المجازر التي وقعت في السويداء بين 14 و20 تموز بالعشائر العربية، مدعين أن هذه العشائر لم تكن لتهاجم جبل حوران لولا تحريض السلطة والتنسيق بين قواتها والمجموعات العشوائية.

في مذكرة وُزّعت على أعضاء السلك الدبلوماسي الأجنبي والعربي في دمشق، أكد الشيباني عدم مسؤولية الحكومة عن أي انتهاكات، ووضعها في موضع الوسيط بين ميليشيات (الشيخ حكمت) الهجري والعشائر والبدو. وركزت المذكرة على تحميل العشائر مسؤولية الجرائم التي ظهرت على العلن، وربط حدوثها بما بعد خروج القوات الحكومية من السويداء.

جاء في المذكرة أن العشائر البدوية حشدت لحماية أبنائها من سكان السويداء، وقامت بعمليات انتقامية ضد المجتمعات المحلية، مستهدفة مدنيين أبرياء، وارتكبت انتهاكات خطيرة، منها قطع رؤوس الأطفال، وهو ما يتعارض مع المعايير الدولية.

هذا التنصل والتبسيط لحجم ما ارتكبته السلطة في السويداء لم يمر مرور الكرام على المتابعين، خاصة الدبلوماسيين والأمنيين الأجانب والعرب. ورغم مسؤولية بعض المجموعات العشائرية عن بعض الجرائم، فإن المسؤولية الكاملة تقع على عاتق الشرع وسلطته وقواته، الذين هيأوا الأرضية وحرضوا على الفتنة الطائفية.

الأدلة السياسية والتقنية على تورط السلطة في مقتلة السويداء لا تترك مجالا للرواية التي يحاول الشيباني تعميمها. خطاب الشرع عشية خروج قواته من مدينة السويداء، اعتبر إشارة غير مباشرة إلى العشائر للتّحشّد ومهاجمة المحافظة، بالتوازي مع قيام مجموعات من قوات السلطة باستخدام أزياء العشائر وأسمائها لشنّ الهجمات.

تظهر مقاطع فيديو جديدة كل يوم توثق مشاركة مقاتلين أجانب وآخرين من الأمن العام والجيش والشرطة العسكرية، وبعض المجموعات من العشائر والبدو، في القتل والتصفية والنهب والخطف والحرق وقطع الرؤوس والإعدامات الميدانية. وتوصلت بعض الأطراف في السويداء إلى رواية حول خطة أعدها أحمد الدالاتي، نيابة عن السلطة، وبالتعاون مع ليث البلعوس وآخرين للسيطرة على السويداء.

تعمل جهات داخل السويداء وخارجها على جمع الأدلة والشهادات وتقديمها إلى جهات دولية وحقوقية، وتحضير ملفات لرفع دعاوى أمام المحاكم الغربية والدولية ضد شخصيات من السلطة بينها الشرع، ورموز من العشائر مسؤولة عن الجرائم الأخيرة.

مذكرة الشيباني تذكر بالإستراتيجية التي تم اتباعها في أثناء مجازر الساحل، حين نفت السلطة مسؤوليتها عن الأحداث، ووجهت التسريبات الإعلامية والدبلوماسية نحو فصائل الحمزات والعمشات، والتي تعرضت بعد ذلك إلى عقوبات.

العقوبات التي بدأت تصيب الفصائل المسؤولة عن مجازر الساحل، تشير إلى توقع أن تطاول عقوبات أوسع، رموزاً من السلطة وبعض رموز العشائر العربية الذين استخدمهم الشرع في معركته ضد السويداء.

التبعات التي أوقعت السلطة الجديدة نفسها فيها بعدما سقطت في فخ السويداء، تفتح الباب واسعاً أمام تعقيدات كبيرة باتت تواجهها في خططها تجاه «قسد» والمنطقة الشرقية.

مشاركة المقال: