الخميس, 1 مايو 2025 10:32 AM

معرض الكتاب في دمشق: نافذة أمل لكسر العزلة الثقافية وإعادة إحياء المشهد الفكري

معرض الكتاب في دمشق: نافذة أمل لكسر العزلة الثقافية وإعادة إحياء المشهد الفكري

"لسنوات عديدة عمدت إلى مقاطعة معارض الكتب المقامة سابقًا في سوريا، واعتمدت على الكتب الإلكترونية، وبعض ما يوفره لي أصدقائي من الدول الأخرى"، هذا ما قالته آلاء الدوري، الطالبة في السنة الخامسة بكلية الطب البشري بجامعة "دمشق". وبملامح تملؤها الفرحة، عبرت آلاء التي التقتها عنب بلدي خلال فعاليات اليوم الختامي لمعرض "كتب المركز العربي وإصداراته بدمشق" عن سعادتها باقتناء بعض الكتب الفكرية والسياسية، التي دونتها على قائمتها سابقًا، وتنتظر فرصة للحصول عليها، في ظل الإجراءات الرقابية الصارمة التي كان يمارسها نظام الأسد المخلوع على دور النشر والكتب في سوريا.

نظم "المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات" بالتعاون مع دار "الفكر" معرضه الأول في سوريا، عقب سقوط نظام الأسد في 8 من كانون الأول 2024، بعنوان "معرض كتب المركز العربي وإصداراته بدمشق" في مركز الفنون البصرية في جامعة "دمشق" خلال الفترة الممتدة بين 22 و28 من نيسان الحالي. وخلال زيارة عنب بلدي للمعرض في يومه الأخير، رصدت آراء الزائرين ومنظمي المعرض، بالإضافة إلى أسعار المنشورات من كتب وأبحاث ودوريات.

إعادة الحياة الثقافية

قال الباحث في المركز "العربي للأبحاث ودراسة السياسات" أحمد قاسم حسين، الذي التقته عنب بلدي في المعرض، إن هدف المركز من تنظيم المعرض إعادة الحياة الثقافية الحرة في سوريا، وكسر عزلة المثقفين السوريين عما كان ينشر خارج سوريا. وتفاجأ القائمون على المعرض بالإقبال الشديد للزائرين خلال الفترة التي امتدت بين 22 و26 من نيسان الحالي، مما دفعهم لتمديد الفترة يومين اضافيين.

وبلغ عدد زائري المعرض حوالي 500 إلى 600 زائر يوميًا من مختلف المحافظات السورية، مما دفع إدارة المركز لدراسة إمكانية نقل التجربة إلى محافظات أخرى، لتوفير إصداراته بطريقة أسهل وأسرع وبجودة أكبر للأكاديميين والطلاب والمثقفين في سوريا. واعتمد المنظمون في إحصاءاتهم على الذين قاموا بتعبئة استمارات الدخول، ونوه حسين إلى أن تعبئة الاستمارة لم تكن شرطًا ملزمًا، أي ان هناك عددًا من الزائرين لم يتمكن المنظمون من إحصائه.

نظم على هامش المعرض سلسلة من الندوات والمحاضرات التي ركزت على موضوعات متخصصة لكتب منشورة في المركز المركز العربي، بالإضافة إلى ندوات عن مسار العدالة الانتقالية في سوريا.

مصادر للأبحاث

يرى مسؤول الطلبة في كلية العلوم السياسية بجامعة "دمشق"، أحمد سفان، أن تنظيم معرض للكتاب بهذا الزخم والثراء المعرفي، خلال هذه الفترة الحساسة التي تمر بها سوريا، سيساعد الكثير من الطلبة الشباب وخاصة الباحثين في العلوم السياسية على توسيع رؤيتهم حول ما مرت به البلاد خلال السنوات السابقة، على الصعيدين الفكري والسياسي.

وبحسب سفان، فإن المعرض قد يعالج الكثير من المشكلات التي تعرض لها الطلبة سابقًا خلال بحثهم عن مصادر لتزويد أبحاثهم الأكاديمية بالمعلومات، وأيضًا يخفف الأعباء المالية التي كان يتكبدها الباحث في رحلة حصوله على المراجع من الدول الأخرى.

رند زهنان، وهمسة المظلوم، طالبتان في سنتهما الجامعية الأولى، أشارتا لعنب بلدي إلى أن مثل هذه المعارض تتيح لهما تصويب مسارهما في الحصول على المعرفة دون قيود يفرضها النظام السياسي، وتساعدهما في توجيه بوصلة أفكارهما، لتبدآ بتكوين آرائهما الخاصة حول بعض المواضيع التي تلقى اهتمامهما. وتركزت الكتب التي اقتنتها، كل من رند وهمسة، على موضوعات تتعلق بثورات الربيع العربي، والحرب على لبنان، ومعلومات عن الطوائف والقوميات الأخرى الموجودة في سوريا.

أسعار مناسبة

"بالرغم أن كتب الفلسفة وموضوعاتها لم تكن محظورة في سوريا، فإن حظر النظام لإصدارات دور نشر ومراكز أيحاث معيّنة، وقف عائقًا أمام المهتمين في الفلسفة وحصولهم على العناوين المميزة، بأسعار تتناسب مع إمكانياتهم". أسعار الكتب في المعرض دفعت زاهر هلال ورفاقه في كلية الفلسفة لاقتناء عدد من الكتب التي تغني اختصاصهم، تحمل عناوين افتقدوها سابقًا، نتيجة أسعارها المرتفعة وصعوبة الحصول عليها.

وبحسب زاهر، فإن تكلفة الكتاب سابقًا لم تكن تشمل سعره فقط، بل يضاف إليه تكلفة شحنه إلى سوريا عبر الحدود، والتي كانت تضاهي أحيانًا سعر الكتاب نفسه. وأوضح الباحث في "المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات" أحمد قاسم حسين، أن إدارة المركز وفرت الكتب بأسعار رمزية خلال المعرض مراعاة للوضع الاقتصادي في سوريا.

وتراوحت أسعار الكتب، بحسب ما رصدته عنب بلدي خلال جولتها في اليوم الختامي للمعرض، ما بين 10 آلاف و50 ألف ليرة سورية.

مشاركة المقال: