الخميس, 20 نوفمبر 2025 11:24 PM

من خطابات الحكومة إلى واقع المواطن: هل أصبحنا نعيش في زمن الأفوكادو البلدي؟

من خطابات الحكومة إلى واقع المواطن: هل أصبحنا نعيش في زمن الأفوكادو البلدي؟

يستمع المواطن إلى خطابات مسؤولي الحكومة حول التنمية والإصلاح وتحقيق العدالة والالتزام بالشفافية، فيغرق في حلم جميل، لكنه سرعان ما يصطدم بكابوس الواقع المرير.

سناك سوري _ مواطن صالح

يتابع المواطن الإعلام الرسمي، فيسمع وعودًا براقة بأبراج تجارية ومشاريع استثمارية ضخمة ومذكرات تفاهم مليونية واهتمام عالمي بالبلاد التي تتميز بموقعها الاستراتيجي. يقرأ في جرائد الحكومة عن احترام السيادة وعدم التنازل عن الأرض، وحصر السلاح بيد الدولة، وإجراءات مكافحة الفساد ومحاسبة المتورطين وتشكيل لجان تحقيق في الانتهاكات.

لكن ما إن يستيقظ صباحًا، حتى يواجه تقنين الكهرباء، وضعف الإنترنت، وقلة المياه. يخرج من منزله فيرى أزمة النظافة وتكدس القمامة في الحاويات، وفوضى السير في الشوارع، وغلاء الأسعار في الأسواق، وانتشار السلاح. لا شيء يصف هذا التناقض بين الخطابات والواقع سوى عبارة "أفوكادو بلدي"، التي استخدمها باعة الفواكه للإشارة إلى "الأفوكادو" الذي تمت زراعته في بعض المناطق الساحلية.

رغم أن الأفوكادو البلدي حقيقي وموجود، إلا أن استخدام المصطلح يظهر نوعًا من التباين بين الكلمتين، كأن نقول مكدوس سويسري، أو فتّة باريسية، أو حلاوة الجبن برلينية. الخيال الذي تتحدث عنه الحكومة وأنصارها هو الأفوكادو، لكن واقعنا بلدي، بكل ما فيه من حلو ومر، مليء بالتعب والضغط والفقر والأحلام المهزومة واستراق لحظات الفرح، بلدي حد المرارة.

صبر استراتيجي

يفتح المواطن شاشة التلفاز -غير الرسمي- فيسمع عن اختراقات العدو للحدود ودخول مسؤوليه في جولات داخل أراضي البلاد، فيشعر بالغم والقهر، قبل أن يتذكر تصريحًا يؤكد أن الالتزام بالصبر الاستراتيجي يقلق العدو ويزيد من الضغوط عليه والتحديات أمامه، وأن البلاد مستمرة بصبرها الاستراتيجي.

وبما أن الصبر أصبح استراتيجية تتبعها الحكومة في مواجهة العدو، فقد بات لزامًا على المواطن اتباع هذه الخطة الحكومية العبقرية في حياته اليومية، فيرد على رفع أسعار الإنترنت عبر الموبايل، وعلى الفصل التعسفي من الوظائف، وعلى انخفاض قيمة الليرة، وعلى خطف النساء وانعدام الأمان، وعلى كل ما يواجهه من أزمات بالصبر الاستراتيجي. لكنه بعكس صبر الحكومة، لن يقلق أحد ولن يزيد من الضغوط على أحد بصبره، سيصمت ويصبر طويلاً في البلاد ويحلم أن يتحول واقعها يومًا ما إلى أفوكادو.

مشاركة المقال: