الإثنين, 13 أكتوبر 2025 04:56 PM

من مقاتل في القاعدة إلى رئيس لسوريا: أحمد الشرع يتحدث عن تحديات إعادة البناء في مقابلة مع '60 دقيقة'

من مقاتل في القاعدة إلى رئيس لسوريا: أحمد الشرع يتحدث عن تحديات إعادة البناء في مقابلة مع '60 دقيقة'

في تقرير موسع بثته شبكة CBS News الأمريكية، تناولت الصحفية مارغريت برينان وفريقها قصة الرئيس السوري أحمد الشرع ورحلته من الانضمام إلى تنظيم القاعدة إلى قيادة سوريا بعد سقوط نظام الأسد السابق. سلط التقرير الضوء على التحديات الهائلة التي تواجه الشرع في إعادة بناء دولة مزقتها حرب استمرت أكثر من أربعة عشر عامًا.

يواجه الشرع، الذي صنفته واشنطن إرهابيًا في عام 2013، مهمة صعبة في سعيه لتوحيد البلاد وإطلاق مسار ديمقراطي بعد عقود من الانقسام والدمار. وفي أول مقابلة تلفزيونية له منذ توليه السلطة، صرح قائلاً: "سوريا تستحق أن تعيش بسلام وأمان، والعالم سيستفيد من وضع سوريا الجديد، إنها فرصة تاريخية عظيمة للمنطقة".

من "أبو محمد الجولاني" إلى رئيس الجمهورية

قبل عقدين، ترك الشرع حياة ميسورة في دمشق لينضم إلى تنظيم القاعدة في العراق. وبعد اعتقاله في عام 2005، قضى ست سنوات في السجون الأمريكية والعراقية، ليُفرج عنه في عام 2011 مع اندلاع الثورة السورية. أسس الشرع آنذاك فرعًا تابعًا للتنظيم نفذ عمليات ضد نظام الأسد السابق، قبل أن تعلن واشنطن أنه مسؤول عن مقتل مدنيين وتصنفه على قوائم الإرهاب تحت الاسم الحركي أبو محمد الجولاني، مع مكافأة قدرها عشرة ملايين دولار لمن يدلي بمعلومات عنه.

في عام 2016، أعلن الشرع انفصاله عن القاعدة قائلاً: "لو كنت متفقًا معهم لما تركتهم". ومع تصاعد الصراع، شنت قواته في نوفمبر 2024 هجومًا واسعًا على مدينة حلب، تبعته عملية عسكرية خاطفة أطاحت بنظام الأسد خلال 11 يومًا فقط، ما أنهى حكم عائلة الأسد المستمر منذ 54 عامًا. وفي الشهر التالي، اختارته الفصائل المنتصرة رئيسًا لسوريا. وفي مقابلة مع برنامج 60 دقيقة الأمريكي، قال الشرع عند دخوله القصر الرئاسي: "دخولي إلى هذا القصر لم يكن تجربة إيجابية، لقد خرج من هذا المكان شرّ كثير موجّه ضد الشعب السوري".

تحدي الإعمار وعودة الحياة

بعد عشر سنوات من الحرب، يعيش نصف السوريين بين نزوح ولجوء، فيما قُتل أكثر من نصف مليون شخص. وبينما ما تزال دمشق تحتفظ بروحها القديمة وأسواقها التاريخية، يواجه الاقتصاد انهيارًا حادًا جعل العملة السورية بلا قيمة تقريبًا. يؤكد الشرع أن إعادة إعمار البلاد تتطلب ما بين 600 و900 مليار دولار، داعيًا المجتمع الدولي للمشاركة في "إصلاح ما دُمّر". ويقول: "العالم شاهد المأساة طوال 14 عامًا ولم يستطع إيقاف الجريمة الكبرى، لذا فعليه اليوم أن يساعد سوريا".

كسر العزلة الدولية

منذ توليه الحكم، يسعى الشرع لرفع العقوبات الأمريكية والدولية المفروضة على سوريا منذ عهد الأسد. وخلال لقاء جمعه بالرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب في السعودية في مايو الماضي، أعلن الأخير عن خطوة أولية لرفع العقوبات. وفي يونيو، وقف الشرع أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة كأول زعيم سوري يفعل ذلك منذ عام 1967، داعيًا إلى "استثمارات طويلة الأمد" في البلاد. لكنه لا يزال بحاجة إلى دعم الصين وروسيا داخل مجلس الأمن لرفع العقوبات المتعلقة بالإرهاب المفروضة عليه شخصيًا. ورغم أن موسكو كانت الحليف الأبرز للأسد، استقبل الشرع الشهر الماضي وفدًا روسيًا رفيع المستوى في دمشق، معلنًا أنه يسعى لمحاكمة الأسد في المحاكم السورية، لكنه شدد على أن "الدخول في صراع مع روسيا الآن سيكون مكلفًا جدًا، ولن يكون في مصلحة البلاد".

أزمات الداخل وتوترات الخارج

لم تخلُ مرحلة ما بعد الأسد من أزمات دامية. فقد اتُهمت قوات الشرع بارتكاب مجزرة في مارس الماضي راح ضحيتها نحو 1500 مدني من الطائفة العلوية، كما شهدت مدينة السويداء اشتباكات عرقية قُتل فيها عشرات المدنيين من الطائفة الدرزية. ونفت الحكومة الاتهامات، إذ قال الشرع: "هذا توصيف مبالغ فيه، وسوريا ملتزمة بمحاكمة كل من ارتكب جرائم ضد المدنيين، من أي طرف كان". تلك الأحداث دفعت إسرائيل إلى شنّ غارات على مواقع داخل دمشق، بينها محيط القصر الرئاسي، في إطار ما وصفه رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو بأنه "حماية للدروز". وردّ الشرع قائلاً: "استهداف القصر إعلان حرب، وسوريا لا تريد أن تكون تهديدًا لأي طرف". ويحاول المبعوث الأمريكي الخاص توم باراك التوسط لخفض التوتر بعد أن احتلت إسرائيل أجزاء من الحدود السورية، فيما يصرّ الشرع على انسحابها من أي مناطق "استولت عليها بعد 8 ديسمبر".

مرحلة انتقالية نحو الديمقراطية

أجريت الأسبوع الماضي انتخابات برلمانية محدودة في معظم أنحاء البلاد، بينما ينصّ الدستور الانتقالي الذي وقّعه الشرع في مارس على بقائه في الرئاسة لخمس سنوات يقود خلالها المرحلة الانتقالية نحو حكومة منتخبة. وقال في ختام حديثه: "أريد لسوريا أن تكون بلدًا لكل شخص، والديمقراطية لن تُبنى في يوم، لكنها ستُبنى بأيدي السوريين جميعًا".

نقلاً عن تقرير بثّته شبكة CBS News الأمريكية بتاريخ 12 أكتوبر 2025 ضمن برنامج “60 دقيقة”.

رابط المقابلة الأصلي:

مشاركة المقال: