علي عبود: لا يزال الإعلام الأمريكي محط اهتمام الباحثين والمحللين، بمن فيهم الكتّاب العرب. آخر الكتب في هذا السياق بعنوان (كيف أصبحت أميركا سيدة العالم في مجال الإعلام) للمؤلفة الإعلامية المصرية سمر طاهر.
للوهلة الأولى، يبدو العنوان محايدًا وموضوعيًا، ويتوقع القارئ أن يجد فيه الجواب على سؤال المؤلفة، لكنه سيفاجأ ويصاب بالإحباط مع الكثير من الغضب للاستخفاف بالمتابعين والمختصين بالإعلام الأمريكي، أو بالأحرى بوسائل الاتصال الجماهيري الأمريكية!
لن نناقش هنا ما ساقته المؤلفة من أدلة وبراهين على انحياز الإعلام الأمريكي وسيطرته على الإعلام الدولي، لكننا نختلف معها فيما خلصت إليه بقولها أن الإعلام الأميركي إعلام تصنعه الحكومة الأميركية (البيت الأبيض ووزارتا الخارجية والدفاع الأميركيتان)، وبأن وكالات الأنباء الأميركية هي أذرع إعلامية للسياسة الأميركية، وبأن صناعة الولايات المتحدة لشبكة الإنترنت جعلتها تهيمن وتسيطر على الإعلام العالمي والمواقع الإخبارية، فأصبحت سيدة العالم في الإعلام بلا منازع!!
نعم.. السؤال الخطأ يقود دائمًا إلى نتائج غير صحيحة، بل وكارثية أحيانًا، وبما أن الكاتبة انشغلت بإثبات أن الإعلام الأمريكي يسيطر على الإعلام الدولي، فقد تجاهلت تمامًا طرح السؤال المفتاح والمنطلق للأجوبة الصحيحة: من يدير الإعلام الأمريكي؟
ليس صحيحًا أن البيت الأبيض ووزارة الخارجية والبنتاغون ووكالات الاستخبارات هم من يصنعوا الإعلام الأمريكي، والسؤال الدقيق والصحيح هو: من يتحكم بقرارات الحكومة الأمريكية وأجهزة استخباراتها؟.. أي من يدير ويصنع الإعلام الأمريكي؟
لم تشر الكاتبة بعبارة واحدة إلى نفوذ الصهاينة أو اليهود في الإعلام الأمريكي، ويبدو أن هذا الأمر لا يعنيها من قريب أو بعيد، أو أنها تراه مجرد هراء أو اتهامات باطلة من كتّاب وباحثين عرب! وكان يمكن للكتاب أن يكتسب الكثير من المصداقية العالية وبنفس الأدلة والبراهين التي ساقتها المؤلفة لو اختارت له عنوانًا من قبيل: (كيف أصبح الصهاينة سادة العالم في مجال الإعلام)؟!
وللإجابة على هذا السؤال، لن نستشهد بكتاب وباحثين وإعلاميين عرب أو من أي بلد آخر، وإنما سنحصر الاستشهادات بالأمريكيين والصهاينة فقط!
خصص ديفيد ديوك، عضو الكونغرس السابق، في كتابه (الصحوة.. النفوذ اليهودي في الولايات المتحدة الأمريكية) فصلًا كاملاً للإجابة على السؤال: من يدير وسائل الإعلام؟ نشر ديوك بالتواريخ والأسماء كيف امتلك أو سيطر اليهود على جميع وسائل الإعلام المركزية والمحلية والمناطقية في جميع أنحاء البلاد على وسائل الإعلام الأمريكي.. أكثر من ذلك امتلك وسيطر اليهود والصهاينة على كل ما له علاقة بالملتيميديا ووسائط الاتصال الجماهيري: سينما، دور نشر، ترفيه، موسيقى.. إلخ!
يقول الباحث الأمريكي ألكسندر سولشينيتسين: أصبحت الصحافة أكبر قوة، أقوى من السلطة التشريعية والتنفيذية والقضائية، ويتساءل: من انتخبها وأمام من هي مسؤولة؟ وبما أن اليهود والصهاينة يسيطرون على كبريات و"صغريات" الصحف الأمريكية، فهذا يعني أنهم أقوى من أي سلطة تشريعية وتنفيذية وقضائية في أمريكا، فكيف إذا كان لليهود والصهاينة الكلمة الفصل في هذه السلطات من خلال كبار الموظفين والمستشارين والخبراء؟
ويجمع الباحثون أن التلفاز قوة لا تقهر تصل إلى بيت كل أمريكي، وهو المصدر الأساسي الذي يتلقى منه الأمريكيون معلوماتهم عن العالم.. فتصوروا كيف سيتشكل الرأي العام الأمريكي تجاه قضايا العالم ما دامت محطات وشبكات التلفاز الكبيرة والصغيرة في قبضة اليهود والصهاينة؟
سبق وأن قام الدكتور إدوارد فيلدز بنشر مقالة في صحيفة (ثندر بولت) وثّق فيها بدقة الهيمنة اليهودية على ثلاث شبكات تلفاز كبرى في أمريكا هي (اي.بي.سي) و(سي.بي.اس) و (ان.بي.سي)، واعتمد فيلدز على مصادر لسير ذاتية نشرها يهود.. لا أمريكان! وهذه الشبكات تنتج الأكثرية الساحقة لمواد التسلية في أمريكا، وتعد عند الأمريكيين مصدر المصادر الرئيسية للأنباء.
وقد أعرب ديفيد ديوك عن دهشته عندما اكتشف في بداية القرن الحالي أن رؤساء هذه الشبكات هم من اليهود (وليام بايلي وليونارد غولدنسن ووريتشارد سارنوف).
ولعل دهشة ديوك مبررة إذ لا توحي أسماء هؤلاء أنهم صهاينة أو يهود..! وتوالت اكتشافات ديوك واستغرابه بعدما تأكد له أن الصحيفة الرائدة في أمريكا وهي نيويورك تايمز يملكها ويحررها يهود. كذلك الحال بالنسبة إلى الصحيفة ذات النفوذ على الحكومة الفيدرالية أكثر من سواها وهي الواشنطن بوست. كما يملك اليهود أكثر الصحف الأمريكية اليومية توزيعًا وانتشارًا وهي (ذا وول ستريت جورنال).. حتى أنهم يملكون الصحيفة المحلية (تايمز بيكايون) في نيواورليانز.
ويقول ديوك إنه لدى إلقاء نظرة على نشر المجلات والكتب.. نكتشف الكثرة الساحقة لليهود في هذا الميدان ومعظمهم مكرس نفسه للمصالح اليهودية مثل (ستيفن سبيلبرغ) مدير لائحة شيندلر المؤيد الصريح للقضية الصهيونية.
الخلاصة: بعد كل ذلك ليس مستغربًا أن أكثر الأفلام عرضًا حول (الهولوكوست) والتي ينظر إليها الملايين على أنها تاريخ حقيقي هي إنتاج يهودي بأكملها، وبالتالي فالصهاينة ـ وليس الحكومة الأمريكية ـ هي من يصنع ويدير الإعلام العالمي.
(موقع اخبار سوريا الوطن-1)