تجمع الروائية العراقية ندى الدفتري الشعيبي بين شغفها بالكتابة وعشقها للتاريخ، وهو ما يميز هويتها الأدبية. انطلقت الشعيبي من بيئة ثقافية غنية، لتجسد في رواياتها وكتبها قصصاً ضاربة في جذور الذاكرة التاريخية، وتنسج شخصيات نسائية تتفاعل مع أحداث التاريخ كما عاشتها بغداد وبيئتها الثقافية.
تحدثت الشعيبي عن بداية شغفها بالأدب، مشيرة إلى أن معلمتها اكتشفت تميزها في كتابة الإنشاء منذ طفولتها. وعن التجارب التي شكلت صوتها الأدبي، قالت: "التاريخ حاضر في أغلب أعمالي، خاصة وأنني تخصصت في دراسته بجامعة لندن. كل ما أكتبه لا يخرج عن هذا الإطار". وأكدت أن الكاتب لا ينفصل عن شخصياته الروائية، حتى لو كانت تاريخية، مستشهدة بشخصية نيوكاتريس في كتابها "ملك وثلاث نساء".
وعن منهجها في الكتابة، أوضحت الشعيبي: "أتبع منهجاً محدداً، حيث أترك القصة تنضج في ذهني، ثم أدونها وأمحو، خاصة في ساعات الليل عندما أجلس وحيدة. أكتب بقلم رصاص وأمحو، ثم أطلب طباعة ما كتبت وأراجع وأصحح لأصل إلى الشكل النهائي". وأضافت: "أنا أكتب للنساء، فمثلاً في رواية 'وردة بغداد' ظننت أنني كتبتها للنساء، لكنني اكتشفت أن الرجال أبدوا اهتماماً بها أكثر من النساء، ما جعلني أستنتج أن الرجل يمكن أن يتحلى بالرومانسية أكثر من المرأة. لكن في الواقع، غالباً ما أفكر في النساء عند الكتابة".
وعن دور بغداد في رواياتها، قالت الشعيبي: "بغداد بالنسبة لي تمثل الحضارة الإسلامية التي ترتكز على ثلاث ركائز: العرب والفرس والأتراك. يمكن القول إن ذروة الثقافة الإسلامية كانت في بغداد، في عصر هارون الرشيد والمأمون والمعتصم. صحيح أن الحضارة توجهت لاحقاً إلى مصر والأندلس، ولكن ليس بالقوة نفسها التي تجلت في بغداد. فالمكان يلعب دوراً مهماً، وبما أنني ولدت في بغداد، فكان لها في نفسي مكانة خاصة وفي كتاباتي تأثير مميز". كما تحدثت عن تأثرها بشكسبير والأدب الإنكليزي، وكيف كانت تقرأ رواية لشكسبير كل ثلاثة أشهر وتفسرها وتحللها خلال دراستها.
أما عن اختيار شخصيات رواياتها، أوضحت الشعيبي أنه يتبع لكل رواية، ولا توجد قاعدة محددة. فمثلاً، في كتاب "ملك وثلاث نساء"، وهي تمثيلية تدور أحداثها زمن نبوخذ نصر، فزوجته مصرية اسمها نيوكاتريس، وبالتالي الظروف هي التي تفرض الخيار وطقوسه، فهذه المرأة كانت شخصية ذات عنفوان.
وتحدثت ندى الشعيبي عن تأثرها بالتاريخ العثماني، خاصة أنها درسته، وقد تجلى ذلك في كتابها "الأمير مصطفى". أما في رواية "من بغداد إلى إسطنبول"، فتقول الشعيبي: "كانت بغداد أكثر مدينة تأثرت بالثقافة العثمانية، وهذا ما حاولت أن أظهره فيما كتبت. كما أنني كنت أصف تركيا التي عرفتها سابقاً بتفاصيلها الرائعة". وأشارت الشعيبي إلى أن "التغيرات الاجتماعية والسياسية التي عاشتها في العراق أدت إلى التأثير عليها ككاتبة وإنسانة".
وتعتبر الأديبة الشعيبي أن الأدب يلعب دوراً مهماً في زمن الأزمات، فبالعلم والأخلاق والدين تبنى الأمم، وهذه الأمور هي التي تهذب النفس. وتقول الشعيبي: "إنها تحمل رسائل للجيل العراقي خاصة والجيل العربي عموماً عبر رواياتها، بأنه عليكم بالعلم"، وتضرب على ذلك مثالاً عائلة آيلا في روايتها "من بغداد إلى إسطنبول"، والذين لو لم يكونوا متعلمين لما استطاعوا العيش.
ندى الشعيبي روائية وكاتبة عراقية صدرت لها مجموعة من الكتب منها: "وردة بغداد"، "فن تنسيق المائدة"، "ملك وثلاث نساء" و"الأمير مصطفى".