السبت, 15 نوفمبر 2025 08:33 PM

هجوم المزة 86: هل هو اختراق أمني أم رسالة سياسية؟ تفاصيل وتحليلات

هجوم المزة 86: هل هو اختراق أمني أم رسالة سياسية؟ تفاصيل وتحليلات

تصدرت التطورات الأمنية في العاصمة دمشق المشهد بعد هجوم صاروخي استهدف حي المزة 86 السكني غربي المدينة. مساء أمس، سقط صاروخان من نوع كاتيوشا على المنطقة، مما أدى إلى إصابات بين المدنيين وأضرار مادية لم يتم تحديدها بدقة.

لم يُعتبر هذا التطور حدثًا أمنيًا عاديًا، بل جزءًا من سلسلة مؤشرات تنذر بتحول التهديدات إلى المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة السورية، ربما بأساليب مختلفة وحسابات جيوسياسية جديدة.

من أطراف المدينة إلى المزة 86

أشارت وزارة الدفاع السورية في بيان مقتضب إلى أن الصاروخين أُطلقا من أطراف المدينة، دون تحديد الموقع الجغرافي بدقة. وأكدت أن الفرق العسكرية والأمنية تمكنت من تحديد موقع الإطلاق عبر تحليل زوايا سقوط الصواريخ وبقاياها.

الموقع الذي تم العثور عليه قريب من حدود العاصمة الإدارية، ويجاور مناطق كانت تخضع لسيطرة فصائل مسلحة أو ميليشيات محلية، بعضها سلم أسلحته ضمن اتفاقات التسوية التي رافقت انتهاء العمليات العسكرية الكبرى في أواخر 2024. تم إغلاق الموقع ووضعه تحت تأمين عسكري، وتجري تحاليل للعينات (بقايا الصواريخ، مسحوق الدفع، وأجزاء المحرك) للتحقق من مصدر الصنع والتحديثات المحتملة.

تزامن حساس

تزامن الهجوم مع:

  • عودة الرئيس السوري أحمد الشرع من زيارة رسمية إلى واشنطن، وصفتها مصادر دبلوماسية بأنها تاريخية من حيث مستوى التطبيع السياسي والاعتراف الضمني بشرعية الإدارة السورية الحالية.
  • إعلان رسمي عن انضمام سوريا إلى التحالف الدولي لمكافحة الإرهاب، كخطوة لتلبية شروط إعادة الإعمار والدعم الدولي.

تحليلات ودوافع

في ظل غياب اعتراف بالمسؤولية عن الهجوم، تظل القراءات مفتوحة، وتتركز حول سيناريوهات محدودة. يرى الدكتور عبد الرحمن الحاج، الأكاديمي والباحث السياسي، أن الاحتمالات محدودة، فالصاروخ من نوع كاتيوشا كان يمتلكه النظام وحزب الله، وبالتالي نتحدث عن الفلول المتعاونين مع حزب الله. ويرى أن داعش كان سيستخدم المفخخات والانتحاريين.

ويضيف أن الهدف هو إظهار أن دمشق غير قادرة على ضبط الأمن والاستقرار بعد عودة الرئيس من واشنطن، وأن انضمامها إلى التحالف لن يوفر لها الأمن.

دوافع طائفية وسياسية

الباحث في مركز جسور للدراسات، محمد سليمان، يرى أن الهجوم يأتي في ظل توترات في محافظة السويداء، نتيجة هجمات المجموعات الخارجة عن القانون. ويضيف أن استهداف حي المزة 86، المعروف بغالبية سكانه من الطائفة العلوية، يحمل بعدًا طائفيًا ويهدف إلى زرع الفتنة وإيصال رسائل بأن هناك خلايا ناشطة داخل العاصمة تسعى إلى إثارة الرعب والانتقام، وتقويض جهود ضبط الأمن وتعطيل مسار الاستقرار.

ويرجح أن الجهة المنفذة هي فلول النظام البائد، الذين يحتفظون بأسلحة مخبأة، وأنهم يتمتعون بمعرفة جغرافية دقيقة بالمكان المستهدف، وبطاقات تسوية تتيح لهم التنقل دون إثارة الشبهات.

الهجوم على المزة 86 لا يمكن اختزاله في حدث أمني منعزل، والهدف هو خلق شعور بعدم الاطمئنان. التحدي الأكبر أمام السلطات السورية هو إعادة بناء الثقة لدى السكان في قدرة الدولة على حمايتهم، وهي ثقة بدأت تتعافى بعد سنوات من الصراع. في ظل تغير المعادلات الإقليمية ودخول دمشق في مسار تطبيع سياسي، فإن أي فراغ في الضبط الأمني الداخلي قد يتحول إلى ورقة ضغط في يد جهات تراهن على فشل التجربة الجديدة.

مشاركة المقال: