السبت, 17 مايو 2025 06:35 PM

هل تعترف دمشق أخيرًا بالإيزيديين؟ مطالب بالاعتراف الرسمي بديانتهم بعد عقود من التهميش

هل تعترف دمشق أخيرًا بالإيزيديين؟ مطالب بالاعتراف الرسمي بديانتهم بعد عقود من التهميش

دلسوز يوسف – الحسكة

بعد عقود من التهميش في سوريا، لاقى مطلب مؤتمر "وحدة الموقف الكردي" الذي انعقد في القامشلي في الـ 26 من نيسان/ أبريل الماضي، الاعتراف بالديانة الإيزيدية كديانة رسمية في سوريا ضمن بنود الحوار مع السلطة الجديدة في دمشق، ترحيباً واسعاً بين الإيزيديين السوريين، كخطوة لصون حقوقهم وإثبات هويتهم. وعلى غرار الكثير من المكونات، عانى الإيزيديون في سوريا الذين ينتشرون في الجزيرة وحلب وريفها، خلال العقود الماضية من مصادرة حقوقهم المدنية والاجتماعية والدينية جراء السياسات المطبقة بحقهم من قبل الأنظمة المتعاقبة على الحكم في سوريا.

ونص البند السادس في المجال الوطني السوري ضمن البيان الختامي للمؤتمر الذي شارك فيه أكثر من 400 شخصية سياسية ومجتمعية كردية، "حيادية الدولة تجاه الأديان والمعتقدات، وحق ممارسة الشعائر الدينية والاعتراف بالديانة الإيزيدية ديانة رسمية في الدولة". فيما يرى البعض أن هذا البند يتناقض مع البند الأول من البيان والذي ينص بأن "سوريا دولة متعددة القوميات، والإثنيات، والثقافات، والأديان والطوائف يضمن دستورها حقوق كافة المكونات السورية وبمبادئ فوق دستورية".

"الدستور يضمن حقوقنا"

يقول إسماعيل دلف، وهو الرئيس المشارك للبيت الايزيدي في الجزيرة، شمال شرقي سوريا، لنورث برس، إن نقاشات موسعة جرت حول حقوق الإيزيديين في المؤتمر الكردي بعد تهميش وقمع طوال عقود، معرباً عن سعادته بإدراج حق الاعتراف بديانتهم ضمن البيان الختامي للمؤتمر الكردي والنقاش عليها مع إدارة دمشق.

ويضيف: "لا يمكن لمعتنقي الديانة الإيزيدية العيش بحرية دون الاعتراف بهم، وإدراج الديانة فقط ضمن الدستور غير كافي أيضاً، نحن نطالب الاعتراف ضمن المواثيق وعلى أرض الواقع". وجرد الإيزيدون كسائر الكرد في سوريا من الجنسية وممارسة معتقداتهم بحرية، وفي عام 2021 أصدرت وزارة العدل السورية تعميماً ينص على إخضاع الايزيديين فيما يتعلق بقضاياهم الشرعية ومنها الزواج إلى قانون الأحوال الشخصية دون إيجاد استثناء لهم كما الدروز واليهود والمسيحيين، مع فرض عقوبات قضائية تجاه الرافضين لذلك، مما أثار حالة استياء وغضب بين الإيزيديين.

ومنذ بدء الأزمة في سوريا، سعى الإيزيديون إلى تنظيم أنفسهم من خلال تأسيس مجالس ثقافية ودينية بهدف الحفاظ على تراثهم وهويتهم. ويشير دلف، إلى أنهم يشعرون بالحرية في مناطق الإدارة الذاتية وذلك بعد الاعتراف بهم ولا سيما لديهم نسبة مشاركة (حصة) يحميها العقد الاجتماعي ضمن المؤسسات.

ويذكر: "نحن نرى أن الدستور وحده يمكنه حماية حقوقنا، فالدستور سيرفع الظلم عن الإيزيديين وجميع الأديان الأخرى". ويشدد الرئيس المشارك للبيت الإيزيدي، بأنهم يرون أنفسهم ديانة مستقلة وليست معتقد ومن حقهم حمايتهم، لافتاً إلى أنهم كإيزيديين ومنذ نشوء الجمهورية السورية في العشرينات من القرن الماضي قدموا الكثير لحماية الوطن كسائر المكونات في البلاد.

"الإيزيدية.. إحدى أقدم الديانات"

يقول محمد أشرف علي، وهو سياسي كردي، لنورث برس، إن "التاريخ شهد ظهور أكثر من 120 ألف نبي بغية تنظيم الشعب، لكن مع تطور الزمن بقيت أربعة أديان سماوية فقط واستمروا إلى يومنا الراهن".

ويضيف: "كان هناك بعض الأديان الصغيرة بالرغم من أنها من الديانات القديمة لكنها واجهت التهميش ضمن التاريخ ولم يعرفوا بين المسلمين واليهود والمسيحيين والآشور"، على حد قوله. ويتابع: "من بين هذه الأديان هي الديانة الإيزيدية حيث واجهه المجتمع بعقلية رجعية ولم يتم التعرف عليه بشكل جيد، ولم يعترف بحقوقهم الأسرية والدينية والمجتمعية، ولكن في هذه المرحلة وبعد مؤتمر وحدة الصف الكردي طالب الكرد بحقوق أبناء هذه الديانة الذي ينتمي لإحدى أقدم الديانات ولهم تاريخ وجذور من شعوب الشرق الأوسط".

ويرى السياسي الكردي، ضرورة وأهمية المطالبة بحماية حقوق الإيزيديين والاعتراف بديانتهم، بعد أن تعرضوا للترهيب والقتل وارتكب بحقهم 73 مجزرة عبر التاريخ، داعياً إلى وقف المجازر بحقهم وأن يتساووا بحقوقهم مع الأديان الأخرى.

ويشير إلى أنه لطالما دعا المؤتمر الكردي إلى الديمقراطية والحرية والمساواة والانسانية وعدم التميز بين الأديان، "يجب أن يكون لهذا الدين مكانة رئيسية، ويمارسوا شعائرهم الدينية بكل حرية دون عداوة". ويرى أنه عندما يتم تثبيت حقوقه ضمن الدستور "سيتم حمايته من الآن وصاعداً، كما ستبقى حقوقه مصانة مهما تغير الرؤساء والأنظمة في البلاد ومهما تغير التاريخ سيحفظ تاريخ الإيزيديين ويصون حقوقهم الدينية".

وبلغ عدد الإيزيديين في سوريا نحو 50 ألفاً نسمة غالبيتهم في منطقة عفرين بريف حلب في إحصائية لعام 2014، إلا أن مسؤولين في البيت الإيزيدي يرجحون انخفاض العدد إلى النصف تقريباً نتيجة الهجرة إلى الخارج، عقب الهجمات التركية وتنظيم الدولة الإسلامية "داعش" على المنطقة. وبعد سقوط نظام الأسد أواخر العام الفائت، يأمل الإيزيديون بإحداث تغيرات لبناء سوريا جديدة تضمن حقوق جميع السوريين على مختلف انتماءاتهم العرقية والدينية.

تحرير: خلف معو

مشاركة المقال: