على السجادة الحمراء، تبدو الأجساد وكأنها منحوتات مثالية، والسر ليس الحمية والتمارين فقط، بل الحقن السحرية المعروفة بـ "إبر التنحيف"، مثل إبر التنحيف مونجارو وإبر التنحيف أوزمبك.
هذه الوسيلة غيّرت حياة الكثيرين، وحوّلت الرشاقة إلى هدف سهل المنال. ولكن وراء هذا التحول الجسدي المذهل، تساؤلات مقلقة حول التأثير النفسي، والمخاطر الصحية، والإدمان الذي يدفع بعض النجوم نحو الهاوية. فما الذي يجعل هذه الإبر حلماً مغرياً وكابوساً محتملاً في آن واحد؟
إبرة للوزن… و"للصورة"!
بدأت هذه الإبر كعلاج لمرضى السكري، ولكن سرعان ما اكتُشفت فعاليتها في كبح الشهية وخسارة الوزن بسرعة. ومن هنا، وجدت طريقها إلى هوليوود والعالم العربي، حيث الصورة تعني كل شيء.
لجأ إليها النجوم علناً أو سراً، لمواكبة معايير الجمال القاسية. وإيلون ماسك اعترف باستخدامه لها، وكذلك الإعلامية تشيلسي هاندلر، فيما أُثيرت شكوك حول تغير ملامح وأجساد عدد من النجمات العربيات.
لكن المسألة تتعدى الشكل، فالاستخدام المنتظم يمنح إحساساً بالتحكم، بالنحافة، وبالقبول الاجتماعي، وهي عوامل نفسية مؤثرة جداً على شخص يعيش تحت عدسات الكاميرا يومياً.
آثار جسدية ونفسية خطيرة… قد تصل إلى الموت
رغم الإغراءات، قد يكون الثمن باهظاً. فالإبر ترتبط بآثار جانبية كثيرة: غثيان، إسهال، فقدان عضلات، تساقط شعر، ضعف عام، وقد تصل في بعض الحالات إلى التهاب البنكرياس أو مشاكل الغدة الدرقية. بعض المرضى واجهوا تدهوراً في وظائف الكلى أو المرارة، إلى جانب تغيرات حادة في المزاج واضطرابات في صورة الجسد.
في أوساط المشاهير العالميين، نُقلت المغنية الأميركية كورتني لوف إلى المستشفى بعد آثار جانبية مقلقة بسبب استخدامها لهذه الإبر. وفي حالة مأساوية، أُثيرت تساؤلات حول وفاة الممثلة الأميركية ليزا ماري بريسلي بعدما تبيّن أنها كانت تستخدم هذه الإبر، وسط مخاوف من تأثيرها على القلب.
أما في العالم العربي، فقد توالت التحذيرات من حقن إنقاص الوزن بعد تسببها بأزمات صحية لعدد من الفنانين. وكانت الممثلة المصرية هند عبد الحليم قد أعلنت دخولها المستشفى إثر إصابتها بشلل موقت في المعدة بعد استخدامها هذه الحقن لخمسة أسابيع، داعية جمهورها عبر إنستغرام إلى استشارة طبيب مختص قبل اللجوء إليها.
من جهته، كشف الفنان خالد الصاوي في لقاء تلفزيوني أنه كاد يفقد حياته بعد تجربته مع نوعين من هذه الحقن رغم خسارته 20 كيلوغراماً، إذ تسبب الأمر بتوقف جهازه الهضمي ودخوله المستشفى.
أما الفنانة إلهام شاهين، فرغم تأكيدها فعالية إبر التنحيف، حذّرت من مضاعفاتها، ووصفت استخدامها من دون إشراف طبي بالخطير. واعترفت في حديث إذاعي بأن اعتمادها المفرط على هذه الأدوية كان "خطأً" تسبب لها بمتاعب صحية.
لماذا يلجأ المشاهير إلى إبر التنحيف؟
كشفت ليال صرّوف كعدي، اختصاصية علم النفس، لـ"النهار" عن الأسباب التي تدفع الأشخاص ولا سيّما المشاهير إلى اللجوء إلى إبر التنحيف رغم خطورتها على حياتهم مؤكّدة أنّه "رغم إدراكهم أن هذه الحقن لا تمنحهم النتائج المرجوّة، يستمرون في استخدامها".
وأمّا أبرز الأسباب، فهو بحسب كعدي، مرتبط بضغوط السوشيل ميديا، إذ قالت: "ترتبط شهرة النجوم مباشرةً بصورتهم على منصات تواصل الإجتماعي". وتُضيف: "هذا الضغط لا يقتصر على المشاهير فحسب، بل يطال أيضاً الأشخاص العاديين الذين يعانون إن لم يتمكنوا من ضبط حضورهم الرقمي".
سبب آخر تتحدّث عنه كعدي وهو قلّة الثقة بالنفس. فحتى المشاهير، على حدّ قولها، لا يتمتعون دائماً بثقة عالية بأجسامهم، ما يدفعهم إلى تجربة وسائل متعددة للوصول إلى ما يعتقدون أنه "الجسم المثالي". وتشرح ذلك بالقول: "لأن حياة المشاهير تخلو من الخصوصية بسبب الأضواء المستمرة، يبحثون عن شيء يمنحهم شعوراً بالتحكّم، ولو كان ذلك عبر مظهرهم الجسدي. فهم يشعرون، في لاوعيهم، بأن التحكم بمظهرهم الخارجي يمنحهم توازناً في عالم لا يملكون فيه السيطرة على الكثير من التفاصيل".
أمّا عن علاج هذه الأسباب، فتقول كعدي: "في هذه الحالات، يحتاج الشخص إلى علاج نفسي يُعنى بصورة الجسد، وتعزيز احترام الذات، والعمل على هوية الفرد، ليدرك أن هويته لا تُختزل بمظهره الخارجي". وتُضيف: "يتطلب الأمر أيضاً علاجاً يساعد على فهم تأثير وسائل التواصل الاجتماعي، ومدى تأثيرها الكبير على الفرد".
وتُنهي المعالجة النفسية تعداد الأسباب بالإضاءة على تأثير متطلّبات المهنة، وعبّرت عن ذلك بالقول: "للمتطلبات المهنية أيضاً دورها، فمسيرتهم المهنية تتطلب مظهراً جسدياً مثالياً، وهذا يدفعهم أكثر لاستخدام هذه الحقن"، مُضيفةً أنّ "الجسم بالنسبة إليهم يشكّل شرطاً أساسياً للعمل، وهو بوابة دخولهم إلى المهنة. وفي مرحلة ما، يصبح جزءاً من هويتهم، إذ يثبتون أنفسهم من خلال مظهرهم الخارجي".
أخيراً، لا شكّ في أننا نحتاج إلى ثقافة جمال جديدة في عالمنا، تُشجّع على حبّ الشكل الخارجي كما هو، وتقدّر الصحّة على حساب المقاسات. فالرشاقة ليست مظهراً فقط، بل رحلة توازن تبدأ من الداخل.
أخبار سوريا الوطن١-وكالات-النهار