الإثنين, 3 نوفمبر 2025 09:55 PM

وزارة الرياضة السورية: تحديات الديون والإصلاحات الطموحة في مواجهة الواقع

وزارة الرياضة السورية: تحديات الديون والإصلاحات الطموحة في مواجهة الواقع

تواجه وزارة الرياضة والشباب السورية تحديات كبيرة نتيجة للإرث المالي والإداري للاتحاد الرياضي العام السابق، وفقًا لما ذكرته عنب بلدي. تعيش الرياضة السورية أزمة متعددة الجوانب، تشمل البنية التحتية المتضررة، وإعادة الهيكلة الإدارية، والصعوبات في تمويل الأندية.

على الرغم من جهود الوزارة للنهوض بالرياضة السورية وتعزيز التعاون الدولي، فإن تقييم أدائها يتباين في الأوساط الرياضية. البعض يرى أن الوزير الحالي يقود مرحلة إصلاح طموحة، بينما يعتبر آخرون أن العمل لا يزال يفتقر إلى الكفاءة والخبرة اللازمة لتحقيق التحول المنشود.

تعاون دولي لتطوير البنية الرياضية

خلال الأشهر الأخيرة، سعت وزارة الرياضة والشباب لإبرام اتفاقيات ومذكرات تفاهم لتطوير البنية الرياضية وتعزيز التعاون مع المؤسسات الدولية. في هذا السياق، بحث وزير الرياضة والشباب السوري، محمد سامح الحامض، مع نظيره التركي، عثمان أشقن باك، في 2 تشرين الأول الماضي، إمكانية إقامة بطولات مشتركة بين البلدين، وتبادل الخبرات، وتنفيذ مشاريع مشتركة.

أوضح المتحدث باسم وزارة الرياضة، مجد الحاج أحمد، لعنب بلدي، أن الزيارة تناولت ملفات الاستثمار والتنظيم الرياضي واتحادات الألعاب. وتم الاتفاق على توقيع مذكرة تفاهم وتشكيل لجان فنية من الطرفين لمتابعة التعاون. وأشار إلى أن الخطوة الأولى هي استقبال المنتخب التركي لكرة السلة ما دون 16 عامًا، بالإضافة إلى تبادل الخبرات، أو استقبال المنتخبات، أو إقامة مباريات بين الطرفين في عدة ألعاب ونشاطات.

أكد الحاج أحمد مشاركة مستثمرين وخبراء أتراك للمساعدة في تطوير المنشآت السورية. كما أطلقت الوزارة شراكة استراتيجية مع "Inuksuit International" الفرنسية لتطوير الكوادر الرياضية. سيسهم المشروع في تعزيز الاستدامة من خلال المتابعة والإشراف على تنفيذ الخطط، بالإضافة إلى تدريب الكوادر على أحدث أساليب التخطيط الاستراتيجي.

أبرمت وزارة الرياضة مذكرة تفاهم مع أيمن جادة، ممثل مجموعة "Matchworld Group" في قطر، بهدف تعزيز مجالات الابتكار والتسويق الرياضي في سوريا. وأشار الحامض إلى أن هذه الشراكة تمثل خطوة مهمة نحو تحديث الرياضة السورية وتطويرها وفق أسس احترافية، لتحقيق أكبر فائدة لشباب سوريا داخل البلاد وخارجها.

شملت المذكرة مع الجانب القطري تقديم استشارات متخصصة لتطوير البنية الإدارية وتحديثها، إلى جانب استخدام أدوات تحليل الأداء الرياضي المعتمدة على تقنيات الذكاء الاصطناعي، بهدف تعزيز كفاءة اللاعبين والمدربين ورفع مستوى الأداء الفني لديهم. وكشف معاون وزير الرياضة والشباب، جمال الشريف، عن تشكيل لجنة سورية- قطرية لبحث سبل ترميم وصيانة خمسة ملاعب وصالتين رياضيتين في المحافظات السورية.

وزارة مثقلة بالديون

ورثت وزارة الرياضة ديونًا متراكمة من الاتحاد الرياضي العام في عهد النظام السابق، تقدر بنحو 55 مليار ليرة سورية، وفقًا لتصريح مجد الحاج أحمد لعنب بلدي. وعلى الرغم من العقود القديمة المقيدة، عملت الوزارة على إعادة تقييم بدل الاستثمار ورفع قيمته بما يتناسب مع المتطلبات الجديدة، ومن أبرز المشاريع المنجزة في هذا الإطار استثمار فندق "الجلاء".

أكد الحاج أحمد أن سياسة الاستثمار الجديدة تمكنت من تحقيق إيرادات مهمة للوزارة. وفيما يتعلق بمنهجية العمل، أوضح الحاج أحمد أن الوزارة وضعت هيكلًا إداريًا في المقام الأول، وتقوم الآن بإعداد الهيكل الوظيفي لضمان وضوح العمل ومنع التداخل بين الجهات. وأضاف: "نعمل وفق توجيهات القيادة السياسية على توسيع التعاون مع الدول الصديقة"، وسيتم قريبًا توقيع مذكرة تفاهم رسمية لتفعيل هذا التعاون ميدانيًا.

أوضح أن الوزارة تقوم بإعداد قانون التنظيم الرياضي الجديد لتشكيل الأساس القانوني، ومن ثم سيصدر قانون لتنظيم عمل الاتحادات والأندية.

خطة استدامة حتى 2028

شاركت جميع الاتحادات في البطولات العربية والآسيوية والدولية بعد انقطاع طويل، في خطوة تهدف إلى إعادة الروح ورفع العلم السوري في المحافل الدولية، وفقًا لما قاله مجد الحاج أحمد لعنب بلدي. وأضاف أن الوزارة وضعت خطة استدامة حتى عام 2028 تضمن حضور المنتخبات السورية بقوة في أغلب الألعاب. وبالنسبة للألعاب الجماعية، أكد الحاج أحمد أن الوزارة ستعمل على دعم لعبتي كرة القدم والسلة لتكونا في مستوى يليق بالجمهور.

جدل حول أداء الوزير

تواجه وزارة الرياضة اتهامات بـ"المحسوبية والفساد" والتقصير وعدم الكفاءة، كما حصل في قضية صيانة المنشآت واضطرار منتخب السلة إلى لعب مباريات مهمة في الأردن، وهو ما أثار جدلاً واسعًا بين الجماهير السورية. يرى الباحث الأكاديمي والمحلل الرياضي غيفارا الخطيب، في حديثه لعنب بلدي، أن "الوزير يفتقر إلى الكفاءة العلمية والخبرة الإدارية، ويبدو متخبطًا في قراراته". وأضاف أنه لا توجد مؤشرات على وجود عمل فعلي أو خطة واضحة، فالوزارة أشبه بمؤسسة "الاتحاد الرياضي العام"، أكثر مما هي جهة تنفيذية حقيقية.

يرى الخطيب أن المسؤولين السابقين، على الرغم من تورط بعضهم في الفساد، كانوا يمتلكون الحد الأدنى من الخبرة والإدارة، أما الوزير الحالي فلا يتوفر لديه هذا الشيء رغم أنه لا يُتهم بالفساد. من جهته، قال المتحدث باسم وزارة الرياضة والشباب، مجد الحاج أحمد، في حديثه إلى عنب بلدي، إنه من الطبيعي أن تكون هناك انتقادات، إذ لا يوجد عمل خالٍ من الأخطاء بنسبة 100%. ولكن يجب أن تكون الانتقادات مستندة إلى المنهجية والمنطق والعلمية.

وتابع أن الوزارة ورثت من الاتحاد السابق إرثًا ثقيلًا مليئًا بالسلبيات والإشكالات التي كانت تنخر في جسم المؤسسة الرياضية. وأشار إلى أن الوزارة تعاني من اتهامات لا تستند إلى دليل أو برهان، إذ ينجرف بعض المتابعين خلفها دون التحقق أو بذل جهد في السؤال والاستفسار. وطالب الأشخاص المنتقدين باللجوء إلى الجهاز المركزي للرقابة والتفتيش أو إلى القضاء لتقديم الأدلة والوثائق حول أي حالة فساد أو محسوبية أو ضرر مؤسساتي، مؤكدًا أن هناك أجهزة رقابة داخلية في الوزارة.

وشدد على أن الوزارة تتعامل مع هذه القضايا بجدية، وقد اتخذت إجراءات في بعض المفاصل بعد التحقيق وثبوت الأدلة. ويرى الصحفي الرياضي هاني عنطوز أن الوزارة تتمتع برؤية طموحة وخطة استراتيجية واضحة المعالم، إلا أن نجاحها مرتبط بقدرتها على تجاوز التحديات الهيكلية الموروثة من الاتحاد السابق. وحول الاعتماد على كفاءات تملك الشهادة والمؤهل العلمي، قال عنطوز لعنب بلدي إن الوزارة من أولوياتها الاعتماد على الكوادر المؤهلة، وأصحاب الشهادات الجامعية والخبرات الرياضية.

واختتم حديثه مؤكدًا أنه لا يمكن الاعتماد على الشهادة وحدها أو الخبرة، فهما يكملان بعضهما. يبقى واقع الرياضة السورية أمام فرص وتحديات في آن واحد، فقد أظهرت وزارة الرياضة والشباب بعض الخطوات الإصلاحية عبر الاتفاقيات الدولية وتطوير الهياكل الإدارية، لكن الوعود بتحقيق إنجازات في البنى التحتية تنتظر نتائج ملموسة للحكم على نجاح التجربة من عدمه.

مشاركة المقال: