الإثنين, 28 أبريل 2025 04:40 PM

أزمة السكن تتفاقم في إدلب: ارتفاع قياسي للإيجارات يهدد النازحين والمغتربين العائدين

أزمة السكن تتفاقم في إدلب: ارتفاع قياسي للإيجارات يهدد النازحين والمغتربين العائدين

إدلب – سماح علوش: يواجه محمد الرزوق صعوبة بالغة في العثور على منزل في مدينة إدلب بإيجار لا يتجاوز 100 دولار أمريكي شهريًا (1.1 مليون ليرة سورية)، وهو الحد الأقصى لما يستطيع تحمله ماليًا، بعد أن منحه صاحب المنزل الحالي مهلة شهرين لإخلاء وتسليم العقار. يعمل محمد في ورشة خياطة بأجر شهري لا يتجاوز 170 دولارًا، وهو بالكاد يكفي لتلبية احتياجات عائلته، حيث يدفع حاليًا 60 دولارًا كإيجار شهري، وهو مبلغ منخفض مقارنة بالإيجارات الحالية لأن المنزل عبارة عن قبو تنتشر فيه الرطوبة والعفن داخل الجدران والأسقف.

يرغب صاحب المنزل في إعادة تجهيزه لاستثماره وطلب إيجار أعلى، بعد أن كان مترددًا ومتخوفًا من دفع أي مبلغ لذلك، لكن سوق الإيجارات شهدت تحركًا وارتفع الطلب، وأصبحت الإيجارات "بورصة"، على حد تعبير مستأجرين قابلتهم عنب بلدي. في عام 2024، ارتفعت إيجارات المنازل بنسبة 70% في إدلب مقارنة بالعام الذي سبقه، بينما ارتفعت بنسبة 20% منذ مطلع العام الحالي، مع توقعات بمزيد من الارتفاع، في زيادة لا تتناسب مع الوضع المعيشي والاقتصادي، وترتبط بالعرض والطلب، وعودة المغتربين واللاجئين، بالإضافة إلى توفر بعض الخدمات مقارنة بالمحافظات الأخرى.

ارتفاع 20%

وفقًا لأيمن، وهو صاحب مكتب عقاري في المدينة، فإن الإيجارات ارتفعت مطلع العام الحالي بنسبة 20%، معتبرًا أنها تفوق قدرة المستأجرين ذوي الدخل المحدود، حيث أن معظمهم من النازحين والمهجرين الذين فقدوا منازلهم في مدنهم الأصلية بسبب القصف، مما منعهم من العودة وأبقاهم رهن الإيجار. وأشار محمود حمدون، وهو عامل في مجال العقارات بإدلب، إلى عنب بلدي، أن عدم وجود قوانين أو لائحة أسعار تحدد قيمة الإيجار الدنيا أو العليا وتلزم أصحاب العقارات بها، بناءً على عدد الغرف أو المساحة أو المنطقة والطابق، وتضمن حقوق الطرفين، دفع البعض إلى استغلال المستأجرين ورفع الإيجارات بسبب زيادة الطلب عليها مؤخرًا.

عودة المغتربين أسهمت بالارتفاع

وفقًا لرصد عنب بلدي، ساهمت عودة بعض المغتربين في ارتفاع أسعار العقارات، سواء للشراء أو للإيجار، مما زاد الطلب عليها، ويعتبرهم أصحاب العقارات "صيدًا" لطلب إيجار مرتفع، نظرًا لقدرتهم على الدفع دون مماطلة أو تأخير وبعقود لا تتجاوز ستة أشهر، للتمكن من رفعها وتغيير قيمة العقد فور انتهائه ورغبتهم في تجديده. من جهة أخرى، أثرت عودة بعض المغتربين من أصحاب العقارات سلبًا على المستأجرين الذين بدورهم يتكبدون عناء البحث من جديد عن منزل مناسب، وتحمل النفقات المترتبة من تأمين و"كمسيون" (عمولة لأصحاب المكاتب العقارية) وأجور نقل وغيرها.

توازي الإيجارات في تركيا

قبيل عودة عائلة حمزة جمعة من تركيا، بدأ بالبحث على مواقع التواصل الاجتماعي ومجموعات العقارات عن منزل للإيجار بهدف الاستقرار في مدينة إدلب، لكنه صُدم بالإيجارات، التي فاقت إيجارات ولاية قيصري التي يقيم فيها حاليًا، حيث يدفع شهريًا ما يعادل 115 دولارًا تقريبًا (4500 ليرة تركية). وبعد بحث متواصل، يصل إيجار منزل بتجهيز مقبول نوعًا ما بثلاث غرف ومنافع إلى 150 حتى 200 دولار في إدلب، بالإضافة إلى التأمين الذي يطلبه صاحب المنزل، و"الكمسيون" أو العمولة التي يأخذها صاحب المكتب العقاري مقابل هذه الخدمة وقيمتها إيجار نصف شهر.

في حين يبلغ إيجار أربع غرف أو أكثر بين 200 و250 دولارًا وربما أكثر، بحسب التجهيز والخدمات المتوفرة في البيت مثل ساعة الكهرباء والإنارة وسخان المياه. وصارت محافظة إدلب محطّ أنظار السوريين نظرًا إلى توفر العديد من مقومات الحياة فيها، والتي تفتقر لها بقية المحافظات، كالماء والكهرباء وشبكات الإنترنت وأسواقها المتنوعة. وكذلك ارتفعت إيجارات المحال خاصة في الأسواق الرئيسة، حيث قال صاحب محل للألبسة، إنه كان يدفع 250 دولارًا شهريًا، ليطلب منه المالك عقدًا جديدًا بقيمة 400 دولار، وهذا الأمر يؤثر سلبًا بالدرجة الأولى على الزبائن والمستهلكين، إذ يرفع أصحاب المحال الأسعار أمام الزبائن ليتمكنوا من دفع الإيجار وتحقيق هامش ربح يؤمّن مصاريف المعيشة.

مشاركة المقال: