الجمعة, 24 أكتوبر 2025 12:25 AM

أزمة في ريف عامودا: ارتفاع تكاليف الزراعة يهدد موسم الحصاد ويزيد معاناة المزارعين

أزمة في ريف عامودا: ارتفاع تكاليف الزراعة يهدد موسم الحصاد ويزيد معاناة المزارعين

يشهد القطاع الزراعي في ريف عامودا تدهوراً متزايداً بسبب الارتفاع الكبير في تكاليف الإنتاج، وخاصة أسعار بذار القمح، مما أدى إلى تراجع قدرة الفلاحين على زراعة أراضيهم كالسابق. وفي ظل غياب الدعم الحكومي والرقابة على الأسواق، يواجه العديد من المزارعين خيارين صعبين: إما الدخول في شراكات لتقاسم الأعباء أو ترك الأرض دون زراعة.

قال المزارع محمد الخمري من ريف عامودا إن ارتفاع تكاليف الزراعة أصبح يفوق قدرة الفلاحين على التحمل، موضحاً: "كنت أزرع نحو مئتي دونم تكفيني وتحقق لي مردوداً جيداً، لكن اليوم أصبحت هذه المساحة عبئاً ثقيلاً بسبب ارتفاع الأسعار. لم أعد قادراً على تغطية تكاليف الإنتاج بمفردي، لذلك لجأت إلى شراكة مع مزارع آخر لنتقاسم الأعباء ونحاول الاستمرار بالعمل."

وعن أبرز المصاريف التي تثقل كاهل الفلاحين، أوضح الخمري أن البذار وحده أصبح يشكّل عبئاً كبيراً، قائلاً: "أحتاج نحو أربعة أطنان من بذار القمح، وسعر الطن الواحد وصل إلى 450 دولاراً، أي أن البذار وحده يكلف نحو 1800 دولار، دون احتساب مصاريف السماد والسقاية والعمال. في الموسم الماضي بلغت خسارتي نحو 2500 دولار، ولم تتدخل أي جهة لتعويضنا أو حتى للاستماع إلى مشاكلنا. غياب الرقابة على التجار جعلهم يتحكمون بالأسعار كما يشاؤون، والزراعة في ظل هذه الظروف أصبحت مغامرة غير محسوبة المخاطر."

من ناحية أخرى، تحدث المزارع أبو فيصل من قرية أم الربيع على طريق عامودا عن واقع مشابه، مشيراً إلى أن الموسم الزراعي الحالي لا يبشر بالخير على الإطلاق. وقال: "أسعار البذار وصلت إلى مستويات خيالية، إذ يبلغ سعر طن القمح نحو 450 دولاراً، وهو رقم لا يمكن للفلاحين تحمله. البذار، الذي يمثل الأساس في العملية الزراعية، أصبح وسيلة للربح السريع لدى التجار على حساب المزارعين الذين يعانون من ضغوط مالية خانقة. كل عناصر الإنتاج ارتفعت أسعارها من بذار وسماد وسقاية وحتى أجور العمال، دون أن يقابل ذلك أي دعم أو رقابة من الجهات المسؤولة."

وإلى جانب الأعباء المالية، أشار أبو فيصل إلى أن العوامل المناخية فاقمت الأزمة، موضحاً: "حتى الأحوال الجوية لا تساعد هذا العام، فلا أمطار مبكرة ولا برودة كافية لنمو المحاصيل بشكل سليم. الفلاح أصبح بين نارين: ارتفاع تكاليف الإنتاج من جهة، وغياب الدعم الحكومي من جهة أخرى. في حال استمر الوضع على هذا النحو، سيضطر كثير من المزارعين إلى التوقف عن الزراعة، لأن الخسارة باتت تفوق الأرباح، ومن يستمر بالعمل في هذه الظروف كأنه يغامر بلقمة عيش أسرته."

في ضوء هذه المعطيات، يتفق المزارعون في ريف عامودا على أن استمرار ارتفاع الأسعار دون تدخل فعّال من الجهات المختصة ينذر بتراجع الإنتاج المحلي وتهديد الأمن الغذائي في المنطقة. ويؤكد الفلاحون أن دعم القطاع الزراعي ومراقبة الأسواق لم تعد مطالب ثانوية، بل ضرورة عاجلة لضمان بقاء الزراعة كمصدر رزق أساسي وحماية الريف من التدهور الاقتصادي والاجتماعي المتسارع.

مشاركة المقال: