الخميس, 14 أغسطس 2025 01:52 AM

ألمانيا أمام معضلة الاعتراف بفلسطين مع الحفاظ على حق إسرائيل في الوجود: تحديات سياسية وإرث تاريخي

ألمانيا أمام معضلة الاعتراف بفلسطين مع الحفاظ على حق إسرائيل في الوجود: تحديات سياسية وإرث تاريخي

يدفع تصعيد القتال الإسرائيلي والسيطرة العسكرية على غزة برلين إلى اتخاذ إجراءات حازمة ضد تل أبيب، بما في ذلك تقييد صادرات الأسلحة. يأتي هذا وسط انتقادات متزايدة لحكومة بنيامين نتنياهو وإعلان دول أوروبية كبرى، مثل فرنسا وبريطانيا، نيتها الاعتراف بفلسطين.

يثير هذا تساؤلات حول ما إذا كانت ألمانيا، المثقلة بـ "الذنب التاريخي" بسبب "الهولوكوست"، ستحذو حذو جيرانها الأوروبيين وتوجه إشارة سياسية واضحة لنتنياهو، وكيف ستحقق التوازن بين الاعتراف الدبلوماسي بفلسطين وحق إسرائيل في الوجود.

بينما يتجنب المستشار فريدرش ميرتس الالتزام بحل الدولتين ويركز على إطلاق سراح الرهائن ووقف إطلاق النار، يدعو حزب الخضر إلى تحول جذري في السياسة الألمانية تجاه الشرق الأوسط، مع انتقادات واضحة لإسرائيل وتدابير ملموسة ضدها، مثل الاعتراف الدبلوماسي بفلسطين والضغط الاقتصادي على الحكومة الإسرائيلية.

ترى لويزه امتسبرغ، من حزب الخضر، أن مبادرة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون تبعث بإشارة قوية تجاه إسرائيل، وتدعو ميرتس إلى اتباع مسار ماكرون لإيجاد حل طويل الأمد للسلام والأمن في المنطقة. وتضيف أن الاعتراف بفلسطين يساهم في إرسال إشارة رمزية قوية لتل أبيب من بلد كألمانيا.

وقد اعترفت حكومات دول النرويج وإسبانيا وإيرلندا وسلوفينيا العام الماضي بفلسطين. أما حزب اليسار، فقد دعا إلى تعليق اتفاقية الشراكة الإسرائيلية مع الاتحاد الأوروبي والاعتراف بفلسطين كدولة، فيما طالب سياسيون من الاشتراكيين بفرض عقوبات ضد الوزراء الإسرائيليين.

ترى السياسية زيمتي مالرو، بعد زيارتها لإسرائيل مع وزير الخارجية فاديفول، أن تل أبيب لن تتحرك دون ضغوط وعقوبات، وأن الاعتراف بالدولة الفلسطينية لا يتعين أن يكون من المحظورات.

بينما يرى سياسيون من الاتحاد الأوروبي أن إعلان ماكرون متسرع، يعتبر آخرون المسار الفرنسي مستداماً. ويرى الكاتب غيرهارد شبورل أنه من المنطقي الإصرار على حل الدولتين، لأن الحكومة الإسرائيلية لديها نية معاكسة، أي ضم غزة وتوسيع المستوطنات في الضفة الغربية.

ويضيف شبورل أن الاعتراف الدبلوماسي لا يعني التخلي عن حق الوجود، بل يسد الفجوة التي تركتها إسرائيل منذ أن رفضت حكوماتها حل الدولتين. ويعمل المسؤولون في الخارجية الألمانية وفريق المستشار على خيارات بشأن المدى الذي يمكنهم الوصول إليه في علاقتهم مع إسرائيل، رغم الشكوك المثارة من ردات فعل داخل تل أبيب.

ويوضح شبورل بأن الوضع تغير بعد 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023، وأصبحت إسرائيل القوة المهيمنة في الشرق الأوسط، وأن حق إسرائيل بالوجود ليس على المحك حالياً.

يلفت الباحث السياسي توماس ستيلر إلى أنه، وعملاً بموجب القانون الدولي، لا توجد عواقب للاعتراف بفلسطين، وأنه يشكّل "خطوة رمزية". وترى الخبيرة في شؤون الشرق الأوسط موريل اسبورغ أن الاعتراف بفلسطين في هذه المرحلة قد يحدث تحوّلاً جذرياً.

يرى الخبير في شؤون الشرق الأوسط دانيال غيرلاخ أن حركة "حماس" لن تستفيد من الاعتراف بفلسطين، ولن تكون الجهة التي ستحكم القطاع، وذلك عملاً بإرادة المجتمع الدولي، وفيها أن يتم نزع سلاحها.

مشاركة المقال: