الجمعة, 28 نوفمبر 2025 07:26 PM

أوريان 21 يكشف: كيف تستخدم إسرائيل الأقليات كورقة ضغط لإضعاف الدول العربية؟

أوريان 21 يكشف: كيف تستخدم إسرائيل الأقليات كورقة ضغط لإضعاف الدول العربية؟

كشف مقال للكاتب الفرنسي إينياس دال في موقع أوريان 21 عن سياسة إسرائيلية قديمة تقوم على استغلال الأقليات في الشرق الأوسط كأدوات ضغط جيوسياسي لإضعاف الدول العربية، باعتبارها حليفًا محتملًا في مواجهة ما تعتبره “العدو المشترك”.

يشير المقال إلى أن هذه السياسة ليست وليدة اليوم، بل تعود إلى بدايات الحركة الصهيونية، وتتواصل في الوقت الحالي بشكل أكثر حدة في ظل الصراعات الأخيرة في غزة ولبنان وسوريا.

يوضح الكاتب أن قادة الحركة الصهيونية، منذ ما قبل إنشاء إسرائيل، اهتموا بتوظيف الأقليات غير العربية في المنطقة كقوة داعمة للمشروع الصهيوني، دون إيلاء اهتمام كبير للعلاقات المستقبلية مع العرب.

ويضيف أن لبنان حظي بمكانة خاصة في الفكر الصهيوني، حيث قدم حاييم وايزمان، أحد أبرز قادة الحركة الصهيونية وأول رئيس لدولة إسرائيل، خريطة في عام 1919 توسع فيها الكيان المنشود حتى نهر الأولي شمال صيدا، وفي الحرب الأخيرة عام 2024، أمر الجيش الإسرائيلي سكان جنوب لبنان بالتوجه شمال النهر.

ويذكر المقال أن وايزمان لم يكترث بسيادة لبنان، وادعى أمام ممثلي بريطانيا وفرنسا أن مياه نهر الليطاني “لا فائدة” منها لسكان لبنان الذين يعيشون شماله، وأن هذه المياه “لن تفيد” سوى من يعيشون جنوبه، أي ضمن حدود دولة إسرائيل المستقبلية.

لكن الضغوط اللبنانية، بقيادة البطريرك الماروني إلياس الحويك، ممثل لبنان لدى عصبة الأمم والداعي إلى استقلاله، أحبطت تلك الطموحات المبكرة، لتعود لاحقًا بأشكال أكثر تعقيدًا في ظل تفكك المنطقة بعد الانتدابين الفرنسي والبريطاني.

ويشير المقال إلى أنه بعد هزيمة 1967، أصبح لبنان هدفًا فعليًا لإسرائيل، التي لعبت دورًا بارزًا في إضعاف الدولة اللبنانية في بداية السبعينيات، بدعم أطراف محلية وإذكاء الانقسامات، وصولًا إلى اندلاع الحرب الأهلية عام 1975.

ويستعرض التدخلات الإسرائيلية الواسعة في لبنان، مثل غزو 1978 واجتياحه عام 1982، وحصار بيروت، ومجازر صبرا وشاتيلا، ودعم إنشاء جيش لبنان الجنوبي عام 1978، كقوة تابعة لإسرائيل أدت دور “الوكيل العسكري” حتى انهيارها عام 2000، بالإضافة إلى غزو 2006 وحرب 2024.

ويذكر المقال أنه بعد انتخاب الرئيس جوزيف عون ورئيس الحكومة نواف سلام في مطلع 2025، بقيت إسرائيل على موقفها المتصلب، مدعومة بغطاء أميركي وصمت فرنسي، في ظل ضغوط واشنطن على بيروت لنزع سلاح حزب الله دون مطالبة إسرائيل بوقف اعتداءاتها.

ويوضح المقال أن التحرك الإسرائيلي لم يقتصر على لبنان، ففي ديسمبر/كانون الأول 2024، وبعد انهيار نظام الرئيس السوري المخلوع بشار الأسد ووصول الرئيس الحالي أحمد الشرع إلى السلطة، شنت إسرائيل أكثر من 300 غارة جوية في ساعات قليلة، مستهدفة مواقع عسكرية ومنشآت إستراتيجية سورية، ووسعت إسرائيل سيطرتها في الجولان، ومنعت الجيش السوري من الاقتراب جنوب دمشق.

ويبرز المقال دور الدعاية الإسرائيلية في بناء رواية موجهة للغرب، حيث أصبحت غزة “مختبرًا للسردية الجيوسياسية”، وفقًا للباحث الفرنسي كريستيان سالمون، ويتم تهميش معاناة السوريين واللبنانيين وطمس سياق التدخلات الإسرائيلية، لصالح رواية تجعل إسرائيل “دولة دفاعية” محاطة بالأعداء.

ويشير المقال إلى أن السياسة الإسرائيلية تهدف في جوهرها إلى منع أي دولة عربية مجاورة من التعافي سياسيًا أو اقتصاديًا، وإلى استغلال الانقسامات الطائفية والعرقية، ثم استخدام القوة العسكرية لإعادة تشكيل التوازنات.

ويعرض المقال ما يعرف بعقيدة الأطراف التي أسسها رئيس الوزراء الإسرائيلي الأول ديفيد بن غوريون، والتي تقوم على بناء تحالفات مع دول غير عربية في المنطقة كإيران قبل الثورة وتركيا وإثيوبيا، ومع الأقليات داخل الدول العربية مثل الأكراد والدروز والموارنة ومسيحيي جنوب السودان، من أجل تطويق العالم العربي وإرباكه.

ويرسم الكاتب صورة تاريخية للعلاقة المعقدة بين إسرائيل والدروز، كدعم بعض عشائرهم للدولة منذ 1948، مقابل منح إسرائيل امتيازات خاصة لهم، ولكن التوترات عادت للواجهة أخيرا بسبب مصادرة 80% من أراضيهم في الجليل والتمييز في البنية التحتية، وقانون “الدولة القومية” الذي جعلهم مواطنين من الدرجة الثانية.

ويضيف أن جرائم الاحتلال في غزة والضفة الغربية أثارت غضبًا داخل المجتمع الدرزي، ومع ذلك تدخلت إسرائيل عسكريًا في يوليو/تموز 2025، في سوريا بذريعة “حماية الدروز” في السويداء خلال اشتباكات داخلية.

ويعيد المقال التذكير باتصالات إسرائيل القديمة بأكراد عراقيين، ودورها في دعم تمردهم لإشغال الجيش العراقي في الجبال، ومنع بغداد من الانخراط في حروب ضد إسرائيل، ويشير إلى وجود قواعد استخبارية إسرائيلية في كردستان العراق.

ويختتم المقال بالإشارة إلى أن السياسة الإسرائيلية تهدف إلى إضعاف المحيط العربي بتفكيك مجتمعاته، ودعم أقلياته وتوظيفها كأدوات نفوذ، بهدف ضمان تفوق إسرائيلي دائم في الشرق الأوسط.

مشاركة المقال: