السبت, 11 أكتوبر 2025 10:58 PM

إصرار رغم الجفاف: القطن يحافظ على وجوده في سهل الغاب بجهود المزارعين الذاتية

إصرار رغم الجفاف: القطن يحافظ على وجوده في سهل الغاب بجهود المزارعين الذاتية

على الرغم من الانخفاض الكبير في المساحات المزروعة هذا العام، يظل القطن حاضراً في سهل الغاب بريف حماة، رمزاً لأهميته الاستراتيجية والاقتصادية في المنطقة، وتجسيداً لإصرار المزارعين على مواصلة الزراعة رغم التحديات، وعلى رأسها الجفاف وارتفاع تكاليف الإنتاج. ففي ظل عدم إدراج القطن ضمن الخطة الزراعية الصيفية بسبب نقص المياه، قرر عدد من مزارعي سهل الغاب الاعتماد على خبراتهم ومواردهم الذاتية لزراعته، إيماناً منهم بدوره الاقتصادي والاجتماعي.

ومع بداية موسم الخريف، بدأت عمليات جني المحصول في مساحات محدودة لا تتجاوز تسعة هكتارات موزعة على مناطق مختلفة في السهل، وفقاً لمراسل منصة سوريا 24 في حماة.

تراجع كبير في زراعة القطن

أوضح المهندس الزراعي طلال مواس لمنصة سوريا 24 أن القطن يعتبر من المحاصيل الاستراتيجية في سهل الغاب، لكن زراعته شهدت تراجعاً كبيراً هذا العام، حيث اقتصرت على ثلاثة مزارعين فقط قاموا بزراعة حوالي تسعة هكتارات.

وأشار إلى أن أسباب التراجع تعود إلى الجفاف ونقص المياه، بالإضافة إلى ارتفاع تكاليف الإنتاج وضعف عمليات التسويق وقلة الدعم الحكومي للمزارعين. وحذر من أن استمرار هذا الوضع قد يؤدي إلى اندثار زراعة القطن في المنطقة، ما لم يتم اتخاذ خطوات جادة لإنعاشها.

زراعة القطن بحاجة لدعم حكومي

أكد المزارع عبد الفتاح مصطفى، وهو من القلائل الذين استمروا في زراعة القطن، لمنصة سوريا 24 أن زراعة القطن أساسية واستراتيجية للبلاد والمزارعين، لكنها تحتاج إلى دعم كبير من الحكومة، سواء بتوفير الأسمدة أو المازوت بأسعار مدعومة، نظراً لارتفاع الأسعار في السوق السوداء.

وأضاف أن القطن محصول عزيز عليهم، وأنهم لم يتوقفوا عن زراعته رغم الظروف الصعبة، ومستعدون للاستمرار حتى مع الخسارة، لأنه جزء من هويتهم. وأشار مصطفى إلى أن أبرز الصعوبات التي تواجه المزارعين حالياً هي نقص العمالة وارتفاع أسعار المستلزمات الزراعية، مؤكداً أن القطن يمكن أن يستعيد مكانته إذا حظي بالدعم الكافي من الدولة ومؤسساتها الزراعية.

مصدر رزق لكثير من الناس

تحدثت ريمة الصالح، العاملة في إحدى الحقول الزراعية، عن تأثير تقلص المساحات المزروعة على حياة العاملين في الزراعة، قائلة لمنصة سوريا 24 إنهم يعملون في حقول القطن، وأن الكمية كانت أكبر في العام الماضي، بينما الأراضي المزروعة هذا العام قليلة جداً. وأضافت أنهم يعملون من أجل كسب الرزق، وإذا لم تتوفر مساحات كافية لتشغيل الأيدي العاملة، فإن الكثيرين سيعانون من الجوع، لعدم وجود مصدر رزق آخر غير العمل اليومي.

وأشارت الصالح إلى أن تراجع الزراعة يعني فقدان آلاف العائلات لمورد رزقها، معربة عن أملها في تحسن الظروف في المواسم المقبلة، لزيادة المساحات الزراعية وتوفير فرص عمل أكثر.

على الرغم من محدودية المساحات المزروعة هذا الموسم، يرى خبراء زراعيون أن استمرار زراعة القطن ولو بشكل رمزي في سهل الغاب يعكس تمسك المزارعين به كمصدر رزق وتاريخ زراعي طويل. لكنهم يحذرون من أن استمرار غياب الدعم والري الحديث سيجعل هذا المحصول مهدداً بالانقراض من المنطقة التي كانت تعرف بـ "سلة القطن السورية".

مشاركة المقال: