الجمعة, 25 أبريل 2025 06:50 PM

الأردن يحظر جماعة الإخوان المسلمين وسط دعم خليجي: هل هو استهداف للمقاومة الفلسطينية؟

الأردن يحظر جماعة الإخوان المسلمين وسط دعم خليجي: هل هو استهداف للمقاومة الفلسطينية؟

ربما ليس من قبيل الصدفة أنه بينما كانت قوات الأمن الأردنية تداهم، مقار جماعة "الإخوان المسلمين" في أنحاء المملكة لإغلاقها تطبيقاً لقرار السلطات بحظرها، كان ملك الأردن، عبدالله الثاني، في ضيافة ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان. ومما يجمع بين الرجلين العداء للجماعة بوصفها التهديد الأول للأنظمة الملكية العربية، وخصوصاً في الخليج الذي يتأثّر كثيراً بما يجري حوله، وتسعى دوله دائماً لوأد أي صعود للجماعة في موضعه استباقاً.

إذ يقبع الحكم الأردني في وضع حسّاس ومحرج منذ بداية العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، نظراً إلى تركيبته السكانية المحكومة بالتفاعل مع ما يجري على الجانب الآخر (الغربي) من الحدود، فإن الانقضاض على جماعة "الإخوان" باعتبارها عاكسة للمزاج المؤيّد لحركة "حماس" في المملكة، كان مسألة وقت فقط، في حين أن الجانب الشرقي للحدود الأردنية، أي السعودية ومن خلفها العمق الخليجي، بدا هو الآخر في انتظار التوقيت المناسب لدعم التحرك السلطوي الأردني، وهو المهجوس بما جرى في مصر مطلع العقد الماضي، واضطراره إلى إنفاق عشرات مليارات الدولارات لإسقاط حكم الجماعة هناك.

وفي حالة الأردن، يعبّر قرار السلطات عن قناعتها بإمكانية التحرك الآن ضد الجماعة، مع شعورها بأنها تمكّنت من امتصاص غضب الشارع الذي ألهبه العدوان على غزة، حين اضطرت إلى مسايرة المزاج المؤيّد لحركة "حماس"، والذي تحرّكه بشكل أساسي جماعة "الإخوان".

إذ تعتبر السلطات أن الكلفة المرتفعة لخيار المقاومة في غزة نظراً إلى شراسة الهجوم الإسرائيلي على القطاع والمدعوم غربياً بلا أي تحفّظ، تتيح لها التحرّك تحت عنوان خفيّ هو تجنيب الأردنيين فاتورة تأييد المقاومة، ولا سيما أن قرار الحظر جاء على خلفية اعتقال ما سمّتها «خلية تصنيع الصواريخ»، فإن ذلك لا يعني أن الخطر الذي يتهدّد النظام الأردني والمشيخات الحليفة في الخليج قد زال، خصوصاً أن حزب «جبهة العمل الإسلامي» المرتبط بالجماعة، حلّ أولاً في انتخابات مجلس النواب الأردني الأخيرة، بما يعكس مزاجاً عاماً ميّالاً إلى تأييد الإسلاميين، وتحرّكه نصرته للمقاومة الفلسطينية.

وكان قيل الكثير على مدى حرب غزة المستمرة منذ أكثر من سنة ونصف سنة عن أن تلك الأنظمة، ولا سيما السعودية والإمارات والأردن، تراهن على سحق إسرائيل لحركة "حماس"، بالنظر إلى الدور الذي لعبته الدول المذكورة في تمرير البضائع إلى العدو بعد إطباق الحصار البحري على ميناء إيلات من اليمن، وهو ما من شأن الإجراءات الأردنية أن تكرّسه، ليصبح الصراع مع الإسلاميين والمقاومة علنياً ومباشراً.

ولم تعلّق دول الخليج رسمياً على قرار الأردن، إلا أن إعلامها عكس وقوفها خلف القرار. وإلى جانب قناة «العربية»، التي تولّت تخريج ردّ السلطات الأردنية على طلب حركة «حماس» الإفراج عن أفراد الخلية المُعتقلة، باعتبار أن الأخيرة لم تفعل سوى مناصرة غزة سلماً، ولم تكن تصنع السلاح أو تجنّد أفراداً، اعتبرت صحيفة «الخليج» الإماراتية أن «الأردن ربما تأخّر في حظر الجماعة على أراضيه، كي يعطيها فرصة للمراجعة، وإعادة حساباتها السياسية، ونهجها وفكرها المتطرف… لكنّ الفكر الضال يبدو عصياً على ألّا يكون كما هو، بعدما تمّ الكشف خلال الأسبوع الماضي عن مخططات إخوانية كانت تهدف إلى المساس بالأمن الوطني وإثارة الفوضى والتخريب المادي داخل المملكة»، لافتة إلى أن جماعة «الإخوان» «لم تخرج في الأردن عن مثيلاتها من الجماعات في اتخاذ الدين الإسلامي غطاء لنشاطاتها المشبوهة وفكرها الإرهابي المتطرف، واستغلال الديمقراطية للوصول إلى السلطة، رغم أن الشريعة الإسلامية تقوم على التسامح وترفض الغلو والتعصّب باعتبارهما مدخلاً للفوضى والعنف وتقسيم المجتمعات».

وفي موقف مقابل لافت، بدا غرضه امتصاص هجمة السلطات الأردنية على «الإخوان»، أعلن الأمين العام لحزب «جبهة العمل»، وائل السقا، أن «الحزب سيواصل دوره كحزب سياسي مستقل تماماً إدارياً وعلى مستوى القرارات، وفق القانون والدستور الأردنييْن»، مضيفاً في بيان أنه «ليست للحزب ارتباطات تنظيمية بأي حزب أو حركة أخرى». وكان الحزب جمّد عضوية 3 متهمين وردت أسماؤهم في لائحة الاتهام الصادرة عن النيابة العامة لمحكمة أمن الدولة في «خلية تصنيع الصواريخ»، بعد مراسلته من قبل «الهيئة المستقلة للانتخاب». والمتهمون هم خضر عبد العزيز عبد يوسف ومحمد صالح علي خليل وأحمد سليمان عايش بركات.

يُذكر أن «الجبهة» فازت بـ31 مقعداً في مجلس النواب المكوّن من 138 مقعداً، لتصبح أكبر حزب في البرلمان، في الانتخابات التي جرت في أيلول الماضي، مستفيدة من الحراك في الشارع نصرة لقطاع غزة. ويرى خصوم التيار الإسلامي أن نحو 15 مقعداً من تلك أصبحت في مهبّ الريح حالياً، فيما تحاول أحزاب منافسة الحصول عليها بموجب إدانات قضائية وقانونية.

مشاركة المقال: