الأربعاء, 14 مايو 2025 02:32 PM

الأكراد السوريون يوحدون صفوفهم: مساعٍ لتشكيل وفد موحد للتفاوض مع دمشق حول مستقبل مناطقهم

الأكراد السوريون يوحدون صفوفهم: مساعٍ لتشكيل وفد موحد للتفاوض مع دمشق حول مستقبل مناطقهم

منذ انعقاد «المؤتمر القومي الكردي» الأول في تاريخ الكرد السوريين، قبل نحو ثلاثة أسابيع، تتركّز الجهود على تشكيل وفد موحّد للتفاوض مع الحكومة السورية حول مطالب الكرد في «سوريا الجديدة»، وآلية إشراكهم في الحكم، وطريقة إدارة المناطق التي يتواجدون فيها، بالإضافة إلى ضمان حقوقهم الثقافية والسياسية.

ويأتي ذلك على الرغم من رفض الإدارة الجديدة مخرجات المؤتمر المشار إليه، والذي دعا إلى اعتماد نظام حكم لا مركزي أو فدرالي في سوريا، إذ شدّدت الرئاسة، في بيان آنذاك، على رفض أي «محاولات لفرض واقع تقسيمي أو إنشاء كيانات منفصلة تحت مسميات الفدرالية أو الإدارة الذاتية دون توافق وطني شامل»، مؤكّدة أن «وحدة سوريا أرضاً وشعباً خط أحمر».

وبعد انعقاد المؤتمر في 26 نيسان، توقفت المحادثات بين ممثلين عن الحكومة وآخرين عن «قسد» و»الإدارة الذاتية»، والتي كانت تهدف إلى تطبيق بنود اتفاق 10 آذار الموقّع بين الرئيس الانتقالي أحمد الشرع، والقائد العام لـ»قسد» مظلوم عبدي، في خطوة يُعتقد بأنها ضغط حكومي على الأخيرة للتراجع عن طرح فكرة الفدرالية و»الإدارة الذاتية». لكن لا يبدو أن الأكراد ينوون التخلي عن هذا المطلب، لكونهم يرون فيه النموذج الإداري الأنسب لإدارة كل سوريا، وخصوصاً في ظلّ حالة الشقاق التي يشهدها المجتمع، بعد مجازر الساحل في آذار الماضي، والهجمات التي شنّتها «فصائل منفلتة» محسوبة على الإدارة الجديدة على كل من جرمانا وصحنايا، ولاحقاً السويداء.

وعلى هذه الخلفية، تسعى الأطراف الكردية التي اجتمعت في «المؤتمر»، إلى دفع مخرجاته قدماً، واضعةً الكرة في ملعب دمشق، بالتوازي مع محاولات الاستفادة من ضغط أميركي – فرنسي على الأخيرة، لفتح باب التفاوض بشأن تسوية شاملة لمناطق شمال شرق سوريا.

وفيما تعتبر القوى الكردية أنها حقّقت، من خلال المؤتمر، إنجازاً سياسياً متمثّلاً بتجاوز الخلافات السياسية في ما بينها، والتوافق على رؤية موحّدة لمجمل القضايا، فهي ترى أنه لم يتبقَّ أمامها سوى تثبيت تشكيلة الوفد الذي سيمثّل الكرد في مختلف المحافل التي تعمل على إنجاز تسوية شاملة في سوريا.

وفي هذا الإطار، يرى مصدر كردي مقرّب من «الإدارة الذاتية»، في حديثه إلى «الأخبار»، أن «المؤتمر كان خطوة لإنهاء حقبة طويلة من الانقسام الكردي – الكردي»، وأنه «استطاع التغلب على كل محاولات عرقلته، لضمان استمرار الانقسام في صفوف الكرد وإضعافهم». ويضيف أن «الوثيقة التي تم إقرارها في المؤتمر تمثّل حالة إجماع لكرد سوريا، ونظرتهم إلى الحل الشامل»، مستدركاً بأنها «قابلة للتعديل وفق النقاشات اللاحقة مع الحكومة».

ويكشف المصدر أن «الأيام المقبلة ستشهد عقد عدة اجتماعات مع الأطراف الكردية التي شاركت في المؤتمر، لبحث تشكيل وفد موحّد يبحث الوثيقة المعتمدة في المؤتمر مع سلطات دمشق»، مشيراً إلى أن «التصور الأولي لأعضاء الوفد موجود، والاجتماعات هي لتثبيت أسمائهم، قبل الانطلاقة الفعلية للحوار».

من جهته، يؤكد مصدر مقرّب من «المجلس الوطني» الكردي، أن «المؤتمر كان أهم خطوة سياسية كردية في سوريا منذ عقود، لكونها تفتح الباب نحو عمل كردي مشترك في سوريا»، معتبراً أن «الكرد قاموا بالخطوة الأولى على طريق الحصول على اعتراف رسمي بهم كمكوّن مهم من مكوّنات سوريا، ومتمسك بوحدتها واستقرارها».

ويضيف المصدر، في حديثه إلى «الأخبار»، أن «منطقة شمال شرق سوريا وسوريا عامة بحاجة إلى التوافق على المشتركات والشراكة بين جميع أبنائها لتجاوز هذه المرحلة الحساسة، بعيداً عن أي إقصاء»، مشيراً إلى «تمسك الكرد بمبدأ الحوار والتفاهم للوصول إلى مشتركات وطنية في ما بينهم أولاً ومع ممثلين عن دمشق ثانياً، بصورة تضمن استقراراً طويل الأمد في البلاد، وإنهاء مرحلة الحرب والصراعات».

كما يبدي تفاؤله بأن «مناخ السلام موجود في سوريا، ويجب أن يتم استثماره للتوصل إلى تفاهمات سياسية يتساوى فيها السوريون جميعاً في الحقوق والواجبات».

مشاركة المقال: