الإثنين, 4 أغسطس 2025 07:34 PM

التحقيقات في انفجار مرفأ بيروت تقترب من نهايتها: هل ستتحقق العدالة للضحايا؟

التحقيقات في انفجار مرفأ بيروت تقترب من نهايتها: هل ستتحقق العدالة للضحايا؟

يوسف دياب: ما يميز الذكرى الخامسة لانفجار مرفأ بيروت هذا العام عن سابقاتها، هو تزامنها مع انتهاء التحقيقات القضائية التي أجراها المحقق العدلي القاضي طارق البيطار، بعد تجاوز العقبات التي جمدت الملف لأكثر من ثلاث سنوات.

قد لا يحقق استئناف التحقيق تطلعات أهالي الضحايا الذين يأملون في صدور القرار الاتهامي قبل الذكرى الخامسة، والكشف عن حقيقة زلزال 4 أغسطس (آب) 2020، الذي أودى بحياة 232 شخصًا وأصاب الآلاف ودمر نصف العاصمة بيروت. إلا أن الأهالي يشعرون الآن بالاطمئنان بأن الحقيقة ستظهر، وأن جميع محاولات طمس الملف وإبعاد المحقق العدلي، سواء بالتهديد المباشر أو بالرسائل الأمنية أو بعشرات الدعاوى القضائية ضده، قد فشلت.

بانتظار ورود الاستنابات، يقترب القاضي البيطار من إعلان ختم التحقيق في الملف، بعد أن عقد عشرات الجلسات في الأشهر الأربعة الماضية، استجوب خلالها سياسيين وقادة أمنيين وعسكريين وقضاة وموظفين كبارًا في مرفأ بيروت.

وكشف مصدر قضائي مطلع على إجراءات المحقق العدلي أن الأخير "أصبح على وشك الانتهاء من التحقيق وإحالة الملف إلى النيابة العامة التمييزية لإبداء مطالعتها قبل إصدار القرار الاتهامي".

وأوضح المصدر لـ«الشرق الأوسط» أن البيطار "ينتظر ورود ردود على الاستنابات التي وجهها الشهر الماضي إلى 6 دول عربية وأوروبية، طلب فيها معلومات حول وقائع محددة ليس من ضمنها صور الأقمار الاصطناعية"، مشيرًا إلى أن قاضي التحقيق العدلي "الذي يدرس محاضر الاستجوابات الأخيرة، سيكون أمامه احتمالان: الأول هو ختم التحقيق بالوضع الحالي وإصدار القرار الاتهامي في مهلة أقصاها نهاية العام الحالي، والثاني هو التريث إلى أن تبت محاكم التمييز والهيئة العامة لمحكمة التمييز في دعاوى الرد والنقل والمخاصمة المقامة ضده من قبل سياسيين وأمنيين ملاحقين في القضية".

دخل ملف المرفأ في دوامة التعطيل منذ 24 ديسمبر 2022، بناءً على دعاوى الرد والمخاصمة التي قدمت ضده، وآخرها من وزير الأشغال السابق النائب غازي زعيتر، ثم تسارعت وتيرتها حتى بلغت 43 دعوى.

واستنادًا إلى تقييده بكل هذه الإجراءات التعطيلية، أصدر البيطار في 23 يناير (كانون الثاني) 2023 دراسة قانونية اعتبر فيها أن "المحقق العدلي لا يمكن مخاصمته أو رده عن الملف". وأعلن تجاوز كل هذه الدعاوى واستئناف التحقيق، وأصدر لائحة ادعاء جديدة بينها اسم النائب العام التمييزي (السابق) القاضي غسان عويدات والمحامي العام التمييزي القاضي غسان الخوري، حينها سارع عويدات إلى الادعاء على البيطار بـ"انتحال صفة محقق عدلي واغتصاب سلطة".

كما أصدر مذكرة إحضار بحقه وقرارًا بمنعه من السفر، ولم يكتفِ بذلك، بل اتخذ قرارًا بالإفراج عن 17 موقوفًا في ملف المرفأ، كان البيطار قد رفض مرارًا إخلاء سبيلهم.

ولا تزال كل هذه الدعاوى عالقة، ولم تصدر محاكم التمييز قرارات بقبولها أو رفضها. وقال مصدر مقرب من المحقق العدلي إن الأخير "يفضل أن تصدر قرارات بهذه الدعاوى، وأن تبت الهيئة الاتهامية التي تشكلت حديثًا في الدعوى التي أقامها عويدات ضده، حتى لا تثار هذه الدعاوى أمام المجلس العدلي وتعرض القرار الاتهامي للطعن أو الإبطال، وحتى لا تتوقف إجراءات المحاكمة بمجرد أن يتقدم أي محام بدفع شكلي لوقف جميع الإجراءات".

كان البيطار قد استجوب جميع المدعى عليهم من سياسيين وقادة عسكريين وأمنيين، أبرزهم رئيس الحكومة السابق حسان دياب، وزير الداخلية السابق نهاد المشنوق، قائد الجيش السابق العماد جان قهوجي، المدير العام السابق للأمن العام اللواء عباس إبراهيم، والمدير العام السابق لأمن الدولة اللواء طوني صليبا، فيما امتنع أربعة عن المثول أمامه هم: الوزيران السابقان (النائب الحالي) علي حسن خليل ويوسف فنيانوس (صدرت بحقهما مذكرتا توقيف غيابيتان)، بينما امتنع عن المثول أمامه مؤخرًا وزير الأشغال السابق النائب الحالي غازي زعيتر، والنائب العام التمييزي السابق القاضي غسان عويدات.

ولم يخفِ المصدر القضائي أن "استئناف التحقيق جاء ترجمة فورية لما تعهد به رئيس الجمهورية جوزيف عون فور انتخابه، بأنه سيدفع باتجاه استكمال التحقيقات، وتفكيك العقد التي عطلت الملف"، لافتًا إلى أن "الثمرة الأولى لذلك تمثلت بإعلان النائب العام التمييزي القاضي جمال الحجار استئناف التعاون مع المحقق العدلي وتنفيذ المذكرات التي تصدر عنه".

لم يتخذ البيطار أي إجراء بحق من استجوبهم مؤخرًا، وقرر تأجيل ذلك إلى مرحلة صدور القرار الظني. ورجح المصدر القضائي أن "يستدعي المحقق العدلي كل الذين استجوبهم بعد استئناف تحقيقاته ويطلب منهم المثول أمامه، ويبلغهم القرارات التي سيتخذها بشأنهم، وهذه القرارات تتراوح بين من يتم تركه بسند إقامة ومن يترك رهن التحقيق ومن يصدر بحقه مذكرة توقيف وجاهية"، مشيرًا إلى "استحالة أن يحال الملف على المجلس العدلي من دون أن يقرر مصير من خضعوا للاستجواب ويحدد وضعهم القانوني". أما بشأن الموقوفين الـ17 الذين أمر القاضي عويدات بالإفراج عنهم متخطيًا المحقق العدلي، فتوقع المصدر أن "يصرف النظر عن توقيفهم باعتبار أنهم أمضوا فترة طويلة بالسجن، ولا داعي لإعادة توقيفهم مجددًا".

وزير العدل اللبناني عادل نصار اعتبر أن "ما حدث في 4 أغسطس (آب) 2020 جريمة وكارثة إنسانية، والدولة ملزمة بتأمين قضاء يجيب عن الأسئلة المطروحة، وصولًا إلى المحاسبة القضائية، وذلك وفقًا للقانون ولكل المبادئ القانونية مع حق الدفاع، ولا بد أن يصل هذا الملف إلى خواتيمه".

وقال نصار في مؤتمر صحافي: "القاضي البيطار وصل إلى المراحل الأخيرة في الملف، لكن لا معلومات لدي عن مضمون هذا العمل، وليس من صلاحياتي أن أتدخل لمعرفته، إلا أنني في المقابل أضع نفسي في تصرفه لمؤازرته ضمن صلاحياتي أو من خلال متابعتي عبر عقد اجتماعات مع سفراء معنيين بالاستنابات القضائية، لطلب تسريع الأمور من أجل الحصول على الأجوبة اللازمة، وبالتالي يحصل المحقق العدلي على كل المعلومات المطلوبة".

وتعهد وزير العدل بـ"بذل كل الجهود الممكنة لإنهاء ملف انفجار المرفأ؛ إذ من حق أهالي الضحايا والمتضررين وكل الشعب اللبناني، معرفة حقيقة ما جرى ومحاسبة المرتكبين والمتسببين".

أخبار سوريا الوطن١-وكالات-الشرق الأوسط

مشاركة المقال: