أعلنت المجموعة العربية في الأمم المتحدة ومنظمة التعاون الإسلامي، يوم الثلاثاء، أن إعلان إسرائيل عن نيتها احتلال كامل قطاع غزة يمثل "تصعيدًا خطيرًا وغير مقبول"، ودعت إلى السماح الفوري بدخول المساعدات الإنسانية إلى القطاع.
صدر هذا البيان المشترك خلال مؤتمر صحفي عقد في مقر الأمم المتحدة بنيويورك، وتلته القائمة بأعمال البعثة الدائمة لتركيا لدى الأمم المتحدة، أصلي غُوفَن، حيث تترأس تركيا حاليًا المجلس الوزاري لمنظمة التعاون الإسلامي، بحضور أعضاء من المجموعة والمنظمة.
تعتبر منظمة التعاون الإسلامي ثاني أكبر منظمة دولية بعد الأمم المتحدة، وتضم في عضويتها 57 دولة موزعة على أربع قارات. أما المجموعة العربية فتضم 22 دولة، جميعها أعضاء في منظمة التعاون الإسلامي.
يأتي هذا البيان المشترك بعد أيام من مصادقة الحكومة الإسرائيلية، يوم الجمعة، على خطة تدريجية لاحتلال كامل قطاع غزة، تبدأ بمدينة غزة التي يقطنها حوالي مليون فلسطيني.
وندد البيان بشدة بالقرار الإسرائيلي، مؤكدًا أن "إعلان إسرائيل عن نيتها فرض السيطرة العسكرية الكاملة على قطاع غزة يعتبر تصعيدًا خطيرًا وغير مقبول، وانتهاكًا صارخًا للقانون الدولي، ومحاولة لترسيخ الاحتلال غير القانوني".
واعتبر البيان الخطوة الإسرائيلية "محاولة لترسيخ الاحتلال غير القانوني وفرضه بالقوة، بما يتعارض مع القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني والقرارات الأممية المعنية بهذا الشأن".
وأضاف البيان أن "إجراءات إسرائيل واستمرار انتهاكاتها الجسيمة، بما في ذلك القتل والتجويع ومحاولة فرض التهجير القسري وضم الأراضي الفلسطينية وتوسيع الاستيطان، جميعها ترقى لأن تكون جرائم ضد الإنسانية".
ودعا البيان إلى "الوقف الفوري الكامل والدائم للأعمال العدائية الإسرائيلية على قطاع غزة، ووقف الانتهاكات التي ارتكبتها قوات الاحتلال ضد المدنيين والبنى التحتية المدنية في قطاع غزة والضفة الغربية".
منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، ترتكب إسرائيل بدعم أمريكي إبادة جماعية في غزة تشمل قتلا وتجويعا وتدميرا وتهجيرا، متجاهلة النداءات الدولية وأوامر محكمة العدل الدولية بوقفها.
وأسفرت الإبادة الإسرائيلية عن استشهاد 61 ألفا و599 شخصًا وإصابة 154 ألفا و88 آخرين من الفلسطينيين، بالإضافة إلى ما يزيد على 9 آلاف مفقود، ومئات آلاف النازحين ومجاعة أزهقت أرواح كثيرين بينهم عشرات الأطفال.
وبموازاة حرب الإبادة في قطاع غزة، صعد الجيش والمستوطنون الإسرائيليون اعتداءاتهم في الضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية، فقتلوا ما لا يقل عن 1013 فلسطينيا، وأصابوا نحو 7 آلاف آخرين، إضافة لاعتقال أكثر من 18 ألفا و500، وفق معطيات فلسطينية.
وطالب البيان المشترك إسرائيل "بالسماح فورا ودون شروط بدخول المساعدات الإنسانية على نطاق واسع وكميات ضخمة بما في ذلك الأغذية والأدوية والوقود وضمان حرية تنقل وعمل منظمات الإغاثة والمنظمات الدولية بما يتماشى مع القانون الإنساني الدولي".
وأكد البيان دعم جهود مصر وقطر والولايات المتحدة للوصول إلى وقف لإطلاق النار واتفاق لتبادل الأسرى والرهائن "كنقطة بداية أساسية للتخفيف من المعاناة ووضع حد للعدوان".
وفي وقت سابق الثلاثاء، أفاد مصدر مصري، بأن وفدا من حركة حماس وصل مصر، ضمن جهود مكثفة تبذلها القاهرة للتوصل إلى هدنة مدتها 60 يوما في قطاع غزة، وذلك بعد جمود شهدته عملية التفاوض (منذ انسحاب وفدي تل أبيب وواشنطن الشهر الماضي)".
في السياق ذاته، دعا البيان إلى "التنفيذ الفوري للخطة العربية الإسلامية لإعادة بناء قطاع غزة والشراكة الفاعلة في مؤتمر إعادة البناء المرتقب الذي سيعقد في القاهرة".
واعتمدت جامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي في مارس/آذار الماضي، خطة لإعادة إعمار غزة دون تهجير الفلسطينيين منها، ويستغرق تنفيذها 5 سنوات، وتتكلف نحو 53 مليار دولار.
وعبر البيان عن رفض المجموعة العربية ومنظمة التعاون الإسلامي وتنديدها بمحاولات تهجير الفلسطينيين من أرضهم في غزة والضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية.
وأكد أهمية "الحفاظ على الوضع القانوني المقدسة الإسلامية والمسيحية في القدس وأيضا وصاية المملكة الأردنية الهاشمية عليها".
وشدد على أن "السلام العادل والمستدام يمكن تحقيقه من خلال حل الدولتين وإقامة دولة فلسطينية بحسب حدود 67 والقدس الشرقية عاصمة لها بما يتماشى مع القرارات الدولية والأممية ذات الصلة.
ودعا البيان "المجتمع الدولي والأعضاء الدائمين إلى تولي مسؤوليلتهم القانونية والأخلاقية واستخدام إجراءات فورية لوقف سياسات إسرائيل العدائية التي تقوض آفاق السلام العادل والمستدام وتقضي على آفاق حل الدولتين".
كما دعت المجموعة العربية ومنظمة التعاون الإسلامي في بيانها إلى أن يكون هناك "محاسبة فورية لكل الانتهاكات التي ارتكبتها إسرائيل للقانون الدولي والقانون الإنساني الدولي بما في ذلك الأفعال التي ترقى إلى مستوى الإبادة".
وشددتا على أهمية تطبيق توصيات المؤتمر رفيع المستوى لتسوية القضية الفلسطينية، وتنفيذ حل الدولتين والذي عقد برئاسة سعودية فرنسية بمقر الأمم المتحدة أواخر يوليو/تموز الماضي، "بما في ذلك الإجراءات الطارئة التي تم الإعلان عنها في البيان الختامي لوضع حد للحرب في غزة والعمل على مسار سياسي وتسوية سلمية للقضية الفلسطينية وتنفيذ حل الدولتين".
من جهته أشار مندوب فلسطين الدائم بالأمم المتحدة رياض منصور خلال المؤتمر ذاته إلى سلسلة اجتماعات لعدة مجموعات بالأمم المتحدة حول التطورات الأخيرة وقرار إسرائيل احتلال غزة.
وأعرب عن تقديره للموقف المبدئي لمختلف الدول فيما يتعلق بالتسوية العادلة للنزاع، لكنه أضاف أن ذلك "يتطلب نهاية الاحتلال، وخطوات ملموسة من هيئات الأمم المتحدة بما في ذلك مجلس الأمن والتي عليها أن تتحمل مسؤوليتها بهذا الشأن".
وقال إن "الجميع مطالب بوقف جرائم إسرائيل واتخاذ إجراءات لإلزامها بواجباتها" مشيرا إلى توفر الأدوات بمجلس الأمن وعلى المستوى الوطني للدول.
وأعرب عن أمله في نجاح الضغوط والتحركات الدولية في منع خطة احتلال غزة.
من جهة ثانية ندد منصور "بأشد العبارات" باغتيال 6 صحفيين في غزة أمس، معربا عن أمله في أن تتحرك المنظومة القضائية الدولية وتلاحق الذين ارتكبوا هذه الجرائم وتعاقبهم بما يستحقون.
والأحد، اغتالت إسرائيل 6 صحفيين بينهم 4 من قناة "الجزيرة" بقصف خيمتهم بمحيط "مستشفى الشفاء" بمدينة غزة، ضمن إبادة جماعية مستمرة للشهر الـ22.
والصحفيون الستة هم: مراسلا قناة الجزيرة أنس الشريف ومحمد قريقع، والمصوران إبراهيم ظاهر ومؤمن عليوة، ومساعدهم محمد نوفل، فضلا عن محمد الخالدي الذي توفي صباح الاثنين متأثرا بجراحه.