يهدد الجفاف مستقبل الزراعة في سوريا، حيث شهد الإنتاج تراجعاً ملحوظاً هذا العام بسبب قلة الأمطار التي أدت إلى عدم حصاد الفلاحين لمحاصيلهم البعلية، ما تسبب في خسائر كبيرة تقدر بمليارات الليرات. الخطر الأكبر يكمن في استمرار الجفاف لسنوات طويلة، الأمر الذي قد يعرض البلاد لفقدان أمنها الغذائي والاعتماد على الاستيراد لتأمين حاجة السوق المحلية من المواد الغذائية، بما في ذلك الخبز.
عيسى: بسبب الجفاف لم يحصد الفلاحين محاصيلهم هذا العام
أسوأ الكوارث الطبيعية
أوضح الباحث الزراعي اسماعيل عيسى في تصريح لصحيفة ” الحريّة ” أن الجفاف يعتبر أسوأ الكوارث الطبيعية نظراً لامتداد آثاره لسنوات طويلة. وأشار إلى أن الزراعة هي أول ضحايا الجفاف، خاصة في سوريا، حيث بدأ تأثيره يظهر تدريجياً منذ سنوات. وأضاف أن الجفاف يقاس بشكل أساسي بتدني نسب الهطول المطري واختفاء بعض الظواهر الطبيعية مثل جفاف الأنهار والينابيع وحرق الغابات. وأكد أن الواقع يشير إلى أن بعض الأنهار في سوريا أصبحت مجرد رسوم على الخريطة دون وجود حقيقي، مثل نهر الخابور والأعوج وجغجغ والكبير الشمالي وغيرها.
خسائر الزراعات البعلية
ذكر عيسى أنه بسبب الجفاف هذا العام، لم يستفد الفلاحون من زراعاتهم الشتوية بشكل ملحوظ، حيث لم يتم حصاد الزراعات البعلية بسبب عدم وجود موسم. ونتيجة لتأثير الجفاف الشديد، لم تعد المساحات المقدرة بالآلاف الهكتارات صالحة لرعي الأغنام، مما كبد الفلاحين خسائر بالمليارات وأثر على الأمن الغذائي للبلاد، ما اضطرها إلى استيراد الحبوب. أما المساحات المروية، فقد انخفض إنتاجها أيضاً بسبب تدني غزارة المياه في الأنهار والينابيع وعدم امتلاء السدود. وأضاف أن الزراعة الصيفية ذات مساحات محدودة وتعتمد على الأنهار التي تتغذى على الأمطار، وهنا يضرب الجفاف الإنتاج الزراعي الصيفي ضربتين: الأولى بنقص المساحات المزروعة نتيجة جفاف الآبار، والثانية بجفاف الآبار بعد الزراعة، مما يضطر الفلاح لترك نصف المساحة المزروعة على أمل إنقاذ النصف الآخر، ما يتسبب في خسائر فادحة.
الخسائر تتضاعف العام القادم
أكد عيسى أن العام القادم سيشهد نقصاً أكبر في المساحات المزروعة ليس بسبب الجفاف فحسب، بل أيضاً بسبب الخسائر الكبيرة التي لحقت بالفلاحين، مما سيجعلهم غير قادرين على زراعة أراضيهم بالكامل. إضافة إلى ذلك، فإن الأسعار المتدنية التي باع بها الفلاحون بعض إنتاجهم، خاصة الخضروات، ستجعلهم يحجمون عن هذه الزراعات. وأضاف أنه إذا كان سعر كيلو البندورة 2000 ليرة، فسيكون ثمنه العام القادم 10 آلاف ليرة، وكذلك الباذنجان. وهذا يعني أن تصدير المنتجات الزراعية أمر يكاد يكون مستحيلاً، وأن الاستيراد سيكون الطريق الإجباري لسد الاحتياجات الزراعية.
ولفت عيسى إلى أن الطاقة الشمسية التي أمنت سحب مياه الآبار بصورة شبه مجانية ستسبب استنزاف الأحواض المائية، وهذا إنذار خطر يجب التنبه له لترشيد الاستهلاك، حتى لا تتكرر كارثة منطقة سلمية الشهيرة باستنزاف المياه الجوفية لزراعة القطن في خمسينيات القرن الماضي، والتي لا تزال آثارها قائمة حتى الآن.
اخبار سورية الوطن 2_وكالات _الحرية