الجمعة, 28 نوفمبر 2025 01:26 PM

الحاج عبد العزيز العبد: شيخ ميكانيكيي الرقة يروي حكاية حرفة تتحدى التقنيات الحديثة

الحاج عبد العزيز العبد: شيخ ميكانيكيي الرقة يروي حكاية حرفة تتحدى التقنيات الحديثة

في قلب الرقة القديمة، يقف الحاج عبد العزيز العبد، شيخ الميكانيكيين، شامخًا بزيّه العربي التقليدي، مستمرًا في مسيرته المهنية رغم بلوغه الخامسة والسبعين من العمر. منذ ستينيات القرن الماضي، أثبت نفسه كواحد من أبرز خبراء المحركات الثقيلة ومضخات الآبار الارتوازية في محافظة الرقة.

ولد عبد العزيز عام 1950، وانطلق في عالم الميكانيك مدفوعًا بشغفه وموهبته. عمل لسنوات طويلة في إصلاح المحركات الكبيرة مثل سكانيا وفولفو ومرسيدس، ويتذكر تلك الفترة قائلاً إنه أتقن التعامل مع مختلف أنواع المحركات الزراعية والصناعية التي كانت تستخدم في الري آنذاك. يفتخر بأنه كان الخبير الوحيد في محافظة الرقة القادر على إصلاح وإخراج مضخات الآبار الارتوازية من أعماق تتراوح بين 150 و200 متر، مؤكدًا أنه قام بهذه المهام داخل المحافظة وخارجها، في وقت لم يكن أحد غيره يمتلك القدرة الفنية على ذلك.

يروي الحاج عبد العزيز كيف تطورت الصناعة في الرقة من بداياتها المتواضعة، بدءًا من الورش الأولى في شارع تل أبيض قرب السجن القديم، ثم انتقالها إلى شارع عبد الملك، وصولًا إلى انتشارها في شرق المدينة. ويشير إلى التغيير الجذري الذي طرأ على الصناعة مع دخول التقنيات الحديثة واعتماد الأنظمة الإلكترونية، مؤكدًا على الفارق الكبير بين الماضي والحاضر، حيث تسيطر البرامج والأنظمة الرقمية على معظم أعمال الصيانة اليوم.

رغم إدراكه لتراجع قدرته الجسدية مع تقدمه في العمر، يواصل الحاج عبد العزيز ممارسة المهنة بحكمة، مقتصرًا على الأعمال التي يستطيع إنجازها دون عناء. ويؤكد أن هذا الأسلوب هو للحفاظ على صحته والاستمرار في ممارسة ما يحب، بعد سنوات طويلة قضاها في إدارة ورشة يعمل فيها عشرة صُنّاع، مستأجرًا ثلاثة محلات كانت تعتبر من أكبر ورش المنطقة في ذلك الوقت.

يصف علاقته بالمهنة بتعبير يعكس عمق ارتباطه بها، فهو يرى أن الميكانيك ليست مجرد حرفة، بل شغف يرافقه منذ شبابه ويمثل جزءًا من شخصيته وهويته المهنية. وفي رسالة للجيل الجديد، يشدد على أهمية التمسك بالعمل الحرفي وعدم التخلي عنه بسهولة، معتبرًا أن الإتقان والالتزام هما أساس النجاح، وأن الحرفي الحقيقي يبقى وفيًا لمهنته مهما تغيرت أدوات الزمن.

إن قصة الحاج عبد العزيز العبد ليست مجرد حكاية حرفي مخضرم، بل هي نموذج لإرادة قوية جمعت بين الخبرة والحكمة والشغف، وتركت بصمتها في تاريخ الميكانيك في مدينة الرقة.

مشاركة المقال: