الخميس, 18 سبتمبر 2025 05:14 PM

الزواج وفارق العمر: متى يكون نعمة ومتى يتحول إلى نقمة؟

الزواج وفارق العمر: متى يكون نعمة ومتى يتحول إلى نقمة؟

بقلم: د. يزن عبده

عند الحديث عن الزواج، يبرز سؤال أساسي دائمًا: ما هو فارق العمر المثالي بين الزوجين؟ وهل يؤثر هذا الفارق على جودة العلاقة واستقرارها؟ بينما تنجح بعض الزيجات بفوارق عمرية كبيرة، تفشل أخرى رغم تقارب الأعمار. فما هو السر؟ ومتى يكون فارق العمر عاملًا إيجابيًا، ومتى يصبح سببًا للخلاف والبعد؟

أولًا: فارق العمر ليس بالضرورة مشكلة، بل الأهم هو الوعي المصاحب له. العمر مجرد رقم إذا كان الطرفان يتمتعان بالنضج النفسي والفكري اللازم لإدارة العلاقة بحكمة. أما إذا كان أحدهما لا يزال في مرحلة التجربة والاكتشاف، بينما تجاوزه الآخر بسنوات، فمن المحتمل أن تنشأ فجوة في التفاهم.

ثانيًا: اختلاف مراحل الحياة يخلق تباينًا في الاهتمامات. عندما يكون أحد الطرفين في طور بناء الذات وتحقيق الطموحات، بينما الآخر في مرحلة الاستقرار والهدوء، قد تظهر صعوبات في التناغم اليومي. فالشخص الذي يرغب في السفر والمغامرة قد يختلف مع من يبحث عن الاستقرار والسكينة.

ثالثًا: لا يمكن تجاهل الجانب الاجتماعي. نظرة المجتمع قد تؤثر سلبًا على العلاقة، خاصة إذا كان الفارق كبيرًا وغير مألوف. قد يتعرض الطرفان لتعليقات مؤذية أو أحكام مسبقة تؤثر على مشاعرهما وتقديرهما لذاتهما، إلا إذا كانا مستعدين لمواجهة ذلك معًا.

رابعًا: قد يؤدي اختلاف التوقعات حول الأدوار الزوجية إلى مشاكل. قد يحمل الطرف الأكبر سنًا تصورات تقليدية عن العلاقة، بينما ينظر الطرف الأصغر إليها بمنظور شراكة حديثة. هذا التضارب في التوقعات قد يسبب احتكاكًا مستمرًا ما لم يتم التعامل معه بحوار صريح ومبكر.

خامسًا: يجب التفكير في الجانب البيولوجي، خاصة إذا كان الفارق كبيرًا، وخاصة إذا كانت المرأة أكبر سنًا، فقد يؤثر ذلك على خطط الإنجاب أو مراحل النمو الأسري. كما أن اختلاف النشاط الجسدي والقدرة على التفاعل مع الأبناء قد يخلق نوعًا من الفجوة في المستقبل.

سادسًا: النضج لا يرتبط بالعمر فقط. فكم من شاب في الثلاثين من عمره أكثر حكمة من رجل في الخمسين، وكم من فتاة ناضجة رغم صغر سنها. لذا، فإن التركيز على فارق العمر وحده دون النظر إلى السمات الشخصية والقدرة على التفاهم هو تبسيط مخل.

سابعًا: ما هو الفارق المقبول منطقيًا؟ لا توجد قاعدة ثابتة، ولكن في معظم الثقافات يعتبر الفارق بين 3 إلى 10 سنوات مقبولًا إذا توافرت عوامل النضج والتوافق. أما الفارق الذي يتجاوز 15 عامًا، فيحتاج إلى وعي استثنائي وإرادة مشتركة لتعويض الفارق الزمني بالتفاهم الحقيقي.

ثامنًا: متى يصبح الفارق خطرًا؟ إذا شعر أحد الطرفين بأنه "يربي" الآخر بدلًا من مشاركته الحياة، أو إذا بدأت العلاقة تأخذ شكل علاقة "أبوة/أمومة" بدلًا من الندية، فهنا يكمن الخطر. كذلك إذا بدأ الطرف الأكبر يشعر بالغيرة من شباب الطرف الآخر، أو العكس، فقد تدخل العلاقة في متاهات نفسية معقدة.

خاتمة: فارق العمر لا يقاس بالسنوات فقط، بل بالقدرة على التفاهم والاحترام والانسجام في الأحلام واليوميات. فإن وجدت هذه العناصر، غاب العمر عن المعادلة. وإن غابت، حضر العمر كعقبة مهما كانت بسيطة في ظاهرها. فليكن القرار مبنيًا على نضج لا على انبهار، وعلى وعي لا على اندفاع.

(اخبار سوريا الوطن 1-صفحة الكاتب)

مشاركة المقال: