الأحد, 23 نوفمبر 2025 06:18 PM

السودان: القائم بأعمال السفارة في دمشق يتهم قوات الدعم السريع بارتكاب جرائم ضد الإنسانية في الفاشر

السودان: القائم بأعمال السفارة في دمشق يتهم قوات الدعم السريع بارتكاب جرائم ضد الإنسانية في الفاشر

دمشق-سانا: صرح أحمد إبراهيم حسن، القائم بأعمال السفارة السودانية في دمشق، بأن مدينة الفاشر، عاصمة إقليم دارفور، قد شهدت كارثة إنسانية ومجازر مروعة وجرائم ضد الإنسانية بحق آلاف المدنيين، وذلك إثر دخول ميليشيا "قوات الدعم السريع" إلى المدينة في الشهر الماضي، في انتهاك واضح لقرارات مجلس الأمن الدولي والقانون الدولي الإنساني.

وفي مؤتمر صحفي عُقد في مقر السفارة بدمشق، أوضح حسن أن أكثر من خمسة آلاف شخص، بينهم مرضى ونساء وأطفال وشيوخ، قد لقوا حتفهم خلال أقل من 48 ساعة. وأشار إلى أن الحصار الذي فرض على المدينة استمر لأكثر من 570 يوماً، مما أدى إلى انهيار كامل في الخدمات وانقطاع الكهرباء والمياه والاتصالات.

وأكد حسن أن مدينة الفاشر، التي تمثل الثقل الاقتصادي والسياسي لإقليم دارفور، تعرضت لـ 264 هجوماً مسلحاً من قبل ميليشيا الدعم السريع، التي فرضت طوقاً عسكرياً حولها ومنعت وصول الإمدادات الإنسانية، على الرغم من صدور قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2736 للعام 2024 الذي يقضي بفك الحصار. وأوضح أن القوات المسلحة السودانية صمدت لأكثر من عام ونصف قبل أن تعيد انتشارها في الـ 26 من الشهر الماضي، مما مكّن عناصر الميليشيا من دخول المدينة وارتكاب مجازر واسعة النطاق.

جرائم الميليشيا وانتهاكات حقوق الإنسان

أفاد القائم بالأعمال بأن ميليشيا قوات الدعم السريع نفّذت عمليات قتل جماعي على أسس قبلية وإثنية، ومنعت المدنيين من الخروج، وأقامت خنادق لإعدام الفارين، وأحرقت المنازل والمستشفيات ونهبت الممتلكات. وأكد أن تقارير الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية وثّقت انتهاكات جسيمة شملت القتل والعنف الجسدي، بالإضافة إلى تشريد نحو 400 ألف نسمة من سكان المدينة، حيث وصل جزء منهم إلى معسكرات تبعد عن المدينة نحو 50 كيلومتراً، وبعضهم إلى شمال السودان.

وأضاف: "وفقاً لتقارير منظمات إنسانية وأممية، بينها منظمة الصحة العالمية، قُتل مئات المرضى والمرافقين في المستشفى السعودي بمدينة الفاشر، كما تعرضت المدينة لحرق ونهب وانهيار الخدمات الصحية والتعليمية وانقطاع المياه والكهرباء والاتصالات".

خلفية الصراع وقوات الدعم السريع

أوضح حسن أن الصراع في السودان بدأ عام 2023 عندما تمرّدت قوات الدعم السريع، وهي تشكيلات شبه عسكرية أُنشئت عام 2013 وكان الهدف من إنشائها دعم الجيش في مكافحة التمرد، إلا أنها تحولت لاحقاً إلى قوة مستقلة تسعى للسلطة مستفيدة من الوضع في الفترة الانتقالية بعد سقوط نظام الرئيس عمر البشير عام 2019.

وأوضح القائم بأعمال السفارة السودانية أن قوات الدعم السريع توسعت خلال السنوات الأخيرة حتى بلغ عدد أفرادها نحو مئة ألف مسلح عام 2021، وتمتلك مصادر تمويل خارجية وأسلحة، وحاولت عام 2023 الاستيلاء على السلطة عبر انقلاب عسكري، مضيفاً أنها انتشرت في جميع الولايات السودانية الثماني عشرة وامتلكت مقارّ في مؤسسات حيوية قبل أن تتمكن القوات المسلحة من طردها من معظم المواقع وحصرها في دارفور.

وأشار حسن إلى أن الحكومة السودانية رصدت وجود مرتزقة من عدة دول شاركوا في القتال إلى جانب الميليشيا، وتم توثيق ذلك رسمياً في الشكاوى المقدمة إلى مجلس الأمن، مبيناً أن الميليشيا فرضت حصاراً على الفاشر، وأسقطت طائرات كانت تنقل مساعدات إنسانية بعد حصولها على مضادات للطيران.

الوضع الإنساني وعمليات المساعدة

أكد حسن أن الوضع الإنساني في المدينة متدهور للغاية، مبيناً أن السودان يعيش أزمة إنسانية هي الأكبر في تاريخه، إذ تسببت الحرب في نزوح أكثر من 11.2 مليون شخص داخل البلاد ولجوء 4.8 ملايين آخرين إلى الخارج، أي ما يعادل نصف عدد السكان، بينما تشير تقارير الأمم المتحدة إلى أن 24 مليون سوداني تأثروا بالنزاع بشكل مباشر.

ولفت حسن إلى أن الحكومة السودانية تسهّل وصول المساعدات الإنسانية عبر 13 معبراً برياً بينها معابر مع مصر وتشاد وجنوب السودان، إضافة إلى تشغيل سبعة مطارات لاستقبال الإمدادات وتقديم التسهيلات للعاملين في المجال الإنساني، موضحاً أن الأمم المتحدة تحتاج إلى 2.2 مليار دولار للاستجابة الإنسانية، ولم يُؤمّن منها سوى 26 بالمئة.

ضرورة تصنيف ميليشيا قوات الدعم السريع

بيّن القائم بأعمال السفارة أن الحكومة السودانية قامت بدور فاعل في توثيق تجاوزات الميليشيا وعمليات تسلل المرتزقة وقدّمت أدلة رسمية نشرتها صحف عالمية، إلا أن المجتمع الدولي ما زال يتعامل بازدواجية في توصيف الأزمة، مشيراً إلى أن السودان سعى منذ بداية الحرب إلى تجنب المواجهة وانخرط في مفاوضات جدة التي أفضت إلى اتفاق في 11 أيار عام 2023 لوقف إطلاق النار، لكن الميليشيا لم تلتزم به.

وشدّد حسن على أن تجاهل المجتمع الدولي للانتهاكات التي ترتكبها المليشيا في الفاشر وغيرها سيؤدي إلى تكرار المجازر في مدن سودانية أخرى، داعياً إلى وقف الدعم الخارجي للمتمردين وتصنيف "الدعم السريع" كمنظمة إرهابية.

التأكيد على السلام ودور الحكومة السودانية

ختم حسن حديثه في المؤتمر بالتأكيد على أن الحكومة السودانية ماضية في تحقيق السلام الشامل بما يلبي طموحات الشعب السوداني، مطالباً المجتمع الدولي باتخاذ إجراءات حازمة لردع الميليشيا وداعميها وفتح ممرات إنسانية آمنة للمدنيين في مدينة الفاشر وغيرها من مناطق النزاع.

وكان الاتحاد الأوروبي أدان في العشرين من الشهر الجاري بأشد العبارات الجرائم التي ارتكبتها "قوات الدعم السريع" في مدينة الفاشر بولاية شمال دارفور السودانية، معلناً فرض عقوبات بحق قيادات في تلك القوات.

مشاركة المقال: