لليوم الثالث على التوالي، تشهد محافظة السويداء توتراً أمنياً متصاعداً، يترافق مع عجز ملحوظ في الاستجابة الطبية وتدهور حاد في الخدمات الأساسية. نداءات الاستغاثة لم تفلح في توفير الحد الأدنى من السلامة للمدنيين المحاصرين وسط الاشتباكات والقذائف. في ظل اكتظاظ المشافي وإغلاق الأفران، تتفاقم مخاوف السكان مع ارتفاع عدد الضحايا وتضاؤل الآمال في تهدئة قريبة.
مراسلة سناك سوري تصف الوضع الإنساني في السويداء بأنه مزرٍ، حيث تعاني المحافظة من انقطاع شبه كامل للكهرباء نتيجة تعطل الخطين 66 و 230، اللذين يحتاجان إلى تدخل شركة الكهرباء. ورغم جهوزية فرق الصيانة، اعتذرت الشركة يوم الثلاثاء عن الدخول بسبب تدهور الوضع الأمني الذي يعيق الوصول.
أدى انقطاع الكهرباء إلى تراجع كبير في خدمة الإنترنت، وحرم العديد من الأهالي من الحصول على المياه، التي باتت شحيحة جداً. كما أُغلقت الأسواق بشكل كامل، وأصبح الوصول إلى المحال التجارية صعباً بسبب عمليات القنص على العديد من طرق المحافظة، مثل طريق قنوات.
معظم الأفران مغلقة اليوم بسبب الأوضاع الأمنية، ويزداد الوضع سوءاً نتيجة حركة النزوح الكبيرة، التي أدت إلى اكتظاظ المنازل وبالتالي زيادة الحاجة إلى المواد الغذائية والخبز. معظم العائلات لا تملك مخزوناً كافياً لمواجهة هذه الظروف.
أطلقت المشافي في المحافظة نداء استغاثة بسبب تراجع مخزون المستلزمات الطبية والحاجة إلى الأمصال ومستلزمات الإسعاف، وكذلك الحاجة إلى كوادر طبية. ورغم الاستجابة الكبيرة يوم أمس، إلا أن الاستجابة ضعيفة اليوم نظراً لاستحالة الوصول بسبب الوضع الأمني وخطورة الطريق.
صباح اليوم، فارق طبيب الجراحة “طلعت فوزي عامر” حياته خلال محاولة الوصول إلى المشفى الحكومي في المدينة استجابة لنداء الاستغاثة، وفق ما ذكرت شبكة الراصد. ويوم أمس، خسرت الطبيبة “فاتن هلال” حياتها إثر إصابتها بطلق ناري في الرأس خلال توجهها إلى ذات المشفى صباحاً.
تتحمل المشافي فوق قدرتها الاستيعابية، ووفقاً للمصادر، يتلقى عشرات المصابين العلاج في المشافي العامة والخاصة بظروف قاسية مع نقص كبير في المستلزمات من ضمادات ومعقمات، واشغال كامل لغرف العمليات على مدار الساعة.
بدوره، قال مدير مشفى صلخد، “لؤي الشوفي”، في تصريحات نقلتها شبكة الراصد أن المشفى يستقبل يومياً عشرات الحالات، تجاوز عددها 40 حالة، مشيراً أن المشفى لا يستطيع التعامل مع الإصابات الخطرة في الرأس والصدر لمحدودية الإمكانات.
وبحسب الشبكة، قامت قوى الأمن العام بتحصين حاجز على مدخل المشفى الحكومي، مع وجود دبابة أمام المشفى ما أثار الذعر بين الأهالي وانقطاع الطريق، وأشارت الشبكة إلى وصول عدد من الأطفال المصابين صباح اليوم للمشفى بينهم طفل من آل عزام فارق الحياة نتيجة تأخر عملية إسعافه.
أطلق مدنيون وأطباء نداء استغاثة لوضع حد ومراعاة الوضع الإنساني واحتياجات الأطفال للحليب والمستلزمات الأساسية.
في غضون ذلك، نعى ناشطون أقارب لهم في السويداء، بينما قال آخرون مغتربون إنهم فقدوا التواصل مع أقاربهم وعوائلهم داخل المدينة، مطالبين بفتح ممر إنساني للمدنيين وتحييدهم عن الصراع.
وكان ناشطون في مدينة حلب رفعوا لافتات رفضوا فيها الحل العسكري، والفتنة والطائفية، وسط دعوات للتهدئة التي لا يوجد أي بوادر لها حتى الآن.
يذكر أن رئاسة الجمهورية في “سوريا” أصدرت بياناً أمس أكدت فيه على ضرورة التزام كافة الجهات العامة والخاصة المدنية والعسكرية بمنع أي تجاوز أو انتهاك تحت أي مبرر كان.
إجراءات قانونية بحق المتجاوزين
أكدت الدولة أنها تنطلق من حرصها على صون الحقوق وحقن الدماء وسيادة القانون وضمان انتظام مؤسساتها، وأنها تكلف الجهات الرقابية والتنفيذية المختصة باتخاذ كافة الإجراءات القانونية الفورية بحق كل من يثبت تجاوزه أو إساءته مهما كانت رتبته أو موقعه.
جاء البيان بعد انتشار مقاطع مصورة من “السويداء” توثق ارتكاب عناصر دخلوا مع قوات وزارتي الدفاع والداخلية إلى المحافظة، انتهاكات بحق مدنيين بينهم شيوخ وإطلاق عبارات طائفية واعتداءات على رموز دينية ووطنية وتهديدات بالإبادة.
بدورها أصدرت وزارة الخارجية بياناً أدانت فيه غارات قوات الاحتلال الإسرائيلي التي أدت إلى سقوط ضحايا من عناصر الجيش والأمن والمدنيين، وأكّدت أن الدولة السورية متمسكة بحقها في الدفاع عن أراضيها وشعبها، وحرصها على حماية جميع أبنائها دون استثناء وفي مقدمتهم أبناء الطائفة الدرزية.
وقال بيان الخارجية أن “الموحدين الدروز” طالما كانوا مثالاً في الوطنية والشرف والبطولة في الدفاع عن الأرض والوطن، ودعت أهالي السويداء للوقوف خلف الدولة والجيش ورفض الانجرار خلف أي مشاريع مشبوهة أو دعوات فوضوية بحسب البيان.