الخميس, 12 يونيو 2025 07:25 PM

العدالة للجميع: دروس دولية في تحقيق السلم الأهلي ومحاسبة مرتكبي الجرائم

العدالة للجميع: دروس دولية في تحقيق السلم الأهلي ومحاسبة مرتكبي الجرائم

يبدو أن السيد عضو لجنة السلم الأهلي لا يمتلك أية دراية عن عملية الملاحقة الجنائية لمرتكبي الجرائم والانتهاكات، عندما زعم أن الملاحقة الجنائية تقتصر على كبار المسؤولين، وهذا غير صحيح إطلاقاً.

المحاكمات الجنائية لا تقتصر على كبار المسؤولين، أي مَن 'أمر بارتكاب الجريمة أو خطط لها' فقط، بل تشمل كل من نفذ أو ساهم بأية شكل في اقتراف الجريمة، فمن قام بقتل المعتقلين تحت التعذيب ليس رئيس الفرع الأمني، بل العناصر والمحققين، وهؤلاء ليسوا من كبار المجرمين، فهل يعقل أن يبقوا دون محاسبة؟!

عملية الملاحقة الجنائية – من خلال تجارب الدول – تشمل جميع المتورطين في ارتكاب الجرائم والانتهاكات، سواء كانوا من كبار المجرمين أو من الفئات الأقل (ضباطًا وعناصر وغيرهم). حيث يجري تشكيل محكمة جنائية خاصة لملاحقة كبار المسؤولين، بينما تتولى محاكم محلية متخصصة في جرائم الحرب ملاحقة المجرمين من الفئات الأدنى. والأمثلة كثيرة:

- في الحرب العالمية الثانية، جرت محاكمة كبار المسؤولين الألمان أمام محكمة نورمبرغ، بينما تولت المحاكم المحلية الواقعة في المناطق الأربع تحت سلطة الحلفاء مهمة ملاحقة المجرمين من باقي الفئات وفقًا لقانون مجلس الرقابة على ألمانيا رقم 10 لعام 1945.

- في رواندا، تولت المحكمة الجنائية الدولية الخاصة ملاحقة كبار المسؤولين عن الإبادة، بينما تركت للمحاكم الوطنية والمحاكم المجتمعية مهمة ملاحقة المجرمين من الفئات الأدنى، وكان لها دورٌ في محاكمة مئات الآلاف.

- في يوغسلافيا، تولت المحكمة الجنائية الخاصة محاكمة كبار المجرمين، وتركت لمحاكم المقاطعات محاكمة المجرمين الأقل درجة.

أما في الدول التي ركزت على ملاحقة كبار المسؤولين وأهملت المجرمين الأقل درجة، كما في سيراليون وتيمور الشرقية، فقد خلقت اضطرابات تسببت في تأخير تحقيق السلم الأهلي.

ملف العدالة يحتاج إلى مختصين... علينا أن نتعلم من الدروس. المحامي محمد أحمد الحربلية - زمان الوصل

مشاركة المقال: