الأحد, 20 أبريل 2025 02:49 AM

الغَنُوصِيَّة: إشراقةٌ من الداخل.. بحثٌ عن النور والحقيقة في الفطرة

د.محمد حبش: لا أذكر أنني تحدثت في كتبي عن الغنوصية، ولكن لا بأس فهي كلمة جميلة ومحايدة، والغنوصية تعني الإشراق من الداخل، والبحث عن النور في القلب وعن الحقيقة في الفطرة، وأصل الكلمة من المفردة الإنكليزية Gnosticism وهي تكريس لعبارة (أنا أعلم) JE KNOW IT وهي مقتبسة من أصل يوناني حيث يكون ضمير المتكلم حرف JE كالفرنسية، بدلاً من حرف I في الانكليزية.

وأول من وصف بها القديسون المسيحيون الأوائل الذين كانوا يتحدثون عن إشراق الله في الإنسان وانبثاق النور من قلب الإنسان والحكمة من عقله والسكينة من فؤاده. وهذه المصطلحات تسري على جميع الأمم وهي كمصطلح الصوفية والعرفانية والتوحيدية والباطنية والظاهرية والتأويلية والتفويضية، فهي ممارسات موجودة في كل دين.

وعند الغنوصيين فالمعرفة باطنية وروحية، تنبثق من الذات من الداخل، حيث هي تنبثق من فطرة الله تعالى، التي لا تزال نقية طاهرة بعيداً عن تلوث الأهواء والنزعات والفلسفات. وبعيداً عن المصطلح اليوناني، فالغنوصية عندي تنطبق تماماً على ما شرحته في كتابي المذهب الإنساني في الإسلام: هي الثقة بالإنسان والبحث عن الأسرار في داخله، وهي تهتدي بآيات وأحاديث كثيرة: استفت قلبك ولو أفتاك الناس وأفتوك، البر ما اطمأن إليه القلب واطمأنت إليه النفس، والإثم ما تردد في الصدر وكرهت أن يطلع عليه الناس، وقوله: فطرة الله التي فطر الناس عليها، ومن لم يجعل الله له نورا ً فما له من نور، وغير ذلك من الآيات الكثيرة في سياق الفطرة ونور القلب .

وأكبر أعلام الإسلام من الغنوصيين الإنسانيين هو الشيخ الأكبر محي الدين ابن عربي، وقد لخص فلسفته الغنوصية الإنسانية ببيتين من الشعر كان يرويهما للإمام علي كرم الله وجهه: دواؤك فيك ولا تشـــــــــــــعر *** وداؤك منـــــــــك ولا تبصر وتحسب أنك جرم صغيــــــــر *** وفيك انطوى العالم الأكبر (اخبار سوريا الوطن 2-صفحة د.محمد حبش)

مشاركة المقال: