الأحد, 5 أكتوبر 2025 08:45 PM

القيادة المجتمعية في سوريا: نموذج مبتكر للتنمية الإنسانية المستدامة

القيادة المجتمعية في سوريا: نموذج مبتكر للتنمية الإنسانية المستدامة

محمد صلاح الدين أبوعيسى

مقدمة: لم تعد القيادة المجتمعية في سورية مجرد نشاط تطوعي عابر، بل أصبحت عنصراً استراتيجياً لإعادة بناء المجتمع، وتعزيز التنمية المستدامة، ودعم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي. فالقائد المجتمعي اليوم هو مدير تغيير يمتلك رؤية اقتصادية وإدارية، وقادر على التفاعل مع بيئة معقدة ومتغيرة بسرعة. وفي ظل التحديات الاقتصادية والاجتماعية الراهنة، تتطلب القيادة المجتمعية ابتكارات ومبادرات جديدة لتحويل التحديات إلى فرص.

أولاً: واقع القيادة المجتمعية في سورية: تواجه القيادة المجتمعية تحديات متعددة، منها:

  1. ضعف التكامل بين المبادرات المحلية والمنظمات الدولية، مما يقلل من فاعلية البرامج.
  2. غياب التخطيط الإداري طويل الأمد، والاعتماد على المبادرات السنوية دون خطط استراتيجية مستمرة.
  3. نقص الكوادر المؤهلة لإدارة الموارد البشرية والمالية.
  4. غياب الابتكار التكنولوجي والرقمي في إدارة المشاريع.

ثانياً: تعريف جديد ومبتكر للقيادة المجتمعية: القيادة المجتمعية في سورية هي قدرة فرد أو مجموعة على توجيه الموارد والطاقات المحلية ضمن إطار مؤسسي وإداري مبتكر، لتحقيق أثر إنساني وتنموي مستدام، مع استخدام التكنولوجيا والبيانات في اتخاذ القرارات، وربط الجهود المحلية بالشبكات الوطنية والدولية. هذا التعريف يجعل القائد مهندس مشاريع اجتماعية متقدمة، قادراً على ابتكار حلول غير تقليدية للتحديات المجتمعية.

ثالثاً: العناصر الأساسية للقيادة المجتمعية الناجحة:

  1. رؤية اقتصادية واضحة: تحليل احتياجات المجتمع ضمن إطار اقتصادي واقعي.
  2. إدارة استراتيجية للموارد: استخدام أدوات الإدارة الحديثة.
  3. بناء شبكات وشراكات مبتكرة: الانتقال من العمل الفردي إلى منظومات تعاونية.
  4. تمكين الشباب وصناعة القادة الجدد: المبادرات المجتمعية يجب أن تكون منصات تدريبية.
  5. حوكمة وشفافية: تطبيق آليات رقابة دقيقة.
  6. ابتكار تكنولوجي ومجتمعي: استخدام تطبيقات ذكية لمتابعة المشاريع.

رابعاً: إطار عملي مبتكر للقيادة المجتمعية: يمكن بناء نموذج عملي باسم "مصفوفة القيادة المجتمعية المبتكرة" يحتوي على ثلاثة محاور رئيسية:

  1. محور التدريب وبناء القدرات: دورات إدارة مشاريع، إدارة الموارد البشرية، مهارات التواصل، التحليل الاقتصادي والاجتماعي، الابتكار الرقمي في العمل المجتمعي.
  2. محور البيانات والتحليل الاقتصادي والاجتماعي: تقييم الاحتياجات باستخدام البيانات، قياس أثر المبادرات بشكل علمي، تحليل الموارد المتاحة، استخدام منصات رقمية لمراقبة الأداء.
  3. محور الابتكار والشراكات الاستراتيجية: مشاريع تجريبية، شراكات مع المنظمات الدولية والقطاع الخاص، إدماج التكنولوجيا في تنفيذ المبادرات، خلق منصات رقمية للتطوع والتدريب.

خامساً: مقترحات:

  1. المقترح 1: منصة القيادة المجتمعية الرقمية: إنشاء تطبيق أو منصة رقمية تربط بين القادة، الفرق، والمتطوعين، لتسهيل متابعة المشاريع وتنسيق الموارد.
  2. المقترح 2: نظام تقييم ومكافآت مبتكر: تصميم آلية تعتمد على نقاط الأداء لكل متطوع أو فريق.
  3. المقترح 3: مختبر الابتكار الاجتماعي: إنشاء مساحة لتجربة المبادرات الاجتماعية قبل تطبيقها على نطاق واسع.
  4. المقترح 4: دمج الاقتصاد الاجتماعي بالمبادرات: تحويل بعض المبادرات المجتمعية إلى مشاريع صغيرة مستدامة.

سادساً: القيادة المجتمعية كنموذج للتغيير الاستراتيجي: القائد المجتمعي الناجح في سورية يجب أن يكون حلقة وصل بين المعرفة الأكاديمية، الخبرة العملية، والفكر الاقتصادي، مع القدرة على الابتكار المستمر.

ختاماً: مستقبل التنمية المحلية في سورية يعتمد على قادة مجتمعيين متكاملين ومبتكرين يجمعون بين الحس الإنساني، والفهم الاقتصادي، والقدرات الإدارية، ومهارات الابتكار الرقمي والاجتماعي، والقدرة على تحفيز الشباب وبناء فرق فعّالة. هؤلاء القادة هم مديرو تغيير استراتيجي قادرون على تحويل المبادرات المجتمعية إلى مؤسسات مستدامة، وتقديم حلول مبتكرة للتحديات المجتمعية في سورية.

*الكاتب:باحث ومدرس الإدارة والإقتصاد في الجامعة

(موقع اخبار سوريا الوطن-1)

مشاركة المقال: