الإثنين, 6 أكتوبر 2025 10:07 PM

انتخابات مجلس الشعب السوري: هل غابت إرادة الشارع؟ تساؤلات حول آلية التشكيل والتمثيل

انتخابات مجلس الشعب السوري: هل غابت إرادة الشارع؟ تساؤلات حول آلية التشكيل والتمثيل

أثارت عملية تشكيل مجلس الشعب السوري الحالي انتقادات واسعة بسبب الآليات التي اعتُبرت أقرب إلى التعيين منها إلى الانتخاب، والنتائج الأولية التي أظهرت ضعفًا في التمثيل وابتعادًا عن إرادة الشارع.

سناك سوري _ دمشق

بعد أشهر من التحضيرات، بدأت عملية التصويت حيث أدلى أعضاء "الهيئة الناخبة" بأصواتهم لاختيار مرشحين من الهيئة ذاتها. وكانت لجان فرعية، عُينت من قبل اللجنة العليا لانتخابات مجلس الشعب التي عينها الرئيس السوري "أحمد الشرع"، قد اختارت هؤلاء المرشحين. وتهدف هذه العملية إلى اختيار 140 عضوًا للمجلس، بينما يعين "الشرع" مباشرةً 70 عضوًا آخرين.

هذه العملية "الاستثنائية" في الاختيار، والتي بدت أقرب إلى التعيين، أثارت الكثير من الانتقادات. وقد بررت الحكومة ذلك بأن الوضع الراهن لا يسمح بإجراء انتخابات عامة في ظل الظروف الأمنية المعقدة ووجود مناطق واسعة خارجة عن سيطرة الحكومة المركزية في "دمشق"، بالإضافة إلى أن المراحل الانتقالية في الدول الخارجة من الصراعات لا يفضل فيها إجراء انتخابات بسبب عدم وضوح الصورة وعدم تشكل قوى سياسية حقيقية تعكس الواقع الجديد.

على الرغم من ذلك، جرت عملية الاقتراع يوم أمس الأحد، وتقدم أكثر من 6 آلاف شخص من الهيئات الناخبة للتصويت. وبينما كان المسؤولون الرسميون ووسائل الإعلام منشغلين بـ "الانتخابات"، كانت نسبة كبيرة من المواطنين غير مدركة أصلاً لعملية تشكيل المجلس الجديد الذي يفترض أنه يمثلهم، في حين لم يفهم آخرون آلية التشكيل وظن البعض أن باب الانتخاب مفتوح لجميع المواطنين.

يكشف غياب معرفة المواطنين بتشكيل مجلس "الشعب" عن ضعف في أداء "الهيئات الناخبة" التي اختزلت أصوات الناس. ومن المفترض أن كل صوت من أعضائها يمثل عشرات الآلاف من أصوات المواطنين، مما يحملها مسؤولية أكبر في خياراتها. لكن الواقع أظهر أن هذه الهيئات لم تسعَ إلى إجراء تواصل واسع مع الشارع لاستطلاع رأي المواطنين بالمرشحين وبناء قراراتها على أساس ذلك.

مهلة زمنية ضيقة لمعرفة المرشحين

يظهر خلل آخر، فبعد إعلان القوائم الأولية للهيئات الناخبة وفتح باب الطعون بنتائجها، تم إعلان القوائم النهائية لتلك الهيئات يوم 27 أيلول، ثم تم إعلان في 29 أيلول أي قبل 5 أيام فقط من إجراء الانتخابات. هذا الوقت الضيق لم يكن كافياً حتى ليتعرف أعضاء الهيئة الناخبة على المرشحين، مما دفع اللجان الفرعية لتنظيم جلسات تعارف بين الناخبين والمرشحين.

في المقابل، وضع النظام الانتخابي المؤقت "شروطاً" لاختيار أعضاء الهيئة الناخبة، لكنه لم يضع معايير لضمان التمثيل الشامل قدر الإمكان لشرائح المجتمع في هذه الهيئات. وبالتالي، أصبح أعضاؤها يمثلون أصواتهم وآراءهم الفردية وليس رأي شريحة أو فئة من المواطنين، مما زاد في الفجوة بين صوت الهيئات وصوت الناس في اختيار أعضاء المجلس. وقد ظهر ذلك جلياً في نتائج الانتخابات، فمثلاً من أصل 119 ناجحاً لم تنتخب الهيئات أكثر من فقط بنسبة 5%، رغم دعوة النظام الانتخابي لمراعاة تمثيل المرأة بنسبة 20%، إضافة إلى غياب تمثيل المكونات الدينية والطائفية في عدة دوائر مثل "دمشق" و"حلب" وبعض دوائر ريف حماة.

يصح القول أن المرحلة الحالية في سوريا استثنائية وأن عملية تشكيل مجلس الشعب الجديد استثنائية كذلك وغير تقليدية، لكن ذلك يتطلب جهداً أكبر في السعي للسماع لصوت الناس وطلب رأيهم للوصول إلى نواب يمثلون أكبر شريحة ممكنة من الشارع السوري.

مشاركة المقال: