الأحد, 4 مايو 2025 04:26 PM

انتعاش مؤقت: تحديات جمة تعيق ازدهار قطاع النحل في سوريا رغم التحسن

انتعاش مؤقت: تحديات جمة تعيق ازدهار قطاع النحل في سوريا رغم التحسن

عنب بلدي – زينب ضوا

واجهت مهنة تربية النحل في السنوات الماضية صعوبات عديدة أدت إلى عزوف كثير من النحالين عن العمل، ويرجع ذلك لعدة أسباب منها الإتاوات التي كانت تفرضها حواجز النظام السابق، وارتفاع تكاليف الإنتاج، والانخفاض بأعداد النحل بسبب العوامل المناخية، إضافة إلى تراجع استهلاك العسل لارتفاع أسعاره.

اضطر عدد من النحالين لبيع جزء من خلاياهم، بسبب عدم القدرة على تصريف الإنتاج. بعد مرور عدة سنوات على الركود النسبي في تربية النحل، استعاد القطاع حوالي 80% من نشاطه من ناحية عودة نحالين الى أعمالهم وانخراط أعداد جديدة من السوريين في هذه المهنة، وسط قلة إنتاجية خلايا النحل جراء الظروف المناخية، بحسب ما قاله عضو اتحاد النحالين العرب ومربي النحل، عبد الرحمن قرنفلة، لعنب بلدي.

وأشار قرنفلة إلى أن تربية النحل قديمة في المجتمع السوري، وكانت تنتشر في المحافظات السورية حوالي 650 ألف خلية نحل، ويعمل بالقطاع قرابة 35 ألف أسرة سورية.

وتعرض قطاع تربية النحل لأضرار خلال سنوات الحرب، إذ فقدت سوريا بين عامي 2011 و2020 حوالي 85% من إجمالي النحل السوري، بينما كانت تزدهر تربية النحل في المناطق التي كانت خارج سيطرة النظام السابق.

الجفاف يهدد الإنتاج

ذكر عضو اتحاد النحالين العرب ومربي النحل عبد الرحمن قرنفلة، أن النحل يتأثر بشكل كبير بتبدلات المناخ التي تزداد حدة مع الأيام.

وأوضح قرنفلة أن تربية النحل تتأثر بالظروف المناخية المتطرفة، وشهدت سوريا هذا العام شتاء شبه جاف وتبدلات مفاجئة في درجات الحرارة، ما أثر سلبًا على أداء النحل في موسمي اللوزيات والحمضيات، وانخفضت المساحات الغنية بالنباتات البرية المزهرة ومحاصيل اليانسون وحبة البركة وهذا الواقع “لن يسمح بتوقع إنتاج جيد هذا العام”.

عصام محمد، يعمل في تربية النحل من محافظة طرطوس، قال لعنب بلدي، إن الموسم الحالي للنحل ليس جيدًا مقارنة بالعام السابق بسبب الجفاف، مضيفًا أن نفوق النحل سيؤثر على المستهلك، لأن العسل سينخفض في السوق وسيرتفع سعره.

وقال المربي، إنه في الأعوام السابقة كانت خسائر النحالين كبيرة بسبب قلة البيع في الوقت الذي كانت ترتفع فيه أسعار الخلايا والأدوية والسكر وأجور النقل، وعدم منح قروض مناسبة تساعد المربي في التربية.

حسين علي، الذي يعمل في تربية النحل بمحافظة حمص، بدا غير متفائل بإنتاج النحل لهذا العام، وقال إن الأسعار التي يدفعها التاجر لا تلائم التكلفة، والنحالون ربما سيبيعون بخسارة بسبب تراجع التسويق.

عاد قسم من النحالين إلى مهنة تربية النحل في محافظة حمص، لكنهم يواجهون مشكلات متعلقة بغلاء أسعار مستلزمات النحل، ويشهد العام الحالي ضعفًا في نشاط النحل، ومن الممكن أن يؤثر على الإنتاجية، بحسب حسين.

ويعتمد حجم إنتاج النحل من العسل على عوامل متعددة ومعقدة تتعلق بمدى توفر النباتات الرحيقية والطلعية، ومدى استقرار ظروف المناخ وخلو النحل من الآفات والأمراض ونوع سلالة النحل وقدرتها على التأقلم مع تبدلات المناخ، وكذلك القدرة الشرائية للمستهلك وعوامل تسويق مختلفة.

صعوبات تواجه المربين

يواجه مربو النحل العديد من العصوبات، في مقدمتها غياب استراتيجية واضحة للتعامل مع قطاع تربية النحل وفوضى استيراد الملكات والعسل بأسعار أقل من تكاليف إنتاج العسل المحلي وأقل جودة، وهو ما يسهم بخسارة النحالين المحليين، بحسب ما قاله رئيس الجمعية النوعية لتربية النحل في سوريا، بسام نضر، لعنب بلدي.

كما يواجه المربون تراجع جهود إحياء سلالة النحل السوري التي بدأتها وزارة الزراعة منذ زمن طويل ثم توقفت لأسباب مجهولة، وعدم تشكيل اتحاد مهني نوعي للنحالين السوريين.

عدم وجود خطط لنشر وزارعة الزراعة الأشجار الرحيقية والطلعية، وارتفاع أسعار الأدوية الوقائية والعلاجية للنحل، وغياب الرقابة التموينية، هي أيضًا من الصعوبات التي يعاني منها مربو النحل، بحسب نضر.

وأشار إلى أن هناك خللًا في العلاقة والتنسيق بين المزارعين والنحالين، إذ إنه بخلاف الدول المتقدمة، يطلب الفلاح من مربي النحل أجورًا لقاء وضع خلايا النحل في أرضه، رغم أن وجود النحل يساهم بزيادة الإنتاج وتحسين نوعيته، بينما في الدول المتقدمة يدفع الفلاح لمربي النحل مبالغ لقاء وضع النحل في أرض الفلاح.

إمكانية الدعم

أشار عضو اتحاد النحالين العرب عبد الرحمن قرنفلة، إلى أنه من المتوقع أن تُنجز وزارة الزراعة السورية دراسة فنية معمقة لقطاع تربية النحل بالاشتراك مع فرع سوريا لاتحاد النحالين العرب ومع الجمعيات التعاونية المعنية بتربية النحل وتحديد معوقات نمو القطاع ثم وضع استراتيجية وطنية للنهوض به نظرًا لأهميته البالغة للإنتاج الزراعي.

وقال رئيس الجمعية النوعية لتربية النحل في سوريا التابعة للاتحاد العام للفلاحين، بسام نضر، إن من المؤكد أن القطاع سينتعش في حال معالجة الصعوبات والتحديات التي تواجه النحالين حيث تتمتع سوريا بمواسم أزهار على مدار العام، ويتوفر نحالون ذوو خبرات واسعة وتتطلب عملية تحسين واقع القطاع معالجة جميع الصعوبات.

وأوضح أن النحالين يحتاجون إلى تأمين مستلزمات الإنتاج بأسعار مقبولة لا سيما الوقود اللازم لحركة النحالين والحصول على القروض بطريقة سهلة.

بدوره، طالب المربي عصام محمد بضرورة منح قروض للنحالين بالتزامن مع عودة عدد منهم للعمل في هذه المهنة، ومساعدتهم من خلال توفير أدوية لازمة للنحل بأسعار مناسبة، وتفعيل صندوق لتعويض أضرار النحالين في حال فقدان النحل نتيجة الظروف المناخية أو المرض، وتسويق العسل عن طريق فتح أسواق تصريف بعد إلغاء الكثير من قيود التصدير التي كان يفرضها النظام السابق.

خسائر في القطاع

أوضح رئيس الجمعية النوعية لتربية النحل في سوريا، بسام نضر، أن حجم إنتاج العسل من النحل يتوقف على عوامل متعددة في مقدمتها توفر المراعي وقدرة النحال على التنقل بين المحافظات وفقًا لمواسم الأزهار وزراعة المحاصيل، نظرًا إلى أن الحرب فرضت في السنوات الماضية قيودًا على حركة النحالين، وعاقت قدرتهم على نقل مناحلهم إلى المراعي انخفض إنتاج البلاد من العسل.

وتعرضت كثير من خلايا النحل للسرقة والنهب والحرق وتهجير عدد من النحالين من أراضيهم، ما سبب تراجعًا في إنتاج العسل وباقي منتجات خلية النحل، وشجع “ضعاف النفوس” على نشر أنواع مغشوشة من العسل في الأسواق، ما ألحق ضررًا إضافيًا باقتصاد القطاع، بحسب عضو اتحاد النحالين العرب عبد الرحمن قرنفلة.

وقال قرنفلة، إن أشكال الأضرار المباشرة التي تعرض لها قطاع تربية النحل كانت متعددة، إذ أدى منع تنقل النحل بين المحافظات الذي فرضته الحواجز الأمنية التابعة للنظام السابق إلى نفوق عدد كبير من قفران النحل.

كما أدى فقدان أدوية معالجة بعض أمراض النحل إلى فقدان جزء مهم من النحل السوري، إضافة إلى الأضرار الاقتصادية والمالية المباشرة التي لحقت بالنحالين والعاملين بالسلاسل التسويقية المعنية بمنتجات خلية النحل والخسائر “الضخمة” التي لحقت بهم فضلًا عن خسارة سوريا الأسواق التصديرية التي كانت تستوعب فائض إنتاج العسل وباقي منتجات خلية النحل السورية.

وأشار قرنفلة إلى أن تربية النحل تعتمد على التنقل بين المحافظات سعيًا وراء مواسم أزهار النباتات، إذ يتنقل النحالون بين المناطق الداخلية والساحلية والوسطى والشمالية والجنوبية والشرقي، إلا أن الحواجز الأمنية التابعة للنظام السابق كانت تعوق عمليات تنقل النحل، إضافة إلى صعوبة تأمين الوقود اللازم للسيارات لنقل النحل ومتابعته أيضًا.

ومع سقوط النظام، من المؤكد أن هناك فرصة للقطاع للانتعاش مجددًا عندما يزيد عدد العاملين في المهنة بالتزامن مع زيادة إنتاج خلايا النحل، إذ أصبح بإمكان النحال التنقل دون عوائق أو تعرض النحال للابتزاز، بحسب قرنفلة.

مشاركة المقال: