في تحول ملحوظ يعكس تحولًا في المواقف، وجهت روسيا انتقادات لاذعة للإدارة السورية الجديدة خلال جلسة مغلقة لمجلس الأمن هذا الأسبوع، وسط تصاعد التوترات في منطقة الساحل السوري، بينما تسعى موسكو لإعادة تنظيم موقعها السياسي في الملف السوري.
وبحسب وكالة "رويترز"، أعرب المبعوث الروسي فاسيلي نيبينزيا عن قلق بلاده إزاء صعود مجموعات مسلحة وصفها بـ"الجهادية"، محذرًا من أن ذلك قد يؤدي إلى تفاقم التوترات الطائفية، في إشارة إلى الأحداث الأخيرة في مناطق الساحل السوري.
وكشفت مصادر دبلوماسية أن نيبينزيا قارن خلال الاجتماع المغلق الوضع في سوريا بأحداث الإبادة الجماعية في رواندا عام 1994، معربًا عن مخاوفه من تكرار السيناريو نفسه إذا لم يتم اتخاذ إجراءات فعالة.
ورفض المبعوث الروسي تقديم تفاصيل علنية حول تصريحاته، مشيرًا إلى أن ما يقال في الجلسات المغلقة يجب أن يظل سريًا. ومع ذلك، كشفت التسريبات أن موسكو لديها تحفظات متزايدة بشأن أداء الحكومة الجديدة في دمشق بقيادة الرئيس أحمد الشرع، وخاصة فيما يتعلق بتقليص عدد الموظفين في القطاع العام وحل التشكيلات العسكرية القديمة.
وفي السياق نفسه، أوضحت آنا بورشفسكايا، الخبيرة في الشأن الروسي من معهد واشنطن، أن روسيا تسعى للحفاظ على نفوذها الاستراتيجي في سوريا، وتحاول لعب دور الوسيط الدولي من خلال التنسيق مع الولايات المتحدة والقوى الكبرى.
وتضيف بورشفسكايا أن هذه الانتقادات ليست بالضرورة تعبيرًا عن قطيعة، بل قد تكون جزءًا من تكتيك روسي لإعادة تنظيم موقعها السياسي وتعزيز أوراقها التفاوضية إقليميًا ودوليًا.
كما سلط الاجتماع المغلق الضوء على المخاوف من تكرار "الفراغ المؤسسي" الذي حدث في العراق بعد سقوط نظام صدام حسين، مما دفع موسكو إلى التحذير من تفكيك المؤسسات الأمنية والإدارية دون بدائل واضحة، الأمر الذي قد يهدد الاستقرار في المرحلة المقبلة.
وتأتي هذه التطورات في وقت يشهد فيه الملف السوري تحركات دولية متسارعة، مع اقتراب موعد الاستحقاقات السياسية الكبرى، وعلى رأسها الاستفتاء الشعبي على الدستور الجديد.