الأربعاء, 5 نوفمبر 2025 10:24 PM

فوز ممداني برئاسة بلدية نيويورك: هل تخشى إسرائيل على يهود المدينة أم على تحولاتها السياسية؟

فوز ممداني برئاسة بلدية نيويورك: هل تخشى إسرائيل على يهود المدينة أم على تحولاتها السياسية؟

يزعم مسؤولون إسرائيليون قلقهم على وضع اليهود في نيويورك بعد فوز زهران ممداني برئاسة بلدية المدينة، بينما يرى محللون إسرائيليون أن قلق تل أبيب الحقيقي ينصب على مصالحها في ظل توجهات ممداني (34 عامًا) التي تختلف عن توجهات الإدارة الأمريكية.

فقد فاز ممداني، الاشتراكي الديمقراطي، بانتخابات عمدة نيويورك ليصبح أول مسلم يشغل هذا المنصب في المدينة التي تضم أكبر جالية يهودية في العالم. وكان ممداني قد تعهد في تصريحات سابقة باعتقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إذا وصل إلى نيويورك، حيث مقر الأمم المتحدة. يذكر أن المحكمة الجنائية الدولية أصدرت في نوفمبر/تشرين الأول 2024 مذكرة اعتقال بحق نتنياهو بتهمة ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية بحق الفلسطينيين في قطاع غزة.

ويرى مراقبون أن فوز ممداني قد يمثل بداية حقبة جديدة في الولايات المتحدة، حيث كسر حاجز انتقاد إسرائيل وتمكن رغم ذلك من الفوز في الانتخابات. وفي هذا السياق، تحدث عميحاي شتاين، محلل القناة "15" الإسرائيلية، عبر منصة "إكس"، عن أن الأمر الذي يُفترض أن يقلق إسرائيل أكثر من أي شيء آخر بشأن ممداني هو أن الآراء المعادية لإسرائيل كانت تؤدي إلى خسارة أي مرشح لمنصب سياسي في الولايات المتحدة، لكن في حالة ممداني لم تثر هذه الآراء أي استياء.

خلال حملته الانتخابية، وجه ممداني انتقادات حادة لإسرائيل بسبب حرب الإبادة الجماعية التي شنتها، بدعم أمريكي، على قطاع غزة لمدة سنتين منذ 8 أكتوبر/تشرين الأول 2023، والتي خلفت 68 ألفا و875 قتيلا فلسطينيا، و170 ألفا و679 جريحا، معظمهم أطفال ونساء، ودمارا طال 90 بالمئة من البنى التحتية المدنية، مع تكلفة إعادة إعمار قدرتها الأمم المتحدة بنحو 70 مليار دولار.

وقد أثرت تداعيات حرب الإبادة على صورة إسرائيل في الولايات المتحدة، وهو ما عبر عنه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في مقابلة مع موقع "ديلي كولر" الإخباري الأمريكي مطلع سبتمبر/أيلول الماضي، حيث قال: "قد ينتصرون (إسرائيل) في الحرب، لكنهم لا ينتصرون في عالم العلاقات العامة". وأضاف أن "إسرائيل كان لديها أقوى جماعة ضغط قبل 15 عاما. كانت لديهم سيطرة كاملة على الكونغرس. والآن تُلحق (الحرب) بهم الضرر، وخاصة في الكونغرس".

وبينما لا تزال إسرائيل تحظى بدعم ترامب، أظهرت استطلاعات الرأي العام الأمريكية في الأشهر الماضية تراجعا ملموسا في نسبة التأييد الشعبي لها، خاصة بين الشباب. في المقابل فإن مشاهد الإبادة الجماعية القادمة من غزة رفعت، وبشكل غير مسبوق، من تأييد الأمريكيين لاسيما الشباب للشعب الفلسطيني تحت الاحتلال. ويتمتع ممداني بدعم قاعدة عريضة ومتنوعة من الناخبين، بينهم يهود يرفضون سياسات حكومة نتنياهو، لاسيما حرب الإبادة على غزة.

في هذا السياق، حذر سفير إسرائيل الأسبق لدى واشنطن جلعاد اردان، من أن ما حصل في نيويورك قد يحصل في البيت الأبيض، معتبرا ذلك "يوما أسود" و"إشارة تحذير للولايات المتحدة". وأضاف أن على إسرائيل أن تستيقظ وتنفذ خطة شاملة لتعزيز هويتها في الولايات المتحدة، من خلال تواصل واسع وعميق مع جيل الشباب والأقليات.

بدوره، اعتبر الخبير الإسرائيلي بالشأن الأمريكي في صحيفة "هآرتس" أمير تيبون أن فوز ممداني "قصة أكبر وأشمل" من مجرد انتخابات رئاسة بلدية نيويورك، وربط فوز ممداني بسلسلة من نجاحات الحزب الديمقراطي في مواجهة حزب ترامب الجمهوري، مشيرا إلى أن يوم الانتخابات شهد سلسلة من عمليات التصويت المهمة في ولايات مختلفة، انتهت جميعها بفوز ساحق للديمقراطيين.

ويرى تيبون أن هذا التطور يأتي بينما تراجعت مكانة إسرائيل في الحزب الديمقراطي إلى أدنى مستوياتها التاريخية، بل ويزيد فيه الديمقراطيون الأكثر اعتدالا، بمن فيهم عمدة نيويورك الجديد، من حدة انتقاداتهم لنا. ويمنح فوز ممداني دفعة قوية للجناح الأكثر انتقادا لإسرائيل داخل الحزب، كما أن الانتصارات في نيوجيرسي وفيرجينيا وكاليفورنيا وجورجيا وبنسلفانيا وغيرها تُعزز الحزب الديمقراطي ككل. والأهم من ذلك أن جميع انتصاراتهم الليلة مبنية على إقبال كبير من الشباب، وهم الفئة العمرية الأكثر إشكالية بالنسبة لإسرائيل في الولايات المتحدة اليوم.

لكن الحكومة الإسرائيلية حاولت تغليف قلقها الفعلي على إسرائيل بادعاء خشيتها على اليهود في نيويورك، حيث دعا وزير الشتات الإسرائيلي عميحاي شيكلي يهود نيويورك إلى التفكير بإيجابية في تحديد مكانهم الجديد في أرض إسرائيل. في المقابل، انتقد وزير التراث الإسرائيلي عميحاي إلياهو اليهود الذين صوتوا لصالح ممداني، معتبرا أنه ليس من المستغرب أن يدعم يهود نيويورك رئيس البلدية المنتخب زهران ممداني، الذي لا يخفي كراهيته لإسرائيل وجنود جيشها.

مشاركة المقال: