الأحد, 6 يوليو 2025 02:17 PM

انس جودة: سوريا وإعادة البناء من الداخل بدلًا من القطيعة مع الماضي

انس جودة: سوريا وإعادة البناء من الداخل بدلًا من القطيعة مع الماضي

يرى انس جودة أن في لحظات التحول، غالبًا ما تُطرح شعارات القطيعة مع الماضي كشرط لازم للتقدم. وتظهر مقولات تدعو إلى "كسر السلسلة" و"التحرر من كل ما مضى" و"تأسيس جديد من خارج الإرث"، واعدة بمستقبل نقي خالٍ من شوائب التاريخ.

ويشير إلى أن حزب البعث فعل ذلك سابقًا، عندما هدم كل البنى التي سبقته، ثم عاد إليها مرغمًا بطريقة مشوهة. واليوم، يتكرر الخطاب نفسه، الذي، رغم تأثيره التعبوي والشعبوي، لا يصمد أمام اختبار البناء الفعلي للمجتمعات الخارجة من الصدمات. فما يُقدم بوصفه قطيعة، ينتهي غالبًا إلى إعادة إنتاج صيغ الماضي بأدوات جديدة وبعنف أشد.

ويؤكد جودة أنه لا يمكن للمجتمعات أن تنجح حين تنكر ماضيها، ولا أن تنمو عبر محوه، بل عبر تحولات تراكمية تؤسس على التجارب السابقة، بكل ما فيها من ألم ومعنى ونجاح. فالتغيير الحقيقي يبدأ حين نفهم هذا الماضي، ونفككه، ونعيد تشكيله.

  • القطيعة تنتج شعارات، أما التحول فينتج وعيًا.
  • القطيعة تهدم الهوية، أما التحول فيعيد تركيبها.
  • القطيعة تخلق فراغًا، أما التحول فيبني بنية قابلة للحياة.

ويضيف أن مسار التاريخ يتناقض مع فكرة القطيعة، فهو يعود بطريقة دائرية دائمًا إلى النقطة نفسها، ولكن بقراءة مختلفة. ومن هنا، فإن سوريا (وكل المجتمعات الخارجة من الصراع) لا تحتاج إلى قطيعة، بل إلى إعادة بناء من داخل الجرح، ومن قلب التجربة نفسها، عبر الانفتاح على قراءتها وفهمها واستيعاب تحولاتها. لا نكرر ما مضى، ولا نلغيه، بل نحمله بوعي جديد.

ويختتم جودة بأن القطيعة لا تعبر إلا عن استسهال وغرور شديد، بأن النموذج الجديد كامل متكامل، لا يحتاج لدروس الماضي ولا لعبره. (اخبار سوريا الوطن ٢-صفحة الكاتب)

مشاركة المقال: