يعاني الموظفون في رأس العين وتل أبيض من تأخر صرف رواتبهم لشهر آذار الماضي، مما أثار استياءً واسعًا في ظل الضغوط الاقتصادية والمعيشية المتزايدة، وتسبب في تباطؤ ملحوظ في الحركة التجارية.
تأخر صرف الرواتب وصل إلى يومه الثامن، الأربعاء 23 من نيسان، علمًا أن الموظفين في المدينتين اعتادوا على استلام رواتبهم شهريًا عبر المجالس المحلية، بدفع مباشر من ولاية أورفا التركية، التي كانت تحول الرواتب بانتظام في منتصف كل شهر. يقدر عدد الموظفين في تل أبيض ورأس العين بحوالي 5450 موظفًا في القطاع الحكومي، موزعين بين التعليم، والشرطة، والمجالس المحلية، والمستشفيات، وفقًا لإحصائية.
الاستدانة كحل مؤقت
أجبر تأخر صرف الرواتب مئات الموظفين العاملين في المجالس المحلية والشرطة المدنية على الاقتراض أو الاعتماد على مساعدات الأقارب. عز الدين (36 عامًا) من تل أبيض، ويعمل في الشرطة المدنية، اعتاد على استلام راتبه في اليوم الـ 15 من كل شهر، لكن التأخير دفعه إلى استدانة 400 ألف ليرة سورية لتسديد جزء من ديونه.
يقول عز الدين إنه اضطر للاقتراض حتى يتمكن من الدفع لصاحب المتجر، الذي وافق على فتح حساب دين جديد له. وأضاف أن عددًا من الموظفين تواصلوا مع مسؤولين في تل أبيض للاستفسار عن سبب التأخير، لكنهم لم يتلقوا أي توضيح، مما زاد من قلقهم بشأن مستقبلهم الوظيفي.
منى كريم (36 عامًا)، تعمل في مركز الخياطة في رأس العين، وتتقاضى 4700 ليرة تركية، أي ما يعادل 1.3 مليون ليرة سورية مقابل عملها. أوضحت منى أن هذا الشهر هو الثاني على التوالي الذي يتأخر فيه الراتب في رأس العين، حيث تأخر الشهر الماضي لمدة ثلاثة أيام بسبب مشكلة في جدول الرواتب، لكن الوضع اختلف هذا الشهر، دون معرفة موعد الصرف وإمكانيته.
ركود في الأسواق
بعد تراجع الزراعة والثروة الحيوانية في المنطقتين، أصبحت أسواق رأس العين وتل أبيض تعتمد بشكل أساسي على رواتب الموظفين. ومع تأخر صرف الرواتب، دخلت الأسواق في حالة من الركود والضعف، مما أثر سلبًا على النشاط التجاري.
علاء حسين، مورد المواد الغذائية والخضار لتل أبيض، ذكر أنه منذ أسبوع، وبعد تأخر صرف رواتب موظفي القطاع العام، انخفض الطلب على المواد الأساسية في تل أبيض بنسبة 65%. وأوضح أنه كان يدخل يوميًا ما بين أربع وخمس شاحنات محملة بالمواد الغذائية والخضار إلى تل أبيض عبر المعبر التركي، ولكن منذ 15 نيسان الحالي، لم تدخل سوى شاحنة واحدة في اليوم ويتم تصريفها بصعوبة نتيجة لعدم وجود سيولة لدى السكان.
وأشار إلى أن استمرار تأخر الرواتب أو انقطاعها تسبب له وللتجار بخسائر مالية، خاصة وأنهم ملتزمون بشحنات يومية من الطرف التركي إلى مدينة تل أبيض.
أسباب التأخير
تدار مدينتا رأس العين وتل أبيض شمالي سوريا عبر مجالس محلية بإشراف من تركيا، وتدار المؤسسات الخدمية فيها عبر مركز ولاية أورفة التركية، ويشرف المجلس المحلي في المدينة على تنفيذ المشاريع الخدمية. وينطبق الأمر على المجالس المحلية في ريفي حلب الشمالي والشرقي، مع فرق الارتباط بولايات تركية أخرى غير ولاية أورفا.
مصدر مسؤول في رأس العين أفاد بأن رواتب المجلس المحلي تُصرف بشكل شهري ومنتظم بالتنسيق بين المجلس المحلي وولاية أورفا. وأوضح أن تأخر صرف الرواتب في الشهر الماضي لمدة ثلاثة أيام، وفي الشهر الحالي لمدة ثمانية أيام، كان بسبب مشكلة في آلية صرف الرواتب من قبل مكتب تنسيق الدعم السوري (Sudkom) ومقره في ولاية أورفا.
وأضاف المصدر أن المجلس المحلي على تواصل مع الولاية لحل هذه المشكلة في أقرب وقت، مشيرًا إلى أن المجلس تلقى وعدًا من الولاية بصرف الرواتب في الأيام القليلة المقبلة وتسليمها للموظفين.
تعد الليرة السورية العملة الأساسية المتداولة في المدينتين، لكن الواقع الاقتصادي المضطرب أرهق الأهالي، مما جعل تأمين احتياجاتهم اليومية أمرًا بالغ الصعوبة. أما الليرة التركية، ورغم محدودية استخدامها، فهي في المرتبة الثانية من حيث التداول في رأس العين وتل أبيض، ويعزى ذلك إلى قرب المدينتين من الحدود التركية وتسلّم الموظفين رواتبهم بالليرة التركية بشكل شهري، بينما يأتي الدولار الأمريكي في المرتبة الثالثة.