الأحد, 14 سبتمبر 2025 08:33 PM

تجمع الكسوة الشرقي: إهمال مزمن ومعاناة مستمرة رغم مرور عقود على النزوح

تجمع الكسوة الشرقي: إهمال مزمن ومعاناة مستمرة رغم مرور عقود على النزوح

على الرغم من مرور أكثر من خمسة عقود على نزوح أهالي القنيطرة إثر حرب حزيران 1967، لا تزال آلاف العائلات في تجمع الكسوة الشرقي بريف دمشق تعيش ظروفًا قاسية تتميز بالتهميش والإهمال. يقطن هذا الحي حاليًا حوالي 35 ألف نسمة، بمن فيهم نازحون من القنيطرة وسكان من محافظات سورية أخرى، ويعانون من نقص حاد في الخدمات الأساسية، وسط انتشار الفساد الإداري والمماطلة من البلديات المتعاقبة، مما يجعل الحياة اليومية صعبة للغاية بسبب نقص المياه، وسوء المواصلات، وتدهور البنية التحتية، وغياب الرعاية الصحية.

نزوح القنيطرة وتأسيس الحي

أوضح فراس عزام، الناشط المدني وعضو فريق أبناء الجولان التطوعي وعضو لجنة الحي في تجمع الكسوة الشرقي بريف دمشق، أن معاناة السكان بدأت بعد نكسة حزيران 1967، عندما نزح أهالي القنيطرة إلى البلدات المجاورة، بما في ذلك الكسوة الشرقية التابعة إداريًا لمحافظة ريف دمشق. وأشار إلى أن هذه التبعية الإدارية تسببت في مشاكل مزمنة، حيث لم تحصل المنطقة على بلدية خاصة بها، على عكس الأحياء الأخرى التابعة لمحافظة القنيطرة، مما حرم الأهالي من الخدمات الأساسية لعقود.

التبعية الإدارية والفساد المستمر

أضاف عزام أن الفساد الإداري والمالي المتراكم منذ سبعينيات القرن الماضي زاد من تدهور الأوضاع، حيث عانى السكان من تهميش ممنهج استمر حتى بعد استعادة النظام السيطرة على المنطقة، دون وجود تمثيل حقيقي للتجمع داخل بلدية الكسوة. وأشار إلى أن عدد سكان الحي يبلغ حاليًا حوالي 35 ألف نسمة، منهم 15 ألف من أبناء القنيطرة، والباقي من مختلف المحافظات السورية، ويعيشون جميعًا في ظروف معيشية صعبة تفتقر إلى أبسط مقومات الحياة.

تدهور التعليم

يعكس الواقع الخدمي في الحي إهمالًا متعمدًا، خاصة في قطاع التعليم، حيث تعاني المدارس من نقص في التجهيزات الأساسية، وغياب الأسوار والإنارة الليلية، وانعدام شروط الأمان. وأشار عزام إلى أن البنية التحتية للكهرباء متهالكة، حيث تنتشر المحولات والخزانات الكهربائية بجوار المنازل بشكل يهدد حياة السكان، بينما يواجه قطاع المياه أزمة حادة، حيث تصل المياه مرة واحدة في الأسبوع ولساعة واحدة فقط، مما يضطر الأهالي إلى شراء مياه الصهاريج بأسعار باهظة تصل إلى 100 ألف ليرة لعشرة براميل في أوقات الذروة.

خبز رديء ومخالفات بلا حل

أشار عزام إلى أن الخبز يمثل أزمة أخرى، حيث يعتمد الحي على فرن خاص يقدم خبزًا رديئًا، دون استجابة لشكاوى الأهالي. بالإضافة إلى ذلك، تفاقمت ظاهرة المخالفات العمرانية التي لم تعالج منذ عقود، بما في ذلك إغلاق الطرق الرئيسية، واستمرار وجود مبانٍ آيلة للسقوط رغم الشكاوى المتكررة للبلديات. كما تنتشر الأكشاك العشوائية التي تحولت إلى بؤر لتعاطي المخدرات دون تدخل من السلطات.

مخاطر صحية وغياب المراكز الطبية

أكد عزام أن الوضع الصحي لا يقل سوءًا، حيث لا يوجد مركز صحي فعلي يخدم السكان، باستثناء نقطة صغيرة تتبع محافظة القنيطرة بإمكانات محدودة جدًا. ويوجد في الحي أكثر من 200 شخص من ذوي الاحتياجات الخاصة، وحوالي 5 آلاف مريض بأمراض مزمنة يحتاجون إلى متابعة طبية مستمرة.

غياب المواصلات وتردي الطرق

أما بالنسبة لوسائل النقل، أوضحت المحامية نور الهلال، وهي من أهالي المنطقة وعضو في فريق أبناء الجولان التطوعي، أن الحي يفتقر إلى أي خط سرفيس رسمي، مما يجبر السكان على السير لمسافة كيلومترين للوصول إلى أقرب نقطة مواصلات، أو الاعتماد على سيارات الأجرة بتكاليف باهظة. وأضافت أن المعاناة تزداد بسبب الطرق غير المعبدة والمليئة بالحفر، والتي تتحول في الشتاء إلى طين يعيق حركة الأطفال إلى مدارسهم.

دعوات لإنشاء مراكز خدمية وتأهيلية

اختتمت نور الهلال حديثها بالتأكيد على أن سكان التجمع الشرقي ينتمون في الغالب إلى الطبقة الفقيرة، مما يستدعي توفير مركز صحي متكامل، بالإضافة إلى مراكز مجتمعية لتأهيل الشباب والنساء من خلال دورات مهنية مثل الخياطة والحلاقة، ومبادرات لمعالجة المشكلات الاجتماعية، وخاصة الإدمان والمخدرات، مؤكدة أن غياب هذه المشاريع يزيد من العزلة ويزيد من هشاشة الوضع الإنساني في المنطقة.

مشاركة المقال: