الخميس, 27 نوفمبر 2025 01:29 PM

تحذيرات مصرية للبنان: مهلة أسابيع لنزع سلاح حزب الله أو مواجهة التصعيد الإسرائيلي

تحذيرات مصرية للبنان: مهلة أسابيع لنزع سلاح حزب الله أو مواجهة التصعيد الإسرائيلي

تكشف اللحظة الراهنة في لبنان عن رسائل خارجية تحذر من تصعيد وشيك، وتهدد بـ«نموذج غزة» إذا لم يستسلم لبنان. فالخلية التي عملت مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب على صياغة خطة غزة تحت عنوان «الاستسلام أو الجحيم» هي نفسها التي تدعي اليوم سعيها لاحتواء العاصفة الإسرائيلية المقبلة، عبر الادعاء بأن الوسطاء يوفرون قارب نجاة للبنانيين المحكومين بالجحيم نفسه إذا رفضوا التسليم.

زيارة وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي لبيروت أمس، بعد شهر من زيارة مدير المخابرات المصرية اللواء حسن رشاد، وما بينهما من حركة دبلوماسية أميركية – سعودية – فرنسية، عكست زيادة في لهجة التهديد بتدهور الأوضاع في لبنان.

وعلى طريقة تعاطي ترامب مع «حماس» قبل توقيع اتفاق غزة، نقل عبد العاطي إلى بيروت رسالة تهديد واضحة ومباشرة، وفق مصادر رفيعة المستوى، «بعدما وصلت إلى المعنيين في لبنان، قبل أيام، معلومات عن مبادرة مصرية تقوم على تجميد وظيفة السلاح والتعهد بعدم القيام بأي أعمال عدائية ضد إسرائيل، مقابل بدء الانسحاب من بعض النقاط التي احتلها العدو والإفراج عن عدد من الأسرى، تمهيداً للمسار التفاوضي، وهو ما سبق أن أبلغه اللواء حسن رشاد للمسؤولين اللبنانيين».

لكن المسؤولين اللبنانيين فوجئوا بأن ما حمله عبد العاطي كان مختلفاً، ومتقدماً خطوة في دعم المطلب الإسرائيلي، إذ انتقل الوزير المصري من مبدأ «تجميد السلاح» إلى «نزع السلاح» في كل لبنان، على أن يبدأ التنفيذ فوراً في المنطقة الممتدة من جنوب الليطاني حتى نهر الأولي.

وفي زيارته التي وصفتها المصادر بأنها «غير موفقة»، تحدث عبد العاطي بلا مواربة أمام من التقاهم، قائلاً إن «على لبنان أن يبدأ بنزع السلاح شمال الليطاني، وإن المطلوب لبنانياً إيجاد مخرج عملي مع حزب الله، يبدأ على الأقل بإعلان نوايا واضح من الحزب بالاستعداد لتسليم السلاح». كما وجه «دعوة للتفاوض المباشر مع الإسرائيليين في القاهرة»، محذراً من «تصعيد إسرائيلي صار محتوماً قبل نهاية العام الجاري».

وقد شكل كلام الضيف المصري مفاجأة للمسؤولين اللبنانيين، إذ «كان متوقعاً منه كوسيط أن يقدم شيئاً للبنان بالمقابل، لكنه بدا داعماً للمطالب الإسرائيلية بنزع السلاح قبل أي اتفاق». وقد عبر رئيس الجمهورية جوزيف عون عن استغرابه أمام محيطه قائلاً، إن عبد العاطي «لم يحمل معه أي جواب على مبادرة لبنان، بل جاء بمزيد من المطالب». ورد عون على ضيفه مؤكداً أن «لبنان ملتزم بكامل مندرجات اتفاق وقف الأعمال العدائية، والجيش اللبناني ماض في تنفيذ خطته لحصر السلاح بيد الدولة، على مراحل، ويطلع مجلس الوزراء على تفاصيلها».

ونقل عبد العاطي الرسالة نفسها إلى رئيسَي مجلس النواب نبيه بري والحكومة نواف سلام، مؤكداً أن «لا حدود للتصعيد الذي قد تلجأ إليه إسرائيل»، في حين سمع من بري الكلام نفسه عن التزام لبنان بالاتفاق وما يقوم به الجيش اللبناني.

وفي عشاء أول من أمس، استضافه السفير المصري علاء موسى، ودعي إليه عدد من النواب المستقلين والتغييريين ومن كتل نيابية مختلفة، وغاب عنه ممثلون عن كتلة «الوفاء للمقاومة» والكتائب والمردة، نقل عبد العاطي الأجواء الإقليمية والدولية التحذيرية ذاتها، مؤكداً أن «الخوف على لبنان كبير، وأن الوضع قد يتدهور سريعاً».

وبحسب معلومات «الأخبار»، ركز عبد العاطي على ثلاث نقاط رئيسية، هي «سحب السلاح بالكامل جنوب الليطاني، والبدء بنزعه من شمال الليطاني مع الالتزام بعدم القيام بأي عمل عدائي تجاه إسرائيل، ثم الدخول في مفاوضات مباشرة مع إسرائيل في القاهرة برعاية سعودية – أميركية». وقد حرص الوزير المصري على أن يسمع الحاضرون قوله بصوت مرتفع: «لقد ناقشت الأمر مع مسؤولين إسرائيليين، وأبلغوني بأنهم اتخذوا قراراً بتنفيذ ضربة ضد لبنان لن تقتصر على الهجوم الجوي فقط، بل تشمل أيضاً عملية برية وضرب أهداف بالمئات».

واعتبرت أوساط مطلعة أن الدبلوماسية المصرية المكثفة تجاه بيروت وممارسة هذا الضغط مرتبطتان بالهواجس المصرية من احتمال أن يؤدي أي تصعيد إسرائيلي ضد لبنان إلى تصعيد مواز في غزة، قد يهدد اتفاق غزة ويعيد إلى الواجهة مشاريع تخشاها مصر، ولا سيما تهجير الفلسطينيين من القطاع إلى سيناء، أو دخول قادة من حماس إلى القاهرة، مع حدوث مناوشات على الحدود تجبر مصر على الرد، ما يضع الجبهة أمام خطر الانفجار.

وهذا يعني أن القاهرة تسعى من خلال «التهدئة في لبنان» إلى حماية الاتفاق في غزة وحفظ مصالحها الإقليمية، علماً أن وزير الخارجية المصري لدى سؤاله عن احتمال إرسال قوات مصرية إلى غزة، أكد أن «ذلك غير وارد، وأن مصر ستضع قواتها على الحدود مع غزة لحمايتها من الجانبين».

وفي السياق نفسه، ساد التكتم أجواء السفارة المصرية في لبنان، وكذلك حزب الله، بشأن لقاء جرى الحديث عنه بين الجانبين بعيداً عن الإعلام.

أعلن مستشار المرشد الأعلى في إيران علي أكبر ولايتي أنّ «وجود حزب الله بات بالنسبة إلى لبنان أهمّ من الخبز اليومي». وقال إن الحزب «كان مُنقِذاً للشعب اللبناني، وإيران ستواصل دعمه»، مضيفاً أنّ «اعتداءات إسرائيل تُظهِر النّتائج الكارثيّة لنزع سلاحه بالنسبة إلى لبنان». وكان الحرس الثوري الإيراني أصدر بياناً عقب عملية اغتيال القائد الجهادي هيثم الطبطبائي في الضاحية الجنوبية الأحد الماضي، أكّد فيه أن «المقاومة ستردّ على ما قامت به إسرائيل»، وكرّر تحذير إسرائيل من الحرب.

أرجأت لجنة الـ«ميكانيزم» اجتماعاً لها كان مُقرّراً إلى ما بعد انتهاء زيارة البابا لاوون الرابع عشر للبنان الأسبوع المقبل، على أن تشارك فيه المبعوثة الأميركية مورغان أورتاغوس، فيما تواصل إسرائيل تهديد لبنان بجولة قتال جديدة ما لم يسلّم حزب الله سلاحه. فقد أكّد وزير الحرب الإسرائيلي يسرائيل كاتس أمس أنه «إذا لم يسلّم حزب الله سلاحه، فلا مفر من العمل مجدّداً بقوة في لبنان». وأشار إلى أن «الأميركيين ألزموا حزب الله بالتخلّي عن سلاحه حتى نهاية العام، ولا أرى أن هذا سيحدث»، مضيفاً: «لا أعتقد أنه سيتخلى عن سلاحه طوعاً»، لافتاً إلى «إمكانية إعادة النظر» في اتفاقية الحدود البحرية مع لبنان.

وقدّم تقرير موسّع صادر عن مركز «ألما» الإسرائيلي، المرتبط بمصادر استخباراتية، «صورة قاتمة» على حدّ وصفه لواقع الدولة اللبنانية ووضع حزب الله «بعد عام على الحرب الإسرائيلية التي استهدفت البنية العسكرية للحزب في الجنوب وألحقت بها خسائر كبيرة». وأكّد التقرير أن لبنان بات يعمل «كقشرة فارغة، بينما يواصل حزب الله تثبيت حضوره كدولة داخل الدولة»، مشيراً إلى أن الحزب «يمتلك حالياً ما بين 15 و20 ألف صاروخ وقذيفة، بينها صواريخ دقيقة»، وقدّر المركز أن هذا العدد هو «ما تبقّى من مخزون أصلي كان يبلغ نحو 75 ألف صاروخ»، وأن الحزب «نقل مركز ثقله اللوجستي إلى البقاع، مع الاعتماد على التصنيع المحلي والأنفاق لتجاوز استهداف خطوط الإمداد»، مؤكّداً أن الحزب «أقوى اقتصادياً وعسكرياً من الدولة اللبنانية نفسها».

وفي تقرير حول «الوضع الداخلي في لبنان»، قدّم رئيس الأركان أيال زامير تَقْديراً مفاده أن «فرص نجاح لبنان في تجريد حزب الله من سلاحه ضئيلة للغاية، بل تكاد تكون معدومة». وأضاف التقرير أن «حزب الله، رغم الضربة القاسية التي تلقّاها من الجيش، يمكنه بسهولة إن أراد السيطرة مجدّداً على لبنان، وأن الأمر يرتبط فقط بقرار يتّخذه الحزب نفسه».

مشاركة المقال: