الثلاثاء, 18 نوفمبر 2025 02:58 PM

تحقيقات مجازر الساحل والسويداء: هل تسعى دمشق لطيّ الملفات بتهمة "جنحة"؟

تحقيقات مجازر الساحل والسويداء: هل تسعى دمشق لطيّ الملفات بتهمة "جنحة"؟

أثارت النتائج الأولية لتحقيقات السلطات الانتقالية في سوريا حول مجازر السويداء التي وقعت في تموز الماضي، والتي اتُهمت بها فصائل تابعة أو مرتبطة بالسلطات، بالإضافة إلى إعلان بدء "المحاكمات العلنية لمرتكبي الانتهاكات في الساحل" (في إشارة إلى مجازر آذار الماضي)، ردود فعل متباينة. يأتي ذلك وسط تشكيك في جدية هذه الإجراءات، التي يُنظر إليها على أنها جزء من حملة إعلامية لتوطيد حكم السلطات، خاصةً مع اعتبار المجازر مجرد "جنحة" بسيطة.

ذكر حاتم النعسان، رئيس اللجنة المكلفة بالتحقيق في مجازر السويداء، في مؤتمر صحفي، أن اللجنة طلبت تمديد عملها لشهرين إضافيين بسبب عدم تمكنها من دخول مناطق عديدة في السويداء الخاضعة لإدارة ذاتية. وأشار إلى أن اللجنة استمعت إلى 800 شهادة، وتقدمت بطلب قانوني لتوقيف عناصر من الجيش والأمن ثبت ارتكابهم انتهاكات بناءً على التحقيقات ومقاطع الفيديو من وسائل التواصل الاجتماعي.

نفى النعسان اشتراك فصائل أجنبية في المجازر، موضحًا أن "بعض الأشخاص من المقاتلين الأجانب انضموا بشكل عشوائي أو فردي إلى مدينة السويداء، ولم تكن هناك فرقة مقاتلة أجنبية دخلت إلى مدينة السويداء". أثارت تصريحاته ردود فعل متباينة، حيث اعتبرها البعض محاولة للدفاع عن الفصائل الأجنبية والسلطات الانتقالية، بينما رأى آخرون أن النتائج مشابهة لتلك التي خرجت بها اللجنة المكلفة بمجازر الساحل، والتي اعتبرت ما جرى "محاولة انقلاب".

تجدر الإشارة إلى أن لجنة الأمم المتحدة بشأن سوريا خلصت في تقريرها إلى أن ما شهده الساحل "قد يرقى إلى مستوى جرائم الحرب".

استندت الانتقادات إلى اعتراف اللجنة بعدم دخولها إلى السويداء، وأنها مُشكَّلة من قبل السلطات المتهمة بالوقوف وراء المجازر، مما يفقد تقريرها الحيادية والموضوعية. زارت لجنة الأمم المتحدة السويداء ثلاث مرات وأجرت لقاءات عديدة، ولا تزال تتابع التحقيقات في المجازر التي خلفت آثارًا كارثية ودفعت السويداء نحو إسرائيل، التي رعت إقامة الإدارة الذاتية في المحافظة.

في سياق متصل، نفت وكالة الأنباء الأردنية (بترا) ما أوردته وسائل إعلام مقرّبة من السلطات الانتقالية حول وصول وفد من السويداء إلى الأردن لبدء مباحثات في إطار المبادرة الثلاثية بين الولايات المتحدة والأردن وسوريا لحل أزمة السويداء، والتي أُطلق عليها اسم "خارطة طريق". وأكدت الوكالة أن الأردن يواصل جهوده لمعالجة الأزمة وتعزيز الاستقرار في جنوب سوريا ضمن "خارطة الطريق"، والتي تشمل زيارة مرتقبة لأهالي السويداء إلى الأردن.

تأتي هذه التطورات في وقت يشهد فيه خطوط التماس بين الفصائل المحلية الدرزية في السويداء، والتي باتت تحمل اسم "الحرس الوطني"، وتلك التابعة للسلطات الانتقالية والمرتبطة بها، تصعيدًا متواصلًا، مع اعتماد الأخيرة المتزايد على الطائرات المُسيّرة في تنفيذ الهجمات على المحافظة التي تعيش تحت حصار مُطبق تسبب بأزمة معيشية متفاقمة.

أثار الإعلان عن بدء المحاكمة العلنية لمرتكبي "انتهاكات الساحل السوري" ردود فعل مشابهة، في ظل الانتقادات الحادة والمستمرة لتقرير اللجنة التي حققت في مجازر الساحل. يترقب الشارع السوري وقائع المحاكمة التي أعلن رئيس أحداث الساحل، جمعة العنزي، انطلاقها، معتبرًا إياها "لحظة فارقة" للوقوف على المنحى الذي ستسير فيه السلطات، خاصةً مع وجود مقاتلين أجانب بين المتورطين. من شأن المحاكمة العلنية لهؤلاء أن تفتح الباب على مصراعيه أمام اقتتال داخلي، في ظل توافر جميع العوامل المساعدة على هذا الانفجار.

بشكل عام، يشير استعجال السلطات الانتقالية إقفال هذين الملفين إلى تعويلها على استثمار الانفتاح الأميركي والاحتضان الأوروبي لتشجيع استقدام استثمارات حقيقية في السوق السورية، لما لهذه الاستثمارات من أثر كبير في توطيد حكمها.

مشاركة المقال: