الأربعاء, 6 أغسطس 2025 02:07 PM

تحليل زيارة المسؤولين السوريين لموسكو: هل تهدف روسيا إلى تقاسم النفوذ في سوريا؟

تحليل زيارة المسؤولين السوريين لموسكو: هل تهدف روسيا إلى تقاسم النفوذ في سوريا؟

رامي الشاعر

يبذل إعلاميون وسياسيون عرب وأجانب جهودًا مضنية في محاولة لفهم أسباب ونتائج الزيارة التي قام بها وزيرا الخارجية والدفاع السوريين إلى موسكو. وقد كان استقبال الرئيس بوتين لوزير الخارجية السوري السيد أسعد الشيباني لافتًا من الناحية الدبلوماسية، مما يشير إلى مستوى جيد من التوافق بين البلدين.

من بين التفسيرات المطروحة، والتي نعتقد أن جزءًا كبيرًا منها يفتقر إلى النزاهة، الادعاء بأن هدف روسيا من استقبال المسؤولين السوريين بهذا المستوى الرفيع هو ما يسمى بـ "تقاسم النفوذ" داخل سوريا. ويفسرون ذلك بأن اهتمام روسيا يقتصر على منطقة معينة من سوريا، وعلى وجود عسكري فيها. بل يذهب البعض إلى أبعد من ذلك بالقول إن موضوع تقسيم سوريا بات أمرًا واقعًا، وأن الروس يسعون للحصول على حصة لهم من الكعكة!

هذه التفسيرات ليست بريئة على الإطلاق، لأنها تتعارض بشكل مباشر مع مصالح كل من روسيا وسوريا، وتخدم المشروع الإسرائيلي في منطقة الشرق الأوسط بأكملها، والذي يسعى إلى التقسيم وإلى دفع أبناء المنطقة وأبناء سوريا للاقتتال فيما بينهم.

أود أن أطمئن إخوتي السوريين بأن الموقف الروسي فيما يتعلق بوحدة الأراضي السورية ووحدة الشعب السوري وإدانة ورفض الاعتداءات الإسرائيلية هو موقف ثابت ومبدئي ولا يمكن تغييره بأي حال من الأحوال. وهو نابع ليس فقط من العلاقة التاريخية القديمة بين البلدين والشعبين، بل أيضًا من إصرار روسيا ومعها حلفاؤها على المستوى الدولي، وعلى رأسهم الصين، على تكريس سيادة القانون الدولي ومنع عمليات البلطجة التي يحاول الغرب الجماعي فرضها على العالم. هذا الموقف يصب أيضًا في صميم المصلحة الاستراتيجية لروسيا، لأن الدفع باتجاه تقسيم سوريا وإبقائها في حالة فوضى يهدد جميع شركائها وحلفائها في المنطقة، وعلى رأسهم السعودية وتركيا ومصر وإيران والعراق ولبنان، ويهدد روسيا أيضًا.

لذلك كله، فإن ما تسعى إليه روسيا في علاقاتها مع سوريا هو الدفع باتجاه الاستقرار ووحدة الأراضي السورية والشعب السوري. وقد أوضح وزير الخارجية الروسي السيد لافروف هذا الأمر بشكل كامل لضيوفه السوريين، وكذلك فعل الرئيس بوتين.

كما أنني أرى أن الوصول إلى استقرار حقيقي في سوريا لا يمكن أن يتم عبر الحلول الأمنية، بل حصراً عبر الحل السياسي المستند إلى ما احتواه قرار مجلس الأمن الدولي 2254 مع بعض التعديل عبر مؤتمر وطني عام يجمع كل السوريين ليتفقوا على مستقبل بلادهم بشكل توافقي ومشترك.

وقد لمست روسيا رغبة لدى القيادة الجديدة في دمشق في الدفع باتجاه الاستقرار، وهذا أمر جيد ينبغي أن يتم استكماله بالأفعال الملموسة التي تصب في مصلحة سوريا وشعبها، وبينها الإنهاء الفوري لكل أشكال التحريض الطائفي أو الحالات الحربية أو الصعوبات الاقتصادية والإنسانية في السويداء أو في الأماكن الأخرى في سوريا.

شركاؤنا الأتراك يسعون بدورهم لدفع سوريا نحو الاستقرار، وهنالك تفاهم عال بين روسيا وتركيا حول ما ينبغي عمله في هذا المجال، وهناك توافق على أن المشاركة السياسية الحقيقية هي المدخل الوحيد نحو الاستقرار الفعلي.

مرة أخرى، أطمئن إخوتي السوريين أن التقسيم في سورية لن يحصل تحت أي ظرف كان، وروسيا وحلفاؤها لن يسمحوا بحدوث ذلك أياً تكن التكاليف، وأوجه نصيحة أخوية للقيادة الجديدة في سوريا التي أعتقد أنها راغبة حقاً في استقرار البلاد، هي أن يمدوا يدهم إلى كل السوريين، بقواهم السياسية والاجتماعية وبأسرع وقت ممكن، لأن العمل من أجل وحدة سوريا، ينطلق من العمل من أجل توحيد السوريين.

اخبار سورية الوطن 2_وكالات _راي اليوم

مشاركة المقال: