أطلق أهالي مدينة تدمر في ريف حمص الشرقي مبادرة واسعة النطاق تهدف إلى جمع الأسلحة غير المرخصة وحصرها في يد الدولة فقط، تحت شعار "معاً لأجل تدمر آمنة". ودعا القائمون على الحملة جميع المواطنين إلى المساهمة الفعالة في تعزيز الأمن والاستقرار في المدينة التي عانت لسنوات من الحرب والدمار والفوضى.
تأتي هذه الحملة كمبادرة مدنية تطوعية، تؤكد أن الحفاظ على الأمن ليس مسؤولية طرف واحد، بل هو واجب وطني مشترك. ويؤكد القائمون عليها أن وجود السلاح خارج إطار القانون يهدد أمن السكان ويعرض مستقبل المدينة للخطر، داعين إلى تغليب مصلحة تدمر ودعم جهود الأجهزة الأمنية في فرض النظام وبسط سلطة الدولة، باعتبارها الحامي الشرعي لجميع المواطنين.
تسريع العدالة الانتقالية ومواجهة الانفلات الأمني
أكد الناشط المدني محمد بهاء الدين، في حديث صحفي، على أهمية هذه الحملة في ضبط الأمن العام داخل المدينة. وأوضح أن الهدف الأساسي هو "حصر السلاح بيد الدولة، ووضع حد للسلاح غير المرخص الذي يستخدم في عمليات الانتقام أو الجريمة". وأشار إلى أن نجاح هذه الحملة قد يساهم بشكل كبير في تسريع عملية العدالة الانتقالية في المنطقة، موضحاً أن الحديث هنا عن "عدالة تحفظ الحقوق وتعيد بناء الثقة بين المواطنين والدولة، وليس عن انتقام شخصي أو سياسي".
وحذّر بهاء الدين من قيام بعض الشخصيات أو الجهات المعروفة بولائها للنظام السوري باستخدام السلاح بشكل سري أو إخفائه بعيداً عن أيدي الجهات الرقابية، ما قد يشكل خطراً حقيقياً على استقرار المدينة إذا لم يتم التعامل معه بجدية. وشدد على أن "عدم حصر السلاح بيد الدولة يؤدي إلى فوضى أمنية وصراعات داخلية، وهو ما لا يمكن التسامح معه في مرحلة إعادة الإعمار والبناء التي تحتاج إلى تعاون الجميع".
إنهاء الفلتان الأمني وسط تحديات كبيرة
من جانبه، أوضح عبدالله العبد الكريم، المسؤول الإعلامي في الإدارة المدنية بمدينة القريتين، الأهداف الرئيسية للحملة، قائلاً:
- "المطلوب قبل كل شيء هو وقف التجاوزات الأمنية التي تنجم عن حمل السلاح بشكل عشوائي وغير قانوني داخل المدينة".
- "العمل على حصر السلاح بيد الدولة والالتزام بالقوانين التي تصدر عنها، باعتبارها الجهة الوحيدة المخولة باستخدام القوة".
- "منع الانفلات الأمني الذي تمارسه بعض العناصر المسلحة التي تفتقر إلى الرقابة والانضباط، وتُصعِّب الحياة اليومية للمواطنين".
وحول تأثير الحملة على الوضع الأمني في تدمر وريف حمص الشرقي، أوضح العبد الكريم أن "الحملة ستنعكس إيجابياً على الواقع الأمني، حيث سيؤدي حصر السلاح بيد الدولة إلى تقليل معدلات الجريمة وتحقيق حالة من الاستقرار والأمان".
لكنه لم ينف وجود تحديات كبيرة قد تواجه الحملة في طريقها نحو تحقيق أهدافها، مشيراً إلى أنها "ستحتاج إلى دعم حقيقي من المؤسسات الأمنية والمجتمع المحلي". وأبرز التحديات التي ذكرها:
- وجود عناصر مسلحة منفلتة تحمل بطاقات عسكرية دون أن تكون منتمية لأي تشكيلات نظامية.
- الانتشار الأمني المحدود في منطقة البادية مقارنة بالمناطق الأخرى.
- غياب الحملات الأمنية الفعلية التي تهدف إلى حصر السلاح منذ فترة طويلة.
وقال العبد الكريم: "رغم هذه التحديات، فإن الحملة تحمل بذرة أمل، ونجاحها مرتبط بإرادة مجتمعية وسياسية حقيقية تقودها الدولة وتدعمها القوى المحلية".
تدمر تحتاج إلى وحدة الصف وقوة القرار
وفي ظل هذا الواقع، تبدو حملة جمع السلاح في تدمر محاولة جادة لإعادة بناء الثقة بين المواطن والدولة، وإعادة ترتيب البيت الداخلي للمدينة التي كانت ولا تزال رمزاً للتاريخ والحضارة. ورغم الصعوبات والعراقيل التي قد تعترض الطريق، إلا أن أبناء تدمر يؤكدون أنهم على قلب واحد في السعي نحو مستقبل آمن، يحميه القانون.