الأحد, 4 مايو 2025 04:46 AM

تراجع طموحات الحرية: سوريا تتقدم مركزين فقط في مؤشر حرية الصحافة 2025

تراجع طموحات الحرية: سوريا تتقدم مركزين فقط في مؤشر حرية الصحافة 2025

كان سقوط نظام "بشار الأسد" بمثابة نقطة تحول حاسمة للصحفيين في "سوريا"، حيث بشر بفرصة طال انتظارها للحرية والعمل دون قيود السلطة ومخاطر مواجهة أجهزتها الأمنية.

بينما احتلت "سوريا" في عام 2024 المرتبة 179 من أصل 180 دولة في مؤشر حرية الصحافة الذي تنشره منظمة سنويًا بمناسبة اليوم العالمي للصحافة، إلا أنها اليوم، وبعد حوالي 6 أشهر من سقوط النظام، لم تتقدم سوى مركزين لتحتل المرتبة 177 عالميًا والأخيرة عربيًا من حيث "حرية الصحافة". كان الأمل في تحقيق حرية الصحافة في ذروته خلال الأيام الأولى لسقوط النظام، عندما تنفس العاملون في مجال الصحافة داخل البلاد الصعداء بعد عقود من التضييق والقمع والترهيب والحظر ومصادرة الحريات والاعتقالات وغيرها من الممارسات التي اعتاد عليها نظام "الأسد" ضد الصحفيين.

إلا أن لحظات فراغ السلطة بعد سقوط النظام وما نتج عنها من حرية عامة سرعان ما انتهت، وبدأت تظهر محاذير جديدة وخطوط حمراء من نوع آخر على الصحفيين السوريين وغير السوريين داخل البلاد. بدأت السلطات الجديدة بتمييز واضح لصالح الصحفيين والناشطين الإعلاميين الذين عملوا في مناطق شمال سوريا قبل سقوط النظام، على حساب الصحفيين الذين كانوا يقيمون في المناطق الخاضعة لسيطرة النظام، بالإضافة إلى فرض الحصول على موافقات مسبقة لمنح الإذن بالعمل الصحفي والتصوير، بحيث يكون المنتج خاضعًا لرقابة السلطة الإعلامية الجديدة.

بينما تعرضت مؤسسات إعلامية مثل جريدة "الوطن" للسيطرة عليها من قبل السلطات وتحويلها إلى جريدة رسمية، بالإضافة إلى السيطرة على إذاعة "شام إف إم" وتغيير إدارتها وإدارة صفحاتها على وسائل التواصل الاجتماعي. في المقابل، تمكنت وسائل إعلام كانت ممنوعة من دخول البلاد في عهد النظام البائد من الحضور وافتتاح مقراتها في العاصمة، وفي مقدمتها تلفزيون "سوريا" الذي بات يعتبر بمثابة التلفزيون الرسمي في ظل استمرار غياب بث التلفزيون السوري كمصدر رسمي للأخبار، بينما أعلن وزير الإعلام "حمزة المصطفى" أنه سيتم بدء بث قناة "الإخبارية السورية" في الخامس من أيار الجاري.

وفي وقت سابق، قال عدد من الصحفيين إنهم استُدعوا إلى وزارة الإعلام، وعندما راجعوا الوزارة، كان الحديث أقرب إلى التحقيق في أعمالهم الصحفية، وهو أمر يهدد حرية العمل الصحفي ويخضع الصحفيين لنوع من الرقابة المستمرة التي تتحرك في حال نشر أي محتوى لا يلائم توجهات الجهات الرسمية. في غضون ذلك، كشفت مصادر مطلعة لـ سناك سوري أنه تم فصل صحفيين من عملهم بسبب منشورات على وسائل التواصل الاجتماعي انتقدوا فيها ما حدث في الساحل السوري. بالإضافة إلى ذلك، مُنحت أعداد كبيرة من العاملين في الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون ومراكزها في المحافظات إجازات قسرية على غرار مؤسسات عامة أخرى ضمن خطة لإعادة الهيكلة وتخفيض أعداد الموظفين.

تجدر الإشارة إلى أن أحداث الساحل شهدت منعًا للصحفيين من دخول مناطق المواجهات باستثناء المراسلين المرافقين للقوات الأمنية الذين نقلوا الرواية الرسمية فقط لما حدث.

ويتكرر الأمر اليوم مع التطورات الجارية في "جرمانا" و"صحنايا" و"السويداء"، حيث لا يوجد حضور إعلامي يغطي الحدث إلا عبر مرافقة القوى الأمنية وتقديم الرواية الرسمية، في مقابل نقل رواية أخرى عبر صفحات وسائل التواصل الاجتماعي وما يحمله ذلك من مخاطر تتعلق بالمصداقية وخطاب الكراهية والتحريض بعيدًا عن المهنية التي من المفترض أن تتسم بها الرسالة الصحفية. وقد تعرض الصحفيان "أكرم صالح" و"جودي حاج علي" من القناة الثامنة العراقية الكردية للتوقيف أثناء تغطيتهما الميدانية لأحداث "أشرفية صحنايا" بريف "دمشق"، وتم الإفراج عنهما بعد ساعات، حيث قال مسؤول العلاقات الإعلامية في وزارة الإعلام "علي الرفاعي" إنه تم توقيفهما بشكل خاطئ من قبل إحدى الجهات الأمنية، فيما تحركت الوزارة مباشرة للإفراج عنهما.

لا يزال العاملون في الصحافة السورية يأملون بغد أفضل من حيث حرية التعبير والعمل الإعلامي، بالتوازي مع ضبط النشاط الإعلامي مهنيًا بوضع ميثاق شرف يضبط المحتوى بأخلاقيات المهنة ويحول دون انتهاكات البعض للمهنية في محتواهم. واقترح صحفيون أعدوا ورقة غير علنية عن واقع الصحافة في سوريا أن تعيد السلطات السورية النظر في الإجراءات المرتبطة بالعمل الصحفي بما يضمن:

  • ضمان حرية العمل الصحفي في البلاد
  • إلغاء التعامل بأذونات العمل وأي شيء من توجيهات تدعو للحصول على الموافقات المسبقة للتغطية
  • حيادية السلطات تجاه وسائل الإعلام ومنع التمييز بين الصحفيين على أي أسس كانت باستثناء التمييز الإيجابي للصحفيات النساء
  • اعتماد مبدأ علم وخبر في عمل وسائل الإعلام السورية بحيث لا تكون الوسيلة بحاجة لأكثر من إخطار لوزارة الإعلام بعملها دون الحاجة لموافقة عليه
  • حماية حقوق الصحفيين ومنع الفصل التعسفي وإعادة المفصولين لعملهم
مشاركة المقال: